responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 434
قَوْلِهِ: وَشَرَوْهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا إِلَى الْإِخْوَةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُمْ بَاعُوهُ فَوَجَبَ حَمْلُ هَذَا الشِّرَاءِ عَلَى الْبَيْعِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ بَائِعَ يُوسُفَ هُمُ الَّذِينَ اسْتَخْرَجُوهُ مِنَ الْبِئْرِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: رَبُّكَ أَعْلَمُ أإخوته باعوه أم السيارة، وهاهنا قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ مِنَ الشِّرَاءِ نَفْسُ الشِّرَاءِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَوْمَ اشْتَرَوْهُ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ، لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا بِقَرَائِنِ الْحَالِ أَنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ كَذَّابُونَ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّهُ عَبْدُنَا وَرُبَّمَا عَرَفُوا أَيْضًا أَنَّهُ وَلَدُ يَعْقُوبَ فَكَرِهُوا شِرَاءَهُ خَوْفًا مِنَ اللَّه تَعَالَى، وَمِنْ ظُهُورِ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ، إِلَّا أَنَّهُمْ مَعَ ذَلِكَ اشْتَرَوْهُ بِالْآخِرَةِ لِأَنَّهُمُ اشْتَرَوْهُ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ مَعَ أَنَّهُمْ أَظْهَرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَوْنَهُمْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ، وَغَرَضُهُمْ أَنْ يَتَوَصَّلُوا بِذَلِكَ إِلَى تَقْلِيلِ الثَّمَنِ، وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْإِخْوَةَ لَمَّا قَالُوا: إِنَّهُ عَبْدُنَا أَبَقَ صَارَ الْمُشْتَرِي عَدِيمَ الرَّغْبَةِ فِيهِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: وَكَانُوا يَقُولُونَ اسْتَوْثِقُوا مِنْهُ لِئَلَّا يَأْبَقَ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ ذَلِكَ الثَّمَنَ بِصِفَاتٍ ثَلَاثٍ.
الصِّفَةُ الْأُولَى: كَوْنُهُ بَخْسًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ حَرَامًا لِأَنَّ ثَمَنَ الْحُرِّ حَرَامٌ، وَقَالَ كُلُّ بَخْسٍ فِي كِتَابِ اللَّه نُقْصَانٌ إِلَّا هَذَا فَإِنَّهُ حَرَامٌ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ سَمَّوُا الْحَرَامَ بَخْسًا لِأَنَّهُ نَاقِصُ الْبَرَكَةِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: بَخْسٌ ظُلْمٌ وَالظُّلْمُ نُقْصَانٌ يُقَالُ ظَلَمَهُ أَيْ نَقَصَهُ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالشَّعْبِيُّ قَلِيلٌ وَقِيلَ: نَاقِصٌ عَنِ الْقِيمَةِ نُقْصَانًا ظَاهِرًا، وَقِيلَ كَانَتِ الدَّرَاهِمُ زُيُوفًا نَاقِصَةَ الْعِيَارِ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى: وَعَلَى الْأَقْوَالِ كُلِّهَا، فَالْبَخْسُ مَصْدَرٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الِاسْمِ، وَالْمَعْنَى بِثَمَنٍ مَبْخُوسٍ.
الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ قِيلَ تُعَدُّ عَدًّا وَلَا تُوزَنُ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَزِنُونَ إِلَّا إِذَا بَلَغَ أُوقِيَّةً، وَهِيَ الْأَرْبَعُونَ وَيَعُدُّونَ مَا دُونَهَا فَقِيلَ لِلْقَلِيلِ مَعْدُودٌ، لِأَنَّ الْكَثِيرَةَ يَمْتَنِعُ مِنْ عَدِّهَا/ لِكَثْرَتِهَا، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَتْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَعَنِ السُّدِّيِّ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا. قَالُوا وَالْإِخْوَةُ كَانُوا أَحَدَ عَشَرَ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَخَذَ دِرْهَمَيْنِ إِلَّا يَهُوذَا لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا.
الصِّفَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ وَمَعْنَى الزُّهْدِ قِلَّةُ الرَّغْبَةِ يُقَالُ زَهِدَ فُلَانٌ فِي كَذَا إِذَا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ وَأَصْلُهُ الْقِلَّةُ. يُقَالُ: رَجُلٌ زَهِيدٌ إِذَا كَانَ قَلِيلَ الطَّمَعِ، وَفِيهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ بَاعُوهُ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ. وَالثَّانِي: أَنَّ السَّيَّارَةَ الَّذِينَ بَاعُوهُ كَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ، لِأَنَّهُمُ الْتَقَطُوهُ وَالْمُلْتَقِطُ لِلشَّيْءِ مُتَهَاوِنٌ بِهِ لَا يُبَالِي بِأَيِّ شَيْءٍ يَبِيعُهُ أَوْ لِأَنَّهُمْ خَافُوا أَنْ يَظْهَرَ الْمُسْتَحِقُّ فَيَنْزِعُهُ مَنْ يَدِهِمْ، فَلَا جَرَمَ بَاعُوهُ بِأَوْكَسِ الْأَثْمَانِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوْهُ كَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ، وَقَدْ سَبَقَ تَوْجِيهُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: فِيهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عائد إِلَى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عائدا إلى الثمن البخس واللَّه أعلم.

[سورة يوسف (12) : آية 21]
وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)
وَفِيهِ مَسَائِلُ:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 434
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست