responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 421
الْأَجْسَامِ، لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مِنَ الْجَائِزَاتِ، وَالْجَائِزُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُرَجِّحٍ، وَذَلِكَ الْمُرَجِّحُ إِنْ كَانَ جِسْمًا عَادَ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِسْمًا فَهُوَ اللَّه سُبْحَانَهُ، فَثَبَتَ أَنَّ تِلْكَ الذَّرَّةَ دَالَّةٌ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ مِنْ جِهَاتٍ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ، وَاعْتِبَارَاتٍ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْعَالَمِ الْجُسْمَانِيِّ وَالرُّوحَانِيِّ، مُفْرَدَاتِهِ وَمُرَكَّبَاتِهِ وَسُفْلِيَّاتِهِ وَعُلْوِيَّاتِهِ وَعِنْدَ هَذَا يَظْهَرُ لَكَ صِدْقُ مَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ ... تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ
وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَحِينَئِذٍ ظَهَرَتِ الْفَائِدَةُ لَكَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَلَمَّا نَبَّهَ اللَّه تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الْأَسْرَارِ الْعَجِيبَةِ وَالدَّقَائِقِ اللَّطِيفَةِ، أَرْدَفَهُ بِمَا يُوجِبُ التَّرْغِيبَ الشَّدِيدَ فِي الْإِتْيَانِ بِهَذَا النَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ فَقَالَ: وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ وَلَفْظَةُ (أَنْ) فِي قَوْلِهِ: وَأَنْ عَسى هِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ تقديره: وأنه عَسَى، وَالضَّمِيرُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَالْمَعْنَى: لَعَلَّ آجَالَهُمْ قَرُبَتْ فَهَلَكُوا عَلَى الْكُفْرِ وَيَصِيرُوا إِلَى النَّارِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا الِاحْتِمَالُ قَائِمًا وَجَبَ عَلَى الْعَاقِلِ الْمُسَارَعَةُ إِلَى هَذِهِ الْفِكْرَةِ، وَالْمُبَادَرَةُ إِلَى هَذِهِ الرُّؤْيَةِ، سَعْيًا فِي تَخْلِيصِ النَّفْسِ مِنْ هَذَا الْخَوْفِ الشَّدِيدِ وَالْخَطَرِ الْعَظِيمِ، وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى هَذِهِ الْبَيَانَاتِ الْجَلِيَّةَ وَالدَّلَائِلَ الْعَقْلِيَّةَ قَالَ: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ [الأعراف: 185] وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْقُرْآنِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ هَذِهِ التَّنْبِيهَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَيِّنَاتِ الْبَاهِرَةِ، فَكَيْفَ يَرْضَى مِنْهُمُ الْإِيمَانَ بِغَيْرِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى مَطَالِبَ كَثِيرَةٍ.
الْمَطْلَبُ الْأَوَّلُ: أَنَّ التَّقْلِيدَ غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ:
أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا.
وَالْمَطْلَبُ الثَّانِي: أَنَّ أَمْرَ النُّبُوَّةِ مُتَفَرِّعٌ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَتْبَعَهُ بِذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَلَوْلَا أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ، لَمَا كَانَ إِلَى هَذَا الْكَلَامِ حَاجَةٌ.
وَالْمَطْلَبُ الثَّالِثُ: تَمَسَّكَ الْجُبَّائِيُّ وَالْقَاضِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ قَدِيمًا قَالُوا: لِأَنَّ الْحَدِيثَ ضِدُّ الْقَدِيمِ، وَأَيْضًا فَلَفْظُ الْحَدِيثِ يُفِيدُ مِنْ جِهَةِ الْعَادَةِ حُدُوثُهُ عَنْ قُرْبٍ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ: إِنَّ هَذَا الشَّيْءَ حَدِيثٌ، وَلَيْسَ بِعَتِيقٍ فَيَجْعَلُونَ الْحَدِيثَ ضِدَّ الْعَتِيقِ الَّذِي طَالَ زَمَانُ وُجُودِهِ، وَيُقَالُ: فِي الْكَلَامِ إِنَّهُ حَدِيثٌ، لِأَنَّهُ يَحْدُثُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ عَلَى الْأَسْمَاعِ.
وَجَوَابُنَا عَنْهُ: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ مِنَ الْكَلِمَاتِ وَلَا نِزَاعَ فِي حُدُوثِهَا.
الْمَطْلَبُ الرابع: أن النظر في ملكوت السموات وَالْأَرْضِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ أَقْسَامِهَا وَتَفْصِيلُ الْكَلَامِ فِي شَرْحِ أَقْسَامِهَا، أَنْ يُقَالَ كُلُّ مَا سِوَى اللَّه تَعَالَى، فَهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَحَيِّزًا أَوْ حَالًّا فِي الْمُتَحَيِّزِ أَوْ لَا مُتَحَيِّزًا، وَلَا حَالًّا فِي الْمُتَحَيِّزِ، أَمَّا الْمُتَحَيِّزُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَسِيطًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُرَكَّبًا، أَمَّا الْبَسَائِطُ فَهِيَ إِمَّا عُلْوِيَّةٌ وَإِمَّا سُفْلِيَّةٌ، أَمَّا الْعُلْوِيَّةُ فَهِيَ الْأَفْلَاكُ وَالْكَوَاكِبُ، وَيَنْدَرِجُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ الْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ، وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، وَالْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، وَالسَّقْفُ الْمَرْفُوعُ وَاسْتَقْصِ فِي تَفْصِيلِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ، وَأَمَّا السُّفْلِيَّةُ فَهِيَ: طَبَقَاتُ الْعَنَاصِرِ الْأَرْبَعَةِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا الْبِحَارُ وَالْجِبَالُ وَالْمَفَاوِزُ، وَأَمَّا الْمُرَكَّبَاتُ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْآثَارُ الْعُلْوِيَّةُ وَالْمَعَادِنُ وَالنَّبَاتُ وَالْحَيَوَانُ، وَاسْتَقْصِ فِي تَفْصِيلِ أَنْوَاعِ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ الْأَرْبَعَةِ، وَأَمَّا الْحَالُ فِي الْمُتَحَيِّزِ وَهِيَ الْأَعْرَاضُ، فَيَقْرُبُ أَجْنَاسُهَا مِنْ أَرْبَعِينَ جِنْسًا، وَيَدْخُلُ تَحْتَ كُلِّ جِنْسٍ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ، ثُمَّ إِذَا تَأَمَّلَ الْعَاقِلُ فِي عَجَائِبِ أحكامها

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 421
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست