responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 302
قُلْنَا: إِنَّهُمْ إِنَّمَا حَرَّفُوهَا بِسَبَبِ إِخْفَاءِ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَإِنْ بَقِيَتْ فِيهَا آيَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى نُبُوَّتِهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَقْوَى الدَّلَائِلِ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لِأَنَّهَا لَمَّا بَقِيَتْ مَعَ تَوَفُّرِ دَوَاعِيهِمْ عَلَى إِزَالَتِهَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ، وَإِمَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذَلِكَ السُّؤَالِ مَعْرِفَةُ أَيِّ الْأَشْيَاءِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ الْقُرْآنُ وَمَعْرِفَةُ نُبُوَّةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ رَجَعَ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ [يُونُسَ: 93] وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّهُ هُوَ الْأَهَمُّ وَالْحَاجَةُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ أَتَمُّ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ هَذَا الطَّرِيقَ قَالَ بَعْدَهُ: لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ أَيْ فَاثْبُتْ وَدُمْ عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنِ انْتِفَاءِ الْمِرْيَةِ عَنْكَ، وَانْتِفَاءِ التَّكْذِيبِ بِآيَاتِ اللَّه، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّهْيِيجِ وَإِظْهَارِ التَّشَدُّدِ وَلِذَلِكَ
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَ نُزُولِهِ «لَا أَشُكُّ وَلَا أَسْأَلُ بَلْ أَشْهَدُ أَنَّهُ الْحَقُّ» .
ثُمَّ قَالَ: وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِرَقَ الْمُكَلَّفِينَ ثَلَاثَةٌ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُصَدِّقِينَ بِالرَّسُولِ، أَوْ مِنَ الْمُتَوَقِّفِينَ فِي صِدْقِهِ، أَوْ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ أَمْرَ الْمُتَوَقِّفِ أَسْهَلُ مِنْ أَمْرِ الْمُكَذِّبِ، لَا جَرَمَ قَدْ ذَكَرَ الْمُتَوَقِّفَ بِقَوْلِهِ: فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِذِكْرِ الْمُكَذِّبِ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنَ الْخَاسِرِينَ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا فَصَّلَ هَذَا التَّفْصِيلَ، بَيَّنَ أَنَّ لَهُ عِبَادًا قَضَى عَلَيْهِمْ بِالشَّقَاءِ فَلَا يَتَغَيَّرُونَ وَعِبَادًا قَضَى لَهُمْ بِالْكَرَامَةِ، فَلَا يَتَغَيَّرُونَ، فَقَالَ: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ: كَلِمَاتُ عَلَى الْجَمْعِ، وقرأ الباقون: كَلِمَتُ عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ، وَأَقُولُ إِنَّهَا كَلِمَاتُ بِحَسَبِ الْكَثْرَةِ النَّوْعِيَّةِ أَوِ الصِّنْفِيَّةِ وَكَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ بِحَسَبِ الْوَاحِدَةِ الْجِنْسِيَّةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ حُكْمُ اللَّه بِذَلِكَ وَإِخْبَارُهُ عَنْهُ، وَخَلْقُهُ فِي الْعَبْدِ مَجْمُوعَ الْقُدْرَةِ وَالدَّاعِيَةِ، الَّذِي هُوَ مُوجِبٌ لِحُصُولِ ذَلِكَ الْأَثَرِ، أَمَّا الْحُكْمُ وَالْإِخْبَارُ وَالْعِلْمُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَجْمُوعُ/ الْقُدْرَةِ وَالدَّاعِي فَظَاهِرٌ أَيْضًا، لِأَنَّ الْقُدْرَةَ لَمَّا كَانَتْ صَالِحَةً لِلطَّرَفَيْنِ لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ إِلَّا لِمُرَجِّحٍ، وَذَلِكَ الْمُرَجِّحُ مِنَ اللَّه تَعَالَى قَطْعًا لِلتَّسَلْسُلِ، وَعِنْدَ حُصُولِ هَذَا الْمَجْمُوعِ يَجِبُ الْفِعْلُ، وَقَدِ احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِمْ فِي إِثْبَاتِ الْقَضَاءِ اللَّازِمِ وَالْقَدْرِ الْوَاجِبِ وَهُوَ حَقٌّ وَصِدْقٌ وَلَا مَحِيصَ عَنْهُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ الْبَتَّةَ، وَلَوْ جَاءَتْهُمُ الدَّلَائِلُ الَّتِي لَا حَدَّ لَهَا وَلَا حَصْرَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّلِيلَ لَا يَهْدِي إِلَّا بِإِعَانَةِ اللَّه تَعَالَى فَإِذَا لَمْ تَحْصُلْ تِلْكَ الْإِعَانَةُ ضَاعَتْ تِلْكَ الدَّلَائِلُ.
الْقِصَّةُ الثالثة من القصص المذكورة في هذه السورة، قصة يونس عليه السلام

[سورة يونس (10) : آية 98]
فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (98)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست