responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 186
قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَجُلًا عَرَفُوا نَسَبَهُ وَعَرَفُوا كَوْنَهُ أَمِينًا بَعِيدًا عَنْ أَنْوَاعِ التُّهَمِ وَالْأَكَاذِيبِ مُلَازِمًا لِلصِّدْقِ وَالْعَفَافِ. ثُمَّ إِنَّهُ كَانَ أُمِّيًّا لَمْ يُخَالِطْ أَهْلَ الْأَدْيَانِ، وَمَا قَرَأَ كِتَابًا أَصْلًا الْبَتَّةَ، ثُمَّ إِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَتْلُو عَلَيْهِمْ أَقَاصِيصَهُمْ وَيُخْبِرُهُمْ عَنْ وَقَائِعِهِمْ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ/ صَادِقًا مُصَدَّقًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيُزِيلُ التَّعَجُّبَ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ [الْجُمُعَةِ: 2] وَقَالَ: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ [الْعَنْكَبُوتِ: 48] الْخَامِسُ: أَنَّ مِثْلَ هَذَا التَّعَجُّبِ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ بِعْثَةِ كُلِّ رَسُولٍ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً [الْأَعْرَافِ: 65] وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً [الْأَعْرَافِ: 73] إِلَى قَوْلَهُ: أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ [الْأَعْرَافِ: 63] السَّادِسُ: أَنَّ هَذَا التَّعَجُّبَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ إِرْسَالِ اللَّهِ تَعَالَى رَسُولًا مِنَ الْبَشَرِ، أَوْ سَلَّمُوا أَنَّهُ لَا تَعَجُّبَ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَعَجَّبُوا مِنْ تَخْصِيصِ اللَّهِ تَعَالَى مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَبَعِيدٌ لِأَنَّ الْعَقْلَ شَاهِدٌ بِأَنَّ مَعَ حُصُولِ التَّكْلِيفِ لَا بُدَّ مِنْ مُنَبِّهٍ وَرَسُولٍ يُعَرِّفُهُمْ تَمَامَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي أَدْيَانِهِمْ كَالْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: الْأَوْلَى أَنْ يُبْعَثَ إِلَيْهِمْ مَنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِمْ لِيَكُونَ سُكُونُهُمْ إِلَيْهِ أَكْمَلَ وَإِلْفُهُمْ بِهِ أَقْوَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا [الْأَنْعَامِ: 9] وَقَالَ: قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا [الْإِسْرَاءِ: 95] .
وَأَمَّا الثَّانِي: فَبَعِيدٌ لِأَنَّ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ مَوْصُوفًا بِصِفَاتِ الْخَيْرِ وَالتَّقْوَى وَالْأَمَانَةِ، وَمَا كَانُوا يَعِيبُونَهُ إِلَّا بِكَوْنِهِ يَتِيمًا فَقِيرًا، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفَقْرُ سَبَبًا لِنُقْصَانِ الْحَالِ عِنْدَهُ، وَلَا أَنْ يَكُونَ الْغِنَى سَبَبًا لِكَمَالِ الْحَالِ عِنْدَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى [سَبَأٍ: 37] فَثَبَتَ أَنَّ تَعَجُّبَ الْكُفَّارِ مِنْ تَخْصِيصِ اللَّهِ تَعَالَى مُحَمَّدًا بِالْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ كَلَامٌ فَاسِدٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْهَمْزَةُ فِي قَوْلِهِ: أَكانَ لِإِنْكَارِ التعجب ولأجل التعجيب من هذا التعجب وأَنْ أَوْحَيْنا اسم كان وعجبا خَبَرُهُ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَجَبٌ فَجَعَلَهُ اسْمًا وهو نكرة وأَنْ أَوْحَيْنا خَبَرَهُ وَهُوَ مَعْرِفَةٌ كَقَوْلِهِ: يَكُونُ مِزَاجُهَا عَسَلٌ وَمَاءٌ وَالْأَجْوَدُ أَنْ تَكُونَ «كَانَ» تَامَّةً، وأن أوحينا، بدلا من عجب.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً وَلَمْ يَقُلْ أَكَانَ عِنْدَ النَّاسِ عَجَبًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ قَوْلَهُ:
أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ جَعَلُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ أُعْجُوبَةً يَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا وَنَصَّبُوهُ وَعَيَّنُوهُ لِتَوْجِيهِ الطِّيَرَةِ وَالِاسْتِهْزَاءِ وَالتَّعَجُّبِ إِلَيْهِ! وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ: «أَكَانَ عِنْدَ النَّاسِ عَجَبًا» هَذَا الْمَعْنَى.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: (أَنْ) مَعَ الْفِعْلِ فِي قَوْلِنَا: أَنْ أَوْحَيْنا فِي تَقْدِيرِ الْمَصْدَرِ وَهُوَ اسْمُ كَانَ وَخَبَرُهُ، هُوَ قَوْلُهُ: عَجَباً وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ الْخَبَرُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ هَاهُنَا لِأَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ الْأَهَمَّ، وَالْمَقْصُودُ بِالْإِنْكَارِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ تَعَجُّبُهُمْ، وَأَمَّا (أَنْ) فِي قَوْلِهِ: أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ فَمُفَسِّرَةٌ لِأَنَّ الْإِيحَاءَ فِيهِ مَعْنَى الْقَوْلِ، / وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَأَصْلُهُ أَنَّهُ أَنْذَرَ النَّاسَ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الشَّأْنَ قَوْلُنَا أَنْذِرِ النَّاسَ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّهُ أَوْحَى إِلَى رَسُولِهِ، بَيَّنَ بَعْدَهُ تَفْصِيلَ مَا أَوْحَى إِلَيْهِ وَهُوَ الإنذار والتبشير.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 17  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست