responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 281
عَلَيْهِ الِانْقِرَاضُ وَالِانْقِضَاءُ، وَالْوَلَدُ إِنَّمَا يَحْصُلُ لِلشَّيْءِ الَّذِي يَنْقَضِي، وَيَنْقَرِضُ، فَيَكُونُ وَلَدُهُ قَائِمًا مَقَامَهُ، فَثَبَتَ أَنَّ كَوْنَهُ تَعَالَى غَنِيًّا، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ.
الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ وَكُلُّ مَنْ كَانَ غَنِيًّا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِالشَّهْوَةِ وَاللَّذَّةِ وَإِذَا امْتَنَعَ ذَلِكَ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ لَهُ صَاحِبَةٌ وَوَلَدٌ.
الْحُجَّةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ غَنِيًّا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ، لِأَنَّ اتِّخَاذَ الْوَلَدِ إِنَّمَا يَكُونُ فِي حَقِّ مَنْ يَكُونُ مُحْتَاجًا حَتَّى يُعِينَهُ وَلَدُهُ عَلَى الْمَصَالِحِ الْحَاصِلَةِ وَالْمُتَوَقَّعَةِ، فَمَنْ كَانَ غَنِيًّا مُطْلَقًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ اتِّخَاذُ الْوَلَدِ.
الْحُجَّةُ الْخَامِسَةُ: وَلَدُ الْحَيَوَانِ إِنَّمَا يَكُونُ وَلَدًا لَهُ بِشَرْطَيْنِ: إِذَا كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِي الطَّبِيعَةِ وَالْحَقِيقَةِ، وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ وُجُودِهِ وَتَكَوُّنِهِ مِنْهُ، وَهَذَا فِي حَقِّ اللَّه تَعَالَى مُحَالٌ، لِأَنَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ مُطْلَقًا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ غَنِيًّا مُطْلَقًا كَانَ وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، فَلَوْ كَانَ لِوَاجِبِ الْوُجُودِ وَلَدٌ، لَكَانَ وَلَدُهُ مُسَاوِيًا لَهُ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَلَدُ وَاجِبِ الْوُجُودِ أَيْضًا وَاجِبَ الْوُجُودِ، لَكِنَّ كَوْنَهُ وَاجِبَ الْوُجُودِ يَمْنَعُ مِنْ تَوَلُّدِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّدًا مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا، فَثَبَتَ أَنَّ كَوْنَهُ تَعَالَى غَنِيًّا مِنْ أَقْوَى الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَا وَلَدَ لَهُ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَعَ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ.
الْحُجَّةُ السَّادِسَةُ: أَنَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ غَنِيًّا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبٌ وَأُمٌّ، وَكُلُّ مَنْ تَقَدَّسَ عَنِ الْوَالِدَيْنِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّسًا عَنِ الْأَوْلَادِ.
فَإِنْ قِيلَ: يُشْكِلُ هَذَا بِالْوَالِدِ الْأَوَّلِ؟
قُلْنَا: الْوَالِدُ الْأَوَّلُ لَا يَمْتَنِعُ كَوْنُهُ وَلَدًا لِغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ الْوَالِدَ الْأَوَّلَ مِنْ أَبَوَيْنِ يَقْدُمَانِهِ أَمَّا الْحَقُّ سُبْحَانَهُ فَإِنَّهُ يمتنع افتقاره إلى الأبوين، وَإِلَّا لَمَا كَانَ غَنِيًّا مُطْلَقًا.
الْحُجَّةُ السَّابِعَةُ: إِنَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ مُطْلَقًا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ غَنِيًّا مُطْلَقًا امْتَنَعَ أَنْ يَفْتَقِرَ فِي إِحْدَاثِ الْأَشْيَاءِ إِلَى غَيْرِهِ.
إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: هَذَا الْوَلَدَ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا أَوْ حَادِثًا، فَإِنْ كَانَ قَدِيمًا فَهُوَ وَاجِبُ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، إِذْ لَوْ كَانَ مُمْكِنَ الْوُجُودِ لَافْتَقَرَ إِلَى الْمُؤَثِّرِ، وَافْتِقَارُ الْقَدِيمِ إِلَى الْمُؤَثِّرِ يَقْتَضِي إِيجَادَ الْمَوْجُودِ وَهُوَ مُحَالٌ، وَإِذَا كَانَ وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لِغَيْرِهِ، بَلْ كَانَ مَوْجُودًا مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ هَذَا الْوَلَدُ حَادِثًا وَالْحَقُّ سُبْحَانَهُ غَنِيٌّ مُطْلَقًا فَكَانَ قَادِرًا عَلَى إِحْدَاثِهِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَشْرِيكِ شَيْءٍ آخَرَ، فَكَانَ هَذَا عَبْدًا مُطْلَقًا، وَلَمْ يَكُنْ وَلَدًا، فَهَذِهِ جُمْلَةُ الْوُجُوهِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْ قَوْلِهِ: هُوَ الْغَنِيُّ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ.
أَمَّا قَوْلُهُ: لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ نَظِيرُ قَوْلِهِ: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً [مَرْيَمَ: 93] وَحَاصِلُهُ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ مَا سِوَى الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الْحَقِّ مُمْكِنٌ، وَكُلُّ مُمْكِنٍ مُحْتَاجٌ، وَكُلُّ مُحْتَاجٍ مُحْدَثٌ، فَكُلُّ مَا سِوَى الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الْحَقِّ مُحْدَثٌ، واللَّه تَعَالَى مُحْدِثُهُ وَخَالِقُهُ وَمُوجِدُهُ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْقَوْلِ بِإِثْبَاتِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ، وَلَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى بِالدَّلِيلِ الْوَاضِحِ امْتِنَاعَ مَا أَضَافُوا إِلَيْهِ، عَطَفَ عَلَيْهِمْ بِالْإِنْكَارِ وَالتَّوْبِيخِ فَقَالَ: إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا مُنَبِّهًا بِهَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا حُجَّةَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ بَالَغَ فِي ذَلِكَ الْإِنْكَارِ فَقَالَ: أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَقَدْ/ ذَكَرْنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ يُحْتَجُّ بها في

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 281
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست