responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 112
قَوْلِهِ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ كَالدَّلَالَةِ عَلَى طَلَبِ الْقَوْمِ مِنْهُ الِاسْتِغْفَارَ، وَقَدْ حَكَيْتُ مَا رُوِيَ فِيهِ مِنَ الْأَخْبَارِ، وَالْأَقْرَبُ فِي تَعَلُّقِ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يَلْمِزُونَ هُمُ الَّذِينَ طَلَبُوا الِاسْتِغْفَارَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ إِنَّ التَّخْصِيصَ بِالْعَدَدِ الْمُعَيَّنِ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَالَ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ الْعَدَدِ بِخِلَافِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْقَائِلِينَ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ. قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ
لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «وَاللَّهِ لَأَزِيدَنَّ عَلَى السَّبْعِينَ» وَلَمْ يَنْصَرِفْ عَنْهُ حَتَّى نَزَلَ قوله تعالى: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ [الْمُنَافِقُونَ: 6] الْآيَةَ فَكَفَّ عَنْهُمْ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا الِاسْتِدْلَالُ بِالْعَكْسِ أَوْلَى، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لَهُمُ الْبَتَّةَ. ثَبَتَ أَنَّ الْحَالَ فِيمَا وَرَاءَ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ مُسَاوٍ لِلْحَالِ فِي الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْعَدَدِ لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِيمَا وَرَاءَهُ بِخِلَافِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اشْتَغَلَ بِالِاسْتِغْفَارِ لِلْقَوْمِ فَمَنَعَهُ اللَّهُ مِنْهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ طَلَبُوا مِنَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُمْ فَاللَّهُ تَعَالَى نَهَاهُ عَنْهُ وَالنَّهْيُ عَنِ الشَّيْءِ لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْمَنْهِيِّ مُقَدَّمًا عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا اشْتَغَلَ بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ لِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُنَافِقَ كَافِرٌ، وَقَدْ ظَهَرَ فِي شَرْعِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ لِلْكَافِرِ لَا يَجُوزُ. وَلِهَذَا السَّبَبِ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِالِاقْتِدَاءِ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا فِي قَوْلِهِ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ [الْمُمْتَحَنَةِ: 4] وَإِذَا كَانَ هَذَا مَشْهُورًا فِي الشَّرْعِ فَكَيْفَ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ؟ الثَّانِي: أَنَّ اسْتِغْفَارَ الْغَيْرِ لِلْغَيْرِ لَا يَنْفَعُهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُصِرًّا عَلَى الْقُبْحِ وَالْمَعْصِيَةِ. الثَّالِثُ: أَنَّ إِقْدَامَهُ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُنَافِقِينَ يَجْرِي مَجْرَى إِغْرَائِهِمْ بِالْإِقْدَامِ عَلَى الذَّنْبِ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ تَعَالَى إِذَا كَانَ لَا يُجِيبُهُ إِلَيْهِ بَقِيَ دُعَاءُ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرْدُودًا عِنْدَ اللَّهِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ نُقْصَانَ مَنْصِبِهِ. الْخَامِسُ: أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ لَوْ كَانَ مَقْبُولًا مِنَ الرَّسُولِ لَكَانَ قَلِيلُهُ مِثْلَ كَثِيرِهِ فِي حُصُولِ الْإِجَابَةِ. فَثَبَتَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُمْ مَنَعَهُ اللَّهُ مِنْهُ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا الْعَدَدِ تَحْدِيدَ الْمَنْعِ، بَلْ هُوَ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ لِمَنْ سَأَلَهُ الْحَاجَةَ: لَوْ سَأَلْتَنِي سَبْعِينَ مَرَّةً لَمْ أَقْضِهَا لَكَ، وَلَا يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا زاد قضاها فكذا هاهنا، وَالَّذِي يُؤَكِّدُ ذَلِكَ/ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ فَبَيَّنَ أَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي لِأَجْلِهَا لَا يَنْفَعُهُمُ اسْتِغْفَارُ الرَّسُولِ وَإِنْ بَلَغَ سَبْعِينَ مَرَّةً، كُفْرُهُمْ وَفِسْقُهُمْ، وَهَذَا الْمَعْنَى قَائِمٌ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى السَّبْعِينَ، فَصَارَ هَذَا التَّعْلِيلُ شَاهِدًا بِأَنَّ الْمُرَادَ إِزَالَةُ الطَّمَعِ فِي أَنْ يَنْفَعَهُمُ اسْتِغْفَارُ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ إِصْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ، وَيُؤَكِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ
وَالْمَعْنَى أَنَّ فِسْقَهُمْ مَانِعٌ مِنَ الْهِدَايَةِ. فَثَبَتَ أَنَّ الْحَقَّ مَا ذَكَرْنَاهُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، السَّبْعُونَ عِنْدَ الْعَرَبِ غَايَةٌ مُسْتَقْصَاةٌ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ جَمْعِ الْسَبْعَةِ عَشْرَ مَرَّاتٍ، والسبعة عدد شريف لأن عدد السموات وَالْأَرْضِ وَالْبِحَارِ وَالْأَقَالِيمِ وَالنُّجُومِ وَالْأَعْضَاءِ، هُوَ هَذَا الْعَدَدُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا الْعَدَدُ إِنَّمَا خُصَّ بالذكر هاهنا لِأَنَّهُ
رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَبَّرَ عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً،
فَكَأَنَّهُ قِيلَ: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً بِإِزَاءِ صَلَاتِكَ عَلَى حمزة، وقيل: الأصل فيه قوله تعالى: كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ [الْبَقَرَةِ: 261]
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الحسنة

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 112
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست