responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 347
الْمَاءَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيَكُونَ ذَلِكَ مُعْجِزَةً لَهُ، وَأَيْضًا/ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا نَبَعَ الْمَاءُ مِنْ أَعَالِي الْأَرْضِ، وَمِنَ الْأَمْكِنَةِ الْمُرْتَفِعَةِ فَشُبِّهَتْ لارتفاعها بالتنانير. الثالث: فارَ التَّنُّورُ أَيْ
طَلَعَ الصُّبْحُ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ علي رضي اللَّه عنه.
الرابع: فارَ التَّنُّورُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَشَدَّ الْأَمْرِ كَمَا يُقَالُ: حَمِيَ الْوَطِيسُ وَمَعْنَى الْآيَةِ إِذَا رَأَيْتَ الْأَمْرَ يَشْتَدُّ وَالْمَاءَ يَكْثُرُ فَانْجُ بِنَفْسِكَ وَمَنْ مَعَكَ إِلَى السَّفِينَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الأصح من هذه اقوال؟
قُلْنَا: الْأَصْلُ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَلَفْظُ التَّنُّورِ حَقِيقَةٌ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُخْبَزُ فِيهِ فَوَجَبَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ وَلَا امْتِنَاعَ فِي الْعَقْلِ فِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْمَاءَ نَبَعَ أَوَّلًا مِنْ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ تَنُّورًا.
فَإِنْ قِيلَ: ذَكَرَ التَّنُّورَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ مَعْهُودٌ سَابِقٌ مُعَيَّنٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ السَّامِعِ وَلَيْسَ فِي الْأَرْضِ تَنُّورٌ هَذَا شَأْنُهُ، فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إِذَا رَأَيْتَ الْمَاءَ يَشْتَدُّ نُبُوعُهُ وَالْأَمْرَ يَقْوَى فَانْجُ بِنَفْسِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ.
قُلْنَا: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ التَّنُّورَ كَانَ لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنْ كَانَ تَنُّورَ آدَمَ أَوْ حَوَّاءَ أَوْ كَانَ تَنُّورًا عَيَّنَهُ اللَّه تَعَالَى لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَرَّفَهُ أَنَّكَ إِذَا رَأَيْتَ الْمَاءَ يَفُورُ فَاعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ قَدْ وَقَعَ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى صَرْفِ الْكَلَامِ عَنْ ظَاهِرِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَعْنَى فارَ نَبَعَ عَلَى قُوَّةٍ وَشِدَّةٍ تَشْبِيهًا بِغَلَيَانِ الْقِدْرِ عِنْدَ قُوَّةِ النَّارِ وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ نَفْسَ التَّنُّورِ لَا يَفُورُ فَالْمُرَادُ فَارَ الْمَاءُ مِنَ التَّنُّورِ، وَالَّذِي رُوِيَ أَنَّ فَوْرَ التَّنُّورِ كَانَ عَلَامَةً لِهَلَاكِ الْقَوْمِ لَا يَمْتَنِعُ لِأَنَّ هَذِهِ وَاقِعَةٌ عَظِيمَةٌ، وَقَدْ وَعَدَ اللَّه تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ النَّجَاةَ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ عَلَامَةً بِهَا يَعْرِفُونَ الْوَقْتَ الْمُعَيَّنَ، فَلَا يَبْعُدُ جَعَلَ هَذِهِ الْحَالَةَ عَلَامَةً لِحُدُوثِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَالَ اللَّيْثُ: التَّنُّورُ لَفْظَةٌ عَمَّتْ بِكُلِّ لِسَانٍ وَصَاحِبُهُ تَنَّارٌ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ قَدْ يَكُونُ أَعْجَمِيًّا فَتُعَرِّبُهُ الْعَرَبُ فَيَصِيرُ عَرَبِيًّا، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ تَنَّارٌ وَلَا يُعْرَفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ تَنُّورٌ قَبْلَ هَذَا، وَنَظِيرُهُ مَا دَخَلَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ كَلَامِ الْعَجَمِ الدِّيبَاجُ وَالدِّينَارُ وَالسُّنْدُسُ وَالْإِسْتَبْرَقُ فَإِنَّ الْعَرَبَ لَمَّا تَكَلَّمُوا بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ صَارَتْ عَرَبِيَّةً.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا فَارَ التَّنُّورُ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَهُ اللَّه تَعَالَى بِأَنْ يَحْمِلَ فِي السَّفِينَةِ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ. فَالْأَوَّلُ:
قَوْلُهُ: قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ قَالَ الْأَخْفَشُ: تَقُولُ الِاثْنَانِ هُمَا زَوْجَانِ قَالَ تَعَالَى: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ [الذَّارِيَاتِ: 49] فَالسَّمَاءُ زَوْجٌ وَالْأَرْضُ زَوْجٌ وَالشِّتَاءُ زَوْجٌ وَالصَّيْفُ زَوْجٌ وَالنَّهَارُ زَوْجٌ وَاللَّيْلُ زَوْجٌ، وَتَقُولُ لِلْمَرْأَةِ هِيَ زَوْجٌ وَهُوَ زَوْجُهَا قَالَ تَعَالَى: وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها [النِّسَاءِ: 1] يَعْنِي الْمَرْأَةَ، وَقَالَ: وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى [النَّجْمِ: 45] فَثَبَتَ أَنَّ الْوَاحِدَ قَدْ يُقَالُ لَهُ: زَوْجٌ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ومِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ [الأنعام: 143] .
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: الزَّوْجَانِ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ شَيْئَيْنِ يَكُونُ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى وَالتَّقْدِيرُ كُلُّ شَيْئَيْنِ هُمَا كَذَلِكَ فَاحْمِلْ مِنْهُمَا فِي السَّفِينَةِ اثْنَيْنِ وَاحِدٌ ذَكَرٌ وَالْآخَرُ أُنْثَى، وَلِذَلِكَ قَرَأَ حَفْصٌ مِنْ كُلٍّ بِالتَّنْوِينِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 347
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست