responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 250
الصِّدْقِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُوصِلُ إِلَى جَمِيعِ الْخَيْرَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْمُرْشِدُ إِلَى كُلِّ الْكَمَالَاتِ فِي النَّفْسِ وَالْجَسَدِ، وَأَنَّ الْأَصْنَامَ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الِاشْتِغَالُ بِعِبَادَتِهَا جَهْلًا مَحْضًا وَسَفَهًا صِرْفًا، فَهَذَا حَاصِلُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ هَدَيْتُ إِلَى الْحَقِّ، وَهَدَيْتُ لِلْحَقِّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، واللَّه تَعَالَى ذَكَرَ هَاتَيْنِ اللُّغَتَيْنِ فِي قَوْلِهِ: قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي قَوْلِهِ: أَمَّنْ لَا يَهِدِّي ست قراءات: الأول: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَوَرْشٌ عَنْ نَافِعٍ يَهَدِّي بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَبِي حَاتِمٍ، لِأَنَّ أَصْلَهُ يَهْتَدِي أُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الدَّالِ وَنُقِلَتْ فَتْحَةُ التَّاءِ الْمُدْغَمَةِ إِلَى الْهَاءِ. الثَّانِيَةُ: قَرَأَ نَافِعٌ سَاكِنَةَ الْهَاءِ مُشَدَّدَةَ الدَّالِ أُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الدَّالِ وَتُرِكَتِ الْهَاءُ عَلَى حَالِهَا، فَجَمَعَ فِي قِرَاءَتِهِ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ كَمَا جَمَعُوا فِي يَخِصِّمُونَ [يس: 49] قَالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى وَهُوَ غَلَطٌ عَلَى نَافِعٍ. الثَّالِثَةُ: قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِالْإِشَارَةِ إِلَى فَتْحَةِ الْهَاءِ مِنْ غَيْرِ إِشْبَاعٍ فَهُوَ بَيْنَ الْفَتْحِ وَالْجَزْمِ مُخْتَلَسَةٌ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِ اخْتِيَارًا لِلتَّخْفِيفِ، وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى أَنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ قِرَاءَةِ نَافِعٍ. الرَّابِعَةُ:
قَرَأَ عَاصِمٌ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ فِرَارًا مِنَ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَالْجَزْمُ يُحَرَّكُ بِالْكَسْرِ. الْخَامِسَةُ: قَرَأَ حَمَّادٌ وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ بِكَسْرِ الْيَاءِ وَالْهَاءِ أَتْبَعَ الْكَسْرَةَ لِلْكَسْرَةِ. وَقِيلَ: هُوَ لُغَةُ مَنْ قَرَأَ (نِسْتَعِينُ ونعبد) السادسة: قرأ حمزة والكسائي يَهْدِي سَاكِنَةَ الْهَاءِ وَبِتَخْفِيفِ الدَّالِ عَلَى مَعْنَى يَهْتَدِي وَالْعَرَبُ تَقُولُ: يَهْدِي، بِمَعْنَى يَهْتَدِي يُقَالُ: هَدَيْتُهُ فَهُدِيَ أَيِ اهْتَدَى.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي لَفْظِ الْآيَةِ إِشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الشُّرَكَاءِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْأَصْنَامُ وَأَنَّهَا جَمَادَاتٌ لَا تَقْبَلُ الْهِدَايَةَ، فَقَوْلُهُ: أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى لَا يَلِيقُ بِهَا.
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ هُوَ الْأَصْنَامَ. وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ رُؤَسَاءَ الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ وَالدُّعَاةَ إِلَيْهَا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ: لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التَّوْبَةِ: 31] وَالْمُرَادُ أَنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَدَى الْخَلْقَ إِلَى الدِّينِ الْحَقِّ بِوَاسِطَةِ مَا أَظْهَرَ مِنَ الدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ وَالنَّقْلِيَّةِ. وَأَمَّا هَؤُلَاءِ الدُّعَاةُ وَالرُّؤَسَاءُ فَإِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يَهْدُوا غَيْرَهُمْ إِلَّا إِذَا هَدَاهُمُ اللَّه تَعَالَى، فَكَانَ التَّمَسُّكُ بِدِينِ اللَّه تَعَالَى أَوْلَى مِنْ قَبُولِ قَوْلِ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: فِي الْجَوَابِ أَنَّ يُقَالَ: إِنَّ الْقَوْمَ لَمَّا اتَّخَذُوهَا آلِهَةً، لَا جَرَمَ عَبَّرَ عَنْهَا كَمَا يُعَبِّرُ عَمَّنْ يَعْلَمُ وَيَعْقِلُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ [الْأَعْرَافِ: 194] مَعَ أَنَّهَا جَمَادَاتٌ وَقَالَ: إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ [فَاطِرٍ: 14] فَأَجْرَى اللَّفْظَ عَلَى الْأَوْثَانِ عَلَى حَسَبِ مَا يجري على من يعقل ويعلم فكذا هاهنا وَصَفَهُمُ اللَّه تَعَالَى بِصِفَةِ مَنْ يَعْقِلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، الثَّالِثُ: أَنَّا نَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى التَّقْدِيرِ، يَعْنِي أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِحَيْثُ يُمْكِنُهَا أَنْ تَهْدِيَ، فَإِنَّهَا لَا تَهْدِي غَيْرَهَا إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَهْدِيَهَا غَيْرُهَا، وَإِذَا حَمَلْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَقَدْ زَالَ السُّؤَالُ. الرَّابِعُ: أَنَّ الْبِنْيَةَ عِنْدَنَا لَيْسَتْ شَرْطًا/ لِصِحَّةِ الْحَيَاةِ وَالْعَقْلِ، فَتِلْكَ الْأَصْنَامُ حَالَ كَوْنِهَا خَشَبًا وَحَجَرًا قَابِلَةٌ لِلْحَيَاةِ وَالْعَقْلِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَيَصِحُّ مِنَ اللَّه تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَهَا حَيَّةً عَاقِلَةً ثُمَّ إِنَّهَا تَشْتَغِلُ بِهِدَايَةِ الْغَيْرِ. الْخَامِسُ: أَنَّ الْهُدَى عِبَارَةٌ عَنِ النَّقْلِ وَالْحَرَكَةِ يُقَالُ: هُدِيَتِ الْمَرْأَةُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 250
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست