responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 228
مَا عَلِمَ اللَّه هَذَا مِنِّي، وَمَقْصُودُهُ أَنَّهُ مَا حَصَلَ ذَلِكَ قَطُّ، وَقُرِئَ أَتُنْبِئُونَ بِالتَّخْفِيفِ أَمَّا قَوْلُهُ: سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ فَالْمَقْصُودُ تَنْزِيهُ اللَّه تَعَالَى نَفْسَهُ عَنْ ذَلِكَ الشِّرْكِ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ تُشْرِكُونَ بِالتَّاءِ، وَمِثْلُهُ فِي أَوَّلِ النَّحْلِ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَفِي الرُّومِ كُلِّهَا بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ، قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» «مَا» مَوْصُولَةٌ أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ عَنِ الشُّرَكَاءِ الَّذِينَ يُشْرِكُونَهُمْ بِهِ أَوْ عَنْ إِشْرَاكِهِمْ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ: مَنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ فَلِقَوْلِهِ: أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ وَمَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ/ فَكَأَنَّهُ قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ أَنْتَ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّه سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي نَزَّهَ نَفْسَهُ عَمَّا قَالُوهُ فَقَالَ: سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ.

[سورة يونس (10) : آية 19]
وَما كانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَقَامَ الدَّلَالَةَ الْقَاهِرَةَ عَلَى فَسَادِ الْقَوْلِ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، بَيَّنَ السَّبَبَ فِي كَيْفِيَّةِ حُدُوثِ هَذَا الْمَذْهَبِ الْفَاسِدِ، وَالْمَقَالَةِ الْبَاطِلَةِ، فَقَالَ: وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ فِي مَاذَا؟ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعًا عَلَى الدِّينِ الْحَقِّ، وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ، وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِأُمُورٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ بَيَانُ كَوْنِ الْكُفْرِ بَاطِلًا، وَتَزْيِيفُ طَرِيقِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، وَتَقْرِيرُ أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الدِّينُ الْفَاضِلُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً هُوَ أَنَّهُمْ كَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً، إِمَّا فِي الْإِسْلَامِ وَإِمَّا فِي الْكُفْرِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُمْ كَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً فِي الْكُفْرِ. فَبَقِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً فِي الْإِسْلَامِ، إِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُمْ كَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً فِي الْكُفْرِ لِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ [النِّسَاءِ: 41] وَشَهِيدُ اللَّه لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا عَدْلًا. فَثَبَتَ أَنَّهُ مَا خَلَتْ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا وَفِيهِمْ مُؤْمِنٌ. الثَّانِي: أَنَّ الْأَحَادِيثَ وَرَدَتْ بِأَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو عَمَّنْ يَعْبُدُ اللَّه تَعَالَى، وَعَنْ أَقْوَامٍ بِهِمْ يُمْطَرُ أَهْلُ الْأَرْضِ وَبِهِمْ يُرْزَقُونَ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الْحِكْمَةُ الْأَصْلِيَّةُ فِي الْخَلْقِ هُوَ الْعُبُودِيَّةَ، فَيَبْعُدُ خُلُوُّ أَهْلِ الْأَرْضِ بِالْكُلِّيَّةِ عَنْ هَذَا الْمَقْصُودِ.
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّه تَعَالَى نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقِيَّةً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ»
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قَوْمٍ تَمَسَّكُوا بِالْإِيمَانِ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَكَيْفَ يُقَالُ إِنَّهُمْ كَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً فِي الْكُفْرِ؟ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً إِمَّا فِي الْكُفْرِ وَإِمَّا فِي الْإِيمَانِ، وَأَنَّهُمْ مَا كَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً فِي الْكُفْرِ، ثَبَتَ أَنَّهُمْ كَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً فِي الْإِيمَانِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُمْ مَتَى كَانُوا كَذَلِكَ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ كَانُوا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ فِي عَهْدِ آدَمَ وَفِي عَهْدِ وَلَدِهِ، وَاخْتَلَفُوا عِنْدَ/ قَتْلِ أَحَدِ ابْنَيْهِ الِابْنَ الثَّانِيَ، وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهُمْ بَقُوا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ إِلَى زَمَنِ نُوحٍ، وَكَانُوا عَشَرَةَ قُرُونٍ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا عَلَى عَهْدِ نُوحٍ. فَبَعَثَ اللَّه تَعَالَى إِلَيْهِمْ نُوحًا. وَقَالَ آخَرُونَ: كَانُوا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ فِي زَمَنِ نُوحٍ بَعْدَ الْغَرَقِ، إِلَى أَنْ ظَهَرَ الْكُفْرُ فِيهِمْ. وَقَالَ آخَرُونَ: كَانُوا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ مِنْ عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَنْ غَيَّرَهُ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ، وَهَذَا الْقَائِلُ قَالَ: الْمُرَادُ مِنَ النَّاسِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا الْعَرَبُ خَاصَّةً.
إِذَا عَرَفْتَ تَفْصِيلَ هَذَا الْقَوْلِ فَنَقُولُ: إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ فِيمَا قَبْلُ فَسَادَ الْقَوْلِ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ بِالدَّلِيلِ الَّذِي

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست