responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 392
اعْلَمْ أَنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا خَوَّفُوا شُعَيْبًا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْقَتْلِ وَالْإِيذَاءِ، حَكَى اللَّه تَعَالَى عَنْهُ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَهُوَ نَوْعَانِ من الكلام:
النوع الأول: قوله: يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْقَوْمَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ تَرَكُوا إِيذَاءَهُ رِعَايَةً لِجَانِبِ قَوْمِهِ. فَقَالَ: أَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تَتْرُكُونَ قَتْلِي إِكْرَامًا لِرَهْطِي، واللَّه تَعَالَى أولى أن يتبع أمره، فكأنه يقول: حفظتكم/ إِيَّايَ رِعَايَةً لِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى أَوْلَى مِنْ حِفْظِكُمْ إِيَّايَ رِعَايَةً لِحَقِّ رَهْطِي.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا فَالْمَعْنَى: أَنَّكُمْ نَسِيتُمُوهُ وَجَعَلْتُمُوهُ كَالشَّيْءِ الْمَنْبُوذِ وَرَاءَ الظَّهْرِ لَا يُعْبَأُ بِهِ. قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : وَالظِّهْرِيُّ مَنْسُوبٌ إِلَى الظَّهْرِ، وَالْكَسْرُ مِنْ تَغَيُّرَاتِ النَّسَبِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ فِي النِّسْبَةِ إِلَى الْأَمْسِ إِمْسِيٌّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَقَوْلُهُ: إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ يَعْنِي أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَحْوَالِكُمْ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ وَالْمَكَانَةُ الْحَالَةُ يَتَمَكَّنُ بِهَا صَاحِبُهَا مِنْ عَمَلِهِ، وَالْمَعْنَى اعْمَلُوا حَالَ كَوْنِكُمْ مَوْصُوفِينَ بِغَايَةِ الْمُكْنَةِ وَالْقُدْرَةِ وَكُلُّ مَا فِي وُسْعِكُمْ وَطَاقَتِكُمْ مِنْ إِيصَالِ الشُّرُورِ إِلَيَّ فَإِنِّي أَيْضًا عَامِلٌ بِقَدْرِ مَا آتَانِي اللَّه تَعَالَى مِنَ الْقُدْرَةِ.
ثُمَّ قَالَ: سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لِمَ لَمْ يَقُلْ «فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ» وَالْجَوَابُ: إِدْخَالُ الْفَاءِ وَصْلُ ظَاهِرٍ بِحَرْفٍ مَوْضُوعٍ لِلْوَصْلِ، وَأَمَّا بِحَذْفِ الْفَاءِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَالتَّقْدِيرُ: أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا فَمَاذَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: سَوْفَ تَعْلَمُونَ فَظَهَرَ أن حذف حرف الفاء هاهنا أَكْمَلُ فِي بَابِ الْفَظَاعَةِ وَالتَّهْوِيلِ. ثُمَّ قَالَ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ وَالْمَعْنَى: فَانْتَظِرُوا الْعَاقِبَةَ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ أَيْ مُنْتَظِرٌ، وَالرَّقِيبُ بِمَعْنَى الرَّاقِبِ مِنْ رَقَبَهُ كَالضَّرِيبِ وَالصَّرِيمِ بِمَعْنَى الضَّارِبِ وَالصَّارِمِ، أَوْ بِمَعْنَى الْمُرَاقِبِ كَالْعَشِيرِ وَالنَّدِيمِ، أَوْ بِمَعْنَى الْمُرْتَقِبِ كَالْفَقِيرِ وَالرَّفِيعِ بِمَعْنَى الْمُفْتَقِرِ وَالْمُرْتَفِعِ.

[سورة هود (11) : الآيات 94 الى 95]
وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (95)
رَوَى الْكَلْبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ: لَمْ يُعَذِّبِ اللَّه تَعَالَى أُمَّتَيْنِ بِعَذَابٍ وَاحِدٍ إِلَّا قَوْمَ شُعَيْبٍ وَقَوْمَ صَالِحٍ فَأَمَّا قَوْمُ صَالِحٍ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مِنْ تَحْتِهِمْ، وَقَوْمُ شُعَيْبٍ أَخَذَتْهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ/ وَقَوْلُهُ: وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ وَلَمَّا جَاءَ وَقْتُ أَمْرِنَا مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِتِلْكَ الصَّيْحَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْأَمْرِ الْعِقَابَ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَأَخْبَرَ اللَّه أَنَّهُ نَجَّى شُعَيْبًا وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِرَحْمَةٍ منه وفيه

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 392
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست