responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 29
وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا اسْمُهُ نَسْطُورُ، وَعَلَّمَهُ أَنَّ عِيسَى وَمَرْيَمَ وَالْإِلَهَ كَانُوا ثَلَاثَةً، وَتَوَجَّهَ إِلَى الرُّومِ وَعَلَّمَهُمُ اللَّاهُوتَ وَالنَّاسُوتَ، وَقَالَ: مَا كَانَ عِيسَى إِنْسَانًا وَلَا جِسْمًا وَلَكِنَّهُ اللَّهُ، وَعَلَّمَ رَجُلًا آخَرَ يُقَالُ لَهُ يَعْقُوبُ ذَلِكَ، ثُمَّ دَعَا رَجُلًا يُقَالُ لَهُ مَلَكَا فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الْإِلَهَ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ عِيسَى، ثُمَّ دَعَا لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ وَقَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْتَ خَلِيفَتِي فَادْعُ النَّاسَ إِلَى إِنْجِيلِكَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ عِيسَى فِي الْمَنَامِ وَرَضِيَ عَنِّي، وإني غدا أذبح نفس لِمَرْضَاةِ عِيسَى، ثُمَّ دَخَلَ الْمَذْبَحَ فَذَبَحَ نَفْسَهُ، ثُمَّ دَعَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ النَّاسَ إِلَى قَوْلِهِ وَمَذْهَبِهِ، فَهَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي وُقُوعِ هَذَا الْكُفْرِ فِي طَوَائِفِ النَّصَارَى، هَذَا مَا حَكَاهُ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ لَعَلَّهُ وَرَدَ لَفْظُ الِابْنِ فِي الْإِنْجِيلِ عَلَى سَبِيلِ التَّشْرِيفِ، كَمَا وَرَدَ لَفْظُ الْخَلِيلِ فِي حَقِّ إِبْرَاهِيمَ عَلَى سَبِيلِ التَّشْرِيفِ، ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ لِأَجْلِ عَدَاوَةِ الْيَهُودِ وَلِأَجْلِ أَنْ يُقَابِلُوا غُلُوَّهُمُ الْفَاسِدَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ بِغُلُوٍّ فَاسِدٍ فِي الطَّرَفِ الثَّانِي، فَبَالَغُوا وَفَسَّرُوا لَفْظَ الِابْنِ بِالْبُنُوَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَالْجُهَّالُ، قَبِلُوا ذَلِكَ، وَفَشَا هَذَا الْمَذْهَبُ الْفَاسِدُ فِي أَتْبَاعِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَرَأَ عَاصِمٌ وَالْكِسَائِيٌّ وَعَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو عُزَيْرٌ بِالتَّنْوِينِ وَالْبَاقُونَ بِغَيْرِ التَّنْوِينِ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: الْوَجْهُ إِثْبَاتُ التَّنْوِينُ. فَقَوْلُهُ: عُزَيْرٌ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: ابْنُ اللَّهِ خَبَرُهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّنْوِينِ فِي حَالِ السِّعَةِ لِأَنَّ عُزَيْرًا يَنْصَرِفُ سَوَاءٌ كَانَ أَعْجَمِيًّا أَوْ عَرَبِيًّا، وَسَبَبُ كَوْنِهِ مُنْصَرِفًا أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ اسْمٌ خَفِيفٌ فَيَنْصَرِفُ، وَإِنْ كَانَ أَعْجَمِيًّا كَهُودٍ وَلُوطٍ وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَلَى صِيغَةِ التَّصْغِيرِ وَأَنَّ الْأَسْمَاءَ الْأَعْجَمِيَّةَ لَا تُصَغَّرُ، وَأَمَّا الَّذِينَ تَرَكُوا التَّنْوِينَ فَلَهُمْ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ وَمَعْرِفَةٌ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ: ابْنُ صِفَةٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ: عُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ مَعْبُودُنَا، وَطَعَنَ عَبْدُ الْقَاهِرِ الْجُرْجَانِيُّ فِي هَذَا الْوَجْهِ فِي كِتَابِ «دَلَائِلِ الْإِعْجَازِ» ، وَقَالَ الِاسْمُ إِذَا وُصِفَ بِصِفَةٍ ثُمَّ أُخْبِرَ عَنْهُ فَمَنْ كَذَّبَهُ انْصَرَفَ التَّكْذِيبُ إِلَى الْخَبَرِ، وَصَارَ ذَلِكَ الْوَصْفُ مُسَلَّمًا فَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ بِالْإِنْكَارِ هُوَ قَوْلَهُمْ عُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ مَعْبُودُنَا، لَتَوَجَّهَ الْإِنْكَارُ إِلَى كَوْنِهِ مَعْبُودًا لَهُمْ، وَحَصَلَ كَوْنُهُ ابْنًا للَّه، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ، وَهَذَا الطَّعْنُ عِنْدِي ضَعِيفٌ. أَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ ذَاتٍ مَوْصُوفَةٍ بِصِفَةٍ بِأَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ وَأَنْكَرَهُ مُنْكِرٌ، تَوَجَّهَ الْإِنْكَارُ إِلَى الْخَبَرِ فَهَذَا مُسَلَّمٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ تَسْلِيمًا لِذَلِكَ الْوَصْفِ فَهَذَا مَمْنُوعٌ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مُكَذِّبًا لِذَلِكَ الْخَبَرِ بِالتَّكْذِيبِ أَنْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّ مَا سِوَاهُ لَا يُكَذِّبُهُ بَلْ يُصَدِّقُهُ، وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى دَلِيلِ الْخِطَابِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: قَالَ الْفَرَّاءُ: نُونُ التَّنْوِينِ سَاكِنَةٌ مِنْ عُزَيْرٌ، وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: ابْنُ اللَّهِ ساكنة فحصل هاهنا الْتِقَاءُ السَّاكِنَيْنِ، فَحُذِفَ نُونُ التَّنْوِينِ لِلتَّخْفِيفِ، وَأَنْشَدَ الفراء:
فألفيته غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ ... وَلَا ذَاكِرَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا حَكَى عَنْهُمْ بِهَذِهِ الْحِكَايَةِ قَالَ: ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ كُلَّ قَوْلٍ إِنَّمَا يُقَالُ بِالْفَمِ فَمَا مَعْنَى تَخْصِيصِهِمْ لِهَذَا الْقَوْلِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ.
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ يُرَادَ بِهِ قَوْلٌ لَا يُعَضِّدُهُ بُرْهَانٌ فَمَا هُوَ إِلَّا لَفْظٌ يَفُوهُونَ بِهِ فَارِغٌ مِنْ مَعْنًى مُعْتَبَرٍ لِحَقِّهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ قَالُوا بِاللِّسَانِ قَوْلًا، وَلَكِنْ لَمْ يَحْصُلْ عِنْدَ الْعَقْلِ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ أَثَرٌ، لأن إثبات

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست