responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 209
وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: النُّورُ اسْمٌ لِأَصْلِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ، وَأَمَّا الضَّوْءُ، فَهُوَ اسْمٌ لِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ إِذَا كَانَتْ كَامِلَةً تَامَّةً قَوِيَّةً، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَالَى سَمَّى الْكَيْفِيَّةَ الْقَائِمَةَ بِالشَّمْسِ ضِياءً وَالْكَيْفِيَّةَ الْقَائِمَةَ بِالْقَمَرِ نُوراً وَلَا شَكَّ أَنَّ الْكَيْفِيَّةَ الْقَائِمَةَ بِالشَّمْسِ أَقْوَى وَأَكْمَلُ مِنَ الْكَيْفِيَّةِ الْقَائِمَةِ بِالْقَمَرِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً [الْفُرْقَانِ: 61] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً [نُوحٍ: 16] وَفِي آيَةٍ أُخْرَى وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً [النَّبَأِ: 13] .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْلُهُ: وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ يس: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ [يس: 39] وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَقَدَّرَ مَسِيرَهُ مَنَازِلَ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَقَدَّرَهُ ذَا مَنَازِلَ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: وَقَدَّرَهُ فِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَهُمَا، وَإِنَّمَا وَحَّدَ الضَّمِيرَ لِلْإِيجَازِ، وَإِلَّا فَهُوَ فِي مَعْنَى التَّثْنِيَةِ اكْتِفَاءً بِالْمَعْلُومِ، لِأَنَّ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابِ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِسَيْرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ [التَّوْبَةِ: 62] وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ هَذَا الضَّمِيرُ رَاجِعًا إِلَى الْقَمَرِ وَحْدَهُ، لِأَنَّ بِسَيْرِ الْقَمَرِ تُعْرَفُ الشُّهُورُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشُّهُورَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي/ الشَّرِيعَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى رُؤْيَةِ الْأَهِلَّةِ، وَالسَّنَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الشَّرِيعَةِ هِيَ السَّنَةُ الْقَمَرِيَّةُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ [التَّوْبَةِ: 36] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: اعْلَمْ أَنَّ انْتِفَاعَ الْخَلْقِ بِضَوْءِ الشَّمْسِ وَبِنُورِ الْقَمَرِ عَظِيمٌ، فَالشَّمْسُ سُلْطَانُ النَّهَارِ وَالْقَمَرُ سُلْطَانُ اللَّيْلِ وَبِحَرَكَةِ الشَّمْسِ تَنْفَصِلُ السَّنَةُ إِلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ، وَبِالْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ تَنْتَظِمُ مَصَالِحُ هَذَا الْعَالَمِ وَبِحَرَكَةِ الْقَمَرِ تَحْصُلُ الشُّهُورُ، وَبِاخْتِلَافِ حَالِهِ فِي زِيَادَةِ الضَّوْءِ وَنُقْصَانِهِ تَخْتَلِفُ أَحْوَالُ رُطُوبَاتِ هَذَا الْعَالَمِ وَبِسَبَبِ الْحَرَكَةِ الْيَوْمِيَّةِ يَحْصُلُ النَّهَارُ وَاللَّيْلُ، فَالنَّهَارُ يَكُونُ زَمَانًا لِلتَّكَسُّبِ وَالطَّلَبِ، وَاللَّيْلُ يَكُونُ زَمَانًا لِلرَّاحَةِ، وَقَدِ اسْتَقْصَيْنَا فِي مَنَافِعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَاتِ اللَّائِقَةِ بِهَا فِيمَا سَلَفَ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى كَثْرَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ وَعِظَمِ عِنَايَتِهِ بِهِمْ، فَإِنَّا قَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ الْأَجْسَامَ مُتَسَاوِيَةٌ وَمَتَى كَانَ كَذَلِكَ كَانَ اخْتِصَاصُ كُلِّ جِسْمٍ بِشَكْلِهِ الْمُعَيَّنِ وَوَضْعِهِ الْمُعَيَّنِ، وَحَيِّزِهِ الْمُعَيَّنِ، وَصِفَتِهِ الْمُعَيَّنَةِ، لَيْسَ إِلَّا بِتَدْبِيرِ مُدَبِّرٍ حَكِيمٍ رَحِيمٍ قَادِرٍ قَاهِرٍ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْمَنَافِعِ الْحَاصِلَةِ فِي هَذَا الْعَالَمِ بِسَبَبِ حَرَكَاتِ الْأَفْلَاكِ وَمَسِيرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ، مَا حَصَلَ إِلَّا بِتَدْبِيرِ الْمُدَبِّرِ الْمُقَدِّرِ الرَّحِيمِ الْحَكِيمِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَرَّرَ هَذِهِ الدَّلَائِلَ خَتَمَهَا بِقَوْلِهِ: مَا خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَهُ عَلَى وَفْقِ الْحِكْمَةِ وَمُطَابَقَةِ الْمَصْلَحَةِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آلِ عِمْرَانَ: وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا مَا خَلَقْتَ هَذَا باطِلًا سُبْحانَكَ [آلِ عِمْرَانَ: 191] وَقَالَ فِي سُورَةٍ أُخْرَى: وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلًا ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا [ص: 27] وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الْجَبْرِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ مُرِيدًا لِكُلِّ ظُلْمٍ، وَخَالِقًا لِكُلِّ قَبِيحٍ، وَمُرِيدًا لِإِضْلَالِ مَنْ ضَلَّ، لَمَا صَحَّ أَنْ يَصِفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ مَا خَلَقَ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ حُكَمَاءُ الْإِسْلَامِ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَوْدَعَ فِي أَجْرَامِ الْأَفْلَاكِ وَالْكَوَاكِبِ خَوَاصَّ مُعَيَّنَةً وَقُوًى مَخْصُوصَةً، بِاعْتِبَارِهَا تَنْتَظِمُ مَصَالِحُ هَذَا الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا آثَارٌ وَفَوَائِدُ في هذا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 209
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست