responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 338
بِالرَّذَالَةِ قَالُوا: كَوْنُهُمْ كَذَلِكَ بَادِيَ الرَّأْيِ أَمْرٌ ظَاهِرٌ لِكُلِّ مَنْ يَرَاهُمْ، وَالرَّأْيُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مِنْ رَأْيِ الْعَيْنِ لَا مِنْ رَأْيِ الْقَلْبِ وَيَتَأَكَّدُ هَذَا التَّأْوِيلُ بِمَا نُقِلَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أراذلنا بادي رأي الْعَيْنِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَنُصَيْرٌ عَنِ الْكِسَائِيِّ بَادِئَ بِالْهَمْزَةِ وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ فَمَنْ قَرَأَ بَادِئَ بِالْهَمْزَةِ فَالْمَعْنَى أَوَّلُ الرَّأْيِ وَابْتِدَاؤُهُ وَمَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ كان من بدا يبدو أي ظهر وبادِيَ نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ كَقَوْلِكَ: ضَرَبْتُ أَوَّلَ الضَّرْبِ.

[سورة هود (11) : آية 28]
قالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (28)
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَى شُبُهَاتِ مُنْكِرِي نُبُوَّةِ نُوحٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَكَى بَعْدَهُ مَا يَكُونُ جَوَابًا عَنْ تِلْكَ الشُّبُهَاتِ.
فَالشُّبْهَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُمْ: مَا نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا فَقَالَ نُوحٌ حُصُولُ الْمُسَاوَاةِ فِي الْبَشَرِيَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ حُصُولِ الْمُفَارَقَةِ فِي صِفَةِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ الطَّرِيقَ الدَّالَّ عَلَى إِمْكَانِهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي مِنْ مَعْرِفَةِ ذَاتِ اللَّه وَصِفَاتِهِ وَمَا يَجِبُ وَمَا يَمْتَنِعُ وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى آتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ، وَالْمُرَادُ بِتِلْكَ الرَّحْمَةِ إِمَّا النُّبُوَّةُ وَإِمَّا الْمُعْجِزَةُ الدَّالَّةُ عَلَى النُّبُوَّةِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَيْ صَارَتْ مَظِنَّةً مُشْتَبِهَةً مُلْتَبِسَةً فِي عُقُولِكُمْ، فَهَلْ أَقْدِرُ عَلَى أَنْ أَجْعَلَكُمْ بِحَيْثُ تَصِلُونَ إِلَى مَعْرِفَتِهَا شِئْتُمْ أَمْ أَبَيْتُمْ؟ وَالْمُرَادُ أَنِّي لَا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ الْبَتَّةَ، وَعَنْ قَتَادَةَ: واللَّه لَوِ اسْتَطَاعَ نَبِيُّ اللَّه لَأُلْزِمَهَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا: وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ [هود: 27] ذَكَرَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ أَنَّ الْحُجَّةَ عُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ وَاشْتَبَهَتْ، فَأَمَّا لَوْ تَرَكْتُمُ الْعِنَادَ وَاللَّجَاجَ وَنَظَرْتُمْ فِي الدَّلِيلِ لَظَهَرَ الْمَقْصُودُ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى آتَانَا عَلَيْكُمْ فَضْلًا عَظِيمًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، بِمَعْنَى أُلْبِسَتْ وَشُبِّهَتْ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مُخَفَّفَةَ الْمِيمِ، أَيِ الْتَبَسَتْ وَاشْتَبَهَتْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا بَقِيَ مَجْهُولًا مَحْضًا أَشْبَهَ الْمُعَمَّى، لِأَنَّ الْعِلْمَ نُورُ الْبَصِيرَةِ الْبَاطِنَةِ وَالْأَبْصَارَ نُورُ الْبَصَرِ الظَّاهِرِ فَحَسُنَ جَعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَجَازًا عَنِ الْآخَرِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُوصَفُ بِالْأَبْصَارِ قَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً [النَّمْلِ: 13] وَكَذَلِكَ تُوصَفُ بِالْعَمَى، قَالَ تَعَالَى: فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ [الْقَصَصِ:
66] وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنُلْزِمُكُمُوها فِيهِ ثَلَاثُ مُضْمَرَاتٍ: ضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ وَضَمِيرُ الْغَائِبِ وَضَمِيرُ الْمُخَاطَبِ، وَأَجَازَ الْفَرَّاءُ إِسْكَانَ الْمِيمِ الْأُولَى، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ الْحَرَكَاتِ تَوَالَتْ فَسُكِّنَتِ الْمِيمُ وَهِيَ أَيْضًا مَرْفُوعَةٌ وَقَبْلَهَا كَسْرَةٌ وَالْحَرَكَةُ الَّتِي بَعْدَهَا ضَمَّةٌ ثَقِيلَةٌ، قَالَ الزَّجَّاجُ: جَمِيعُ النَّحْوِيِّينَ الْبَصْرِيِّينَ لَا يُجِيزُونَ إِسْكَانَ حَرْفِ الْإِعْرَابِ إِلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ وَمَا يُرْوَى عَنْ أَبِي عَمْرٍو فَلَمْ يَضْبِطْهُ عَنْهُ الْفَرَّاءُ، وَرُوِيَ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يُخَفِّفُ الْحَرَكَةَ وَيَخْتَلِسُهَا، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْإِسْكَانُ فِي الشِّعْرِ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فَالْيَوْمَ أُشْرَبْ غير مستحقب

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 338
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست