responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 96
الْحُكْمُ الثَّالِثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمُ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُمْ كُفْرٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنْ كَانُوا مُنَافِقِينَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ الْكُفْرَ يُمْكِنُ أَنْ يَتَجَدَّدَ مِنَ الْكَافِرِ حَالًا فَحَالًا.
الْحُكْمُ الرَّابِعُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ إِنَّمَا حَدَثَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْقَوْمُ لَمَّا كَانُوا مُنَافِقِينَ فَكَيْفَ يَصِحُّ وَصْفُهُمْ بِذَلِكَ؟
قُلْنَا: قَالَ الْحَسَنُ: الْمُرَادُ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمُ الَّذِي أَظْهَرْتُمُوهُ، وَقَالَ آخَرُونَ: ظَهَرَ كُفْرُكُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ أَنْ كُنْتُمْ عِنْدَهُمْ مُسْلِمِينَ، وَالْقَوْلَانِ مُتَقَارِبَانِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ عَاصِمٌ إِنْ نَعْفُ وَنُعَذِّبْ بِالنُّونِ وَكَسْرِ الذَّالِ، وَطَائِفَةً بِالنَّصْبِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَقُولُ إِنْ يَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ يُعَذِّبْ طَائِفَةً وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ وَضَمِّهَا، وَفَتْحِ الْفَاءِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، إِنْ يُعْفَ عَنْ طَائِفَةٍ بِالتَّذْكِيرِ، وَتُعَذَّبْ طَائِفَةٌ بِالتَّأْنِيثِ، وَحَكَى صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» عَنْ مُجَاهِدٍ، إِنْ تُعْفَ عَنْ طَائِفَةٍ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مَعَ التَّأْنِيثِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْوَجْهُ التَّذْكِيرُ لِأَنَّ الْمُسْنَدَ إِلَيْهِ الظَّرْفُ كَمَا تَقُولُ سِيرَ بِالدَّابَّةِ، وَلَا تَقُولُ سِيرَتْ بِالدَّابَّةِ، وَأَمَّا تَأْوِيلُ قِرَاءَتِهِ فَهُوَ أَنَّ مُجَاهِدًا لَعَلَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى كَأَنَّهُ قِيلَ: إِنْ تُرْحَمْ طَائِفَةٌ فَأَنْتِ كَذَلِكَ، وَهُوَ غَرِيبٌ وَالْجَيِّدُ الْقِرَاءَةُ الْعَامَّةُ إِنْ يُعْفَ عَنْ طَائِفَةٍ بِالتَّذْكِيرِ وَتُعَذَّبْ طَائِفَةٌ بِالتَّأْنِيثِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ، أَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ كَانُوا ثَلَاثَةً، اسْتَهْزَأَ اثْنَانِ وَضَحِكَ وَاحِدٌ، فَالطَّائِفَةُ الْأُولَى الضَّاحِكُ، وَالثَّانِيَةُ الهازيان، وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا كَانَ ذَنْبُ الضَّاحِكِ أَخَفَّ لا جرم عفا الله عنه، وذنب الهازيين أَغْلَظَ، فَلَا جَرَمَ مَا عَفَا اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ الْقَاضِي: هَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْكُفْرِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَعْفُو عَنِ الْكَافِرِ إِلَّا بَعْدَ التَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَيْضًا لَا يُعَذِّبُ الْكَافِرَ إِلَّا بَعْدَ إِصْرَارِهِ عَلَى الْكُفْرِ، أَمَّا لَوْ تَابَ عَنْهُ وَرَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُهُ، فَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَعْفُو عَنْ طَائِفَةٍ وَيُعَذِّبُ الْأُخْرَى، كَانَ فِيهِ إِضْمَارُ أَنَّ الطَّائِفَةَ الَّتِي أَخْبَرَ أَنَّهُ يَعْفُو عَنْهُمْ تَابُوا عَنِ الْكُفْرِ وَرَجَعُوا إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَنَّ الطَّائِفَةَ الَّتِي أَخْبَرَ أَنَّهُ يُعَذِّبُهُمْ أَصَرُّوا عَلَى الْكُفْرِ وَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَى الْإِسْلَامِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ الْوَاحِدَ لَمَّا لَمْ يُبَالِغْ فِي الطَّعْنِ وَلَمْ يُوَافِقِ الْقَوْمَ فِي الذِّكْرِ خَفَّ كُفْرُهُ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى وَفَّقَهُ لِلْإِيمَانِ وَالْخُرُوجِ عَنِ الْكُفْرِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ خَاضَ فِي عَمَلٍ بَاطِلٍ، فَلْيَجْتَهِدْ فِي التَّقْلِيلِ فَإِنَّهُ يُرْجَى لَهُ بِبَرَكَةِ ذَلِكَ التَّقْلِيلِ أَنْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الْكُلِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالُوا: ثَبَتَ بِالرِّوَايَاتِ أَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ كَانُوا ثَلَاثَةً، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِنْسَانًا وَاحِدًا. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالطَّائِفَةُ فِي اللُّغَةِ أَصْلُهَا الْجَمَاعَةُ، لِأَنَّهَا الْمِقْدَارُ الَّذِي يُمْكِنُهَا أَنْ تُطِيفَ بِالشَّيْءِ ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى الْوَاحِدُ بِالطَّائِفَةِ، قَالَ تَعَالَى: وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النُّورِ: 2] وَأَقَلُّهُ الْوَاحِدُ، وَرَوَى الْفَرَّاءُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: الطَّائِفَةُ الْوَاحِدُ فَمَا فَوْقَهُ، وَفِي جَوَازِ تَسْمِيَةِ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ بِالطَّائِفَةِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ مَنِ اخْتَارَ مَذْهَبًا وَنَصَرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ يَكُونُ ذَابًّا عَنْهُ نَاصِرًا لَهُ، فَكَأَنَّهُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست