responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 399
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ يَدُلُّ ظَاهِرُهُ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْمَوْقِفِ لَا يَخْرُجُونَ عَنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ.
فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ فِي النَّاسِ مَجَانِينُ وَأَطْفَالٌ وَهُمْ خَارِجُونَ عَنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ؟
قُلْنَا: الْمُرَادُ مَنْ يُحْشَرُ مِمَّنْ أُطْلِقَ لِلْحِسَابِ وَهُمْ لَا يَخْرُجُونَ عَنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدِ احْتَجَّ الْقَاضِي بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى فَسَادِ مَا يُقَالُ إِنَّ أَهْلَ الْأَعْرَافِ لَا فِي الْجَنَّةِ وَلَا فِي النَّارِ فَمَا قَوْلُكُمْ فِيهِ؟
قُلْنَا: لَمَّا سُلِّمَ أَنَّ الْأَطْفَالَ وَالْمَجَانِينَ خَارِجُونَ عَنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ لِأَنَّهُمْ لَا يُحَاسَبُونَ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ أَصْحَابَ الْأَعْرَافِ خَارِجُونَ عَنْهُ لِأَنَّهُمْ أَيْضًا لَا يُحَاسَبُونَ، لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى عَلِمَ مِنْ حَالِهِمْ أَنَّ ثَوَابَهُمْ يُسَاوِي عَذَابَهُمْ، فَلَا فَائِدَةَ فِي حِسَابِهِمْ.
فَإِنْ قِيلَ: الْقَاضِي اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ حَضَرَ عَرْصَةَ الْقِيَامَةِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ ثَوَابُهُ زَائِدًا أَوْ يَكُونَ عِقَابُهُ زَائِدًا، فَأَمَّا مَنْ كَانَ ثَوَابُهُ مُسَاوِيًا لِعِقَابِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي الْعَقْلِ، إِلَّا أَنَّ هَذَا النَّصَّ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ.
قُلْنَا: الْكَلَامُ فِيهِ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ السَّعِيدَ هُوَ الَّذِي يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الثَّوَابِ، وَالشَّقِيَّ هُوَ الَّذِي يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعِقَابِ، وَتَخْصِيصُ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ أَكْثَرَ الْآيَاتِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْرِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ فَقَطْ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ ثَالِثٍ لَا يَكُونُ لَا مُؤْمِنًا وَلَا كَافِرًا مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَثْبَتَهُ، فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِ ذَلِكَ الثَّالِثِ عَدَمُهُ فَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا الثَّالِثِ عَدَمُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ الْآنَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ الْقِيَامَةِ بِأَنَّهُ سَعِيدٌ وَعَلَى بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ شَقِيٌّ، وَمَنْ حَكَمَ اللَّه عَلَيْهِ بِحُكْمٍ وَعُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ الْأَمْرُ امْتَنَعَ كَوْنُهُ بِخِلَافِهِ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يصير خبر اللَّه تعالى كذبا وعلمه جاهلا وَذَلِكَ مُحَالٌ فَثَبَتَ أَنَّ السَّعِيدَ لَا يَنْقَلِبُ شَقِيًّا وَأَنَّ الشَّقِيَّ لَا يَنْقَلِبُ سَعِيدًا، وَتَقْرِيرُ هَذَا الدَّلِيلِ مَرَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِرَارًا لَا تُحْصَى.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه فَعَلَى مَاذَا نَعْمَلُ عَلَى شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ أَمْ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يُفْرَغْ مِنْهُ؟ فَقَالَ: «عَلَى شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ يَا عُمَرُ وَجَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْأَقْدَارُ، وَلَكِنْ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ»
وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: نُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ:
فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ بِعَمَلِهِ وَسَعِيدٌ بِعَمَلِهِ.
قُلْنَا: الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ لَا يَدْفَعُ بِهَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَأَيْضًا فَلَا نِزَاعَ أَنَّهُ إِنَّمَا شَقِيَ بِعَمَلِهِ وَإِنَّمَا سَعِدَ بِعَمَلِهِ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْعَمَلُ حَاصِلًا بِقَضَاءِ اللَّه وَقَدَرِهِ كَانَ الدَّلِيلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ بَاقِيًا.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَسَّمَ أَهْلَ الْقِيَامَةِ إِلَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ شَرَحَ حَالَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَالَ: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ذَكَرُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الزَّفِيرِ وَالشَّهِيقِ وُجُوهًا:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: قَالَ اللَّيْثُ: الزَّفِيرُ أَنْ يَمْلَأَ الرَّجُلُ صَدْرَهُ حَالَ كَوْنِهِ فِي الْغَمِّ الشَّدِيدِ مِنَ النَّفَسِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ، وَالشَّهِيقُ أَنْ يُخْرِجَ ذَلِكَ النَّفَسَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لِلْفَرَسِ إِنَّهُ عَظِيمُ الزَّفْرَةِ أَيْ عَظِيمُ الْبَطْنِ وَأَقُولُ إن

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 399
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست