responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 285
لَعَمْرِيَ مَا أَمْرِي عَلَيَّ بِغُمَّةٍ ... نَهَارِي وَلَا لَيْلِي عَلَيَّ بِسَرْمَدِ
وَقَالَ اللَّيْثُ: إِنَّهُ لَفِي غُمَّةٍ مِنْ أَمْرِهِ إِذَا لَمْ يَهْتَدِ لَهُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ لِيَكُنْ أَمْرُكُمْ ظَاهِرًا مُنْكَشِفًا.
الْقَيْدُ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ: ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَفِيهِ بَحْثَانِ:
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ مَعْنَاهُ ثُمَّ امْضُوا إِلَيَّ بِمَكْرُوهِكُمْ وَمَا تُوعِدُونَنِي بِهِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: قَضَى فُلَانٌ، يُرِيدُونَ مَاتَ وَمَضَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَضَاءُ الشَّيْءِ إِحْكَامُهُ وَإِمْضَاؤُهُ وَالْفَرَاغُ مِنْهُ وَبِهِ يُسَمَّى الْقَاضِي، لِأَنَّهُ إِذَا حَكَمَ فَقَدْ فَرَغَ فَقَوْلُهُ: ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ أَيِ افْرُغُوا مِنْ أَمْرِكُمْ وَامْضُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ وَاقْطَعُوا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ [الْإِسْرَاءِ: 4] أَيْ أَعْلَمْنَاهُمْ إِعْلَامًا قَاطِعًا، قَالَ تَعَالَى:
وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ [الْحِجْرِ: 66] قَالَ الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى وَمَجَازُ دُخُولِ كَلِمَةِ (إِلَى) فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ قَوْلِهِمْ بَرِئْتُ إِلَيْكَ وَخَرَجْتُ إِلَيْكَ مِنَ الْعَهْدِ، وَفِيهِ مَعْنَى الْإِخْبَارِ فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: ثُمَّ اقْضُوا مَا يَسْتَقِرُّ رَأْيُكُمْ عَلَيْهِ مُحْكَمًا مَفْرُوغًا مِنْهُ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: قُرِئَ (ثم اقضوا إِلَيَّ) بِالْفَاءِ بِمَعْنَى ثُمَّ انْتَهُوا إِلَى بِشَرِّكُمْ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَفْضَى الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْفَضَاءِ، أَيْ أَصْحِرُوا بِهِ إِلَيَّ وَأَبْرِزُوهُ إِلَيَّ.
الْقَيْدُ الْخَامِسُ: قَوْلُهُ: وَلا تُنْظِرُونِ مَعْنَاهُ لَا تُمْهِلُونِ بَعْدَ إِعْلَامِكُمْ إِيَّايَ مَا اتَّفَقْتُمْ عَلَيْهِ فَهَذَا هُوَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَقَدْ نَظَمَ الْقَاضِي هَذَا الْكَلَامَ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ
فَقَالَ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَعَلَى اللَّه تَوَكَّلْتُ فَإِنِّي وَاثِقٌ بِوَعْدِ اللَّه جَازِمٌ بِأَنَّهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ وَلَا تَظُنُّوا أَنَّ تَهْدِيدَكُمْ إِيَّايَ بِالْقَتْلِ وَالْإِيذَاءِ يَمْنَعُنِي مِنَ الدُّعَاءِ إِلَى اللَّه تَعَالَى» ثُمَّ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَتِهِ فَقَالَ: «فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ»
فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ أَجْمِعُوا كُلَّ مَا تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُوجِبُ حُصُولَ مَطْلُوبِكُمْ ثُمَّ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ بَلْ أَمَرَهُمْ أَنْ يَضُمُّوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ شُرَكَائَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ حَالَهُمْ يقوى بمكانتهم وَبِالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى هَذَيْنِ بَلْ ضَمَّ إِلَيْهِمَا ثَالِثًا وَهُوَ قَوْلُهُ: ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً وَأَرَادَ أَنْ يَبْلُغُوا فِيهِ كُلَّ غَايَةٍ فِي الْمُكَاشَفَةِ وَالْمُجَاهَرَةِ، ثُمَّ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى/ ضَمَّ إِلَيْهَا: رَابِعًا فَقَالَ: ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَالْمُرَادُ أَنْ وَجِّهُوا كُلَّ تِلْكَ الشُّرُورِ إِلَيَّ، ثُمَّ ضَمَّ إِلَى ذَلِكَ خَامِسًا وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلا تُنْظِرُونِ أَيْ عَجِّلُوا ذَلِكَ بِأَشَدِّ مَا تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إِنْظَارٍ فَهَذَا آخِرُ هَذَا الْكَلَامِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ قَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّه تَعَالَى وَأَنَّهُ كَانَ قَاطِعًا بِأَنَّ كَيْدَهُمْ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ وَمَكْرَهُمْ لَا يَنْفُذُ فِيهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ مَالًا عَلَى دَعْوَتِهِمْ إِلَى دِينِ اللَّه تَعَالَى وَمَتَى كَانَ الْإِنْسَانُ فَارِغًا مِنَ الطَّمَعِ كَانَ قَوْلُهُ أَقْوَى تَأْثِيرًا فِي الْقَلْبِ. وَعِنْدِي فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَخَافُ مِنْهُمْ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخَوْفَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ إِمَّا بِإِيصَالِ الشَّرِّ أَوْ بِقَطْعِ الْمَنَافِعِ، فَبَيَّنَ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَخَافُ شَرَّهُمْ وَبَيَّنَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ لَا يَخَافُ مِنْهُمْ بِسَبَبِ أَنْ يَقْطَعُوا عَنْهُ خَيْرًا، لِأَنَّهُ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ شَيْئًا فَكَانَ يَخَافُ أَنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ خَيْرًا.
ثُمَّ قَالَ: إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّكُمْ سَوَاءٌ قَبِلْتُمْ دِينَ الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ تَقْبَلُوا، فَأَنَا مأمور بأن أكون على دين الإسلام. والثاني: أَنِّي مَأْمُورٌ بِالِاسْتِسْلَامِ لِكُلِّ مَا يَصِلُ إِلَيَّ لِأَجْلِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ وَهَذَا الْوَجْهُ أَلْيَقُ بِهَذَا الْمَوْضِعِ، لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ مَأْمُورٌ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست