responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 424
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ نَسَبُوا أَبَاهُمْ إِلَى الضَّلَالِ الْمُبِينِ، وَذَلِكَ مُبَالَغَةٌ فِي الذَّمِّ وَالطَّعْنِ، وَمَنْ بَالَغَ فِي الطَّعْنِ فِي الرَّسُولِ كَفَرَ، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الطَّاعِنُ وَلَدًا فَإِنَّ حَقَّ الْأُبُوَّةِ يُوجِبُ مَزِيدَ التَّعْظِيمِ.
وَالْجَوَابُ: الْمُرَادُ مِنْهُ الضَّلَالُ عَنْ رِعَايَةِ الْمَصَالِحِ فِي الدُّنْيَا لَا الْبُعْدُ عَنْ طَرِيقِ الرُّشْدِ وَالصَّوَابِ.
السُّؤَالُ الرَّابِعُ: أَنَّ قَوْلَهُمْ: لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا مَحْضُ الْحَسَدِ، وَالْحَسَدُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْكَبَائِرِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ أَقْدَمُوا عَلَى الْكَذِبِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْحَسَدِ، وَعَلَى تَضْيِيعِ ذَلِكَ الْأَخِ الصَّالِحِ وَإِلْقَائِهِ فِي ذُلِّ الْعُبُودِيَّةِ وَتَبْعِيدِهِ عَنِ الْأَبِ الْمُشْفِقِ، وَأَلْقَوْا أَبَاهُمْ فِي الْحُزْنِ الدَّائِمِ وَالْأَسَفِ الْعَظِيمِ، وَأَقْدَمُوا عَلَى الْكَذِبِ فَمَا بَقِيَتْ خَصْلَةٌ مَذْمُومَةٌ وَلَا طَرِيقَةٌ فِي الشَّرِّ وَالْفَسَادِ إِلَّا وَقَدْ أَتَوْا بِهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ يَقْدَحُ فِي الْعِصْمَةِ وَالنُّبُوَّةِ.
وَالْجَوَابُ: الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْتُمْ، إِلَّا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَنَا عِصْمَةُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي وَقْتِ حُصُولِ النُّبُوَّةِ.
وَأَمَّا قَبْلَهَا فَذَلِكَ غير واجب واللَّه أعلم.

[سورة يوسف (12) : الآيات 9 الى 10]
اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ (9) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (10)
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا قَوِيَ الْحَسَدُ وَبَلَغَ النِّهَايَةَ قَالُوا لَا بُدَّ مِنْ تَبْعِيدِ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ: وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِأَحَدِ طَرِيقَيْنِ: الْقَتْلِ أَوِ التَّغْرِيبِ إِلَى أَرْضٍ يَحْصُلُ الْيَأْسُ مِنِ اجْتِمَاعِهِ مَعَ أَبِيهِ وَلَا وَجْهَ فِي الشَّرِّ يَبْلُغُهُ الْحَاسِدُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرُوا الْعِلَّةَ فِيهِ وَهِيَ قَوْلُهُمْ: يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَالْمَعْنَى أَنَّ يُوسُفَ شَغَلَهُ عَنَّا وَصَرَفَ وَجْهَهُ إِلَيْهِ فَإِذَا أُفْقِدَهُ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِالْمَيْلِ وَالْمَحَبَّةِ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ وَفِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ الَّذِي عَزَمُوا عَلَيْهِ مِنَ الْكَبَائِرِ فَقَالُوا: إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ تُبْنَا إِلَى اللَّه وَنَصِيرُ مِنَ القوم الصالحين. والثاني: أنه ليس المقصود هاهنا صَلَاحَ الدِّينِ بَلِ الْمَعْنَى يَصْلُحُ شَأْنُكُمْ عِنْدَ أَبِيكُمْ وَيَصِيرُ أَبُوكُمْ مُحِبًّا لَكُمْ مُشْتَغِلًا بِشَأْنِكُمْ.
الثَّالِثُ: الْمُرَادُ أَنَّكُمْ بِسَبَبِ/ هَذِهِ الْوَحْشَةِ صِرْتُمْ مشوشين لا تتفرغون لإصلاح مهم، فَإِذَا زَالَتْ هَذِهِ الْوَحْشَةُ تَفَرَّغْتُمْ لِإِصْلَاحِ مُهِمَّاتِكُمْ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ الَّذِي أَمَرَ بِالْقَتْلِ مَنْ كَانَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَعْضَ إِخْوَتِهِ قَالَ هَذَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ شَاوَرُوا أَجْنَبِيًّا فَأَشَارَ عَلَيْهِمْ بِقَتْلِهِ، وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ إِخْوَتِهِ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فَقَالَ وَهْبٌ: إِنَّهُ شَمْعُونُ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: رُوبِيلُ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَلِيقُ هَذَا بِهِمْ وَهُمْ أَنْبِيَاءُ؟
قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ مَنْ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي هَذَا الْوَقْتِ مُرَاهِقِينَ وَمَا كَانُوا بَالِغِينَ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ يَبْعُدُ مِنْ مِثْلِ نَبِيِّ اللَّه تَعَالَى يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَبْعَثَ جَمَاعَةً مِنَ الصِّبْيَانِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ إِنْسَانٌ عَاقِلٌ يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْقَبَائِحِ. وَأَيْضًا أَنَّهُمْ قَالُوا: وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ وهدا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ قَبْلَ التَّوْبَةِ لَا يَكُونُونَ صَالِحِينَ، وَذَلِكَ يُنَافِي كَوْنَهُمْ مِنَ الصِّبْيَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الصَّغَائِرِ، وَهَذَا أَيْضًا بَعِيدٌ لِأَنَّ إِيذَاءَ الْأَبِ الَّذِي هو نبي معصوم، والكذب معه وَالسَّعْيَ فِي إِهْلَاكِ الْأَخِ الصَّغِيرِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْكَبَائِرِ، بَلِ الْجَوَابُ الصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمْ مَا كَانُوا أَنْبِيَاءَ، وَإِنْ كَانُوا أَنْبِيَاءَ إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ إِنَّمَا أَقْدَمُوا عَلَيْهَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 424
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست