responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 355
وَأَمَّا التَّأْوِيلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا سَأَلَ الرُّؤْيَةَ لِقَوْمِهِ لَا لِنَفَسِهِ فَهُوَ أَيْضًا فَاسِدٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَقَالَ مُوسَى: أَرِهِمْ يَنْظُرُوا إِلَيْكَ وَلَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَنْ يَرَوْنِي فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَطَلَ هَذَا التَّأْوِيلُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ هَذَا السُّؤَالُ طَلَبًا لِلْمُحَالِ لَمَنَعَهُمْ عَنْهُ كَمَا أَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا:
اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ [الْأَعْرَافِ: 138] منعهم عنه بقوله: إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [الأعراف: 138] وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ عَلَى مُوسَى إِقَامَةُ الدَّلَائِلِ الْقَاطِعَةِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَا تَجُوزُ رُؤْيَتُهُ وَأَنْ يَمْنَعَ قَوْمَهُ بِتِلْكَ الدَّلَائِلِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ فَأَمَّا أَنْ لَا يَذْكُرَ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الدَّلَائِلِ الْبَتَّةَ مَعَ أَنَّ ذِكْرَهَا كَانَ فَرْضًا مُضَيَّقًا كَانَ هَذَا نِسْبَةً لِتَرْكِ الْوَاجِبِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَالرَّابِعُ: أَنَّ أُولَئِكَ الْأَقْوَامَ الَّذِينَ طَلَبُوا الرُّؤْيَةَ إِمَّا أَنْ يَكُونُوا قَدْ آمَنُوا بِنُبُوَّةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ مَا آمَنُوا بِهَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ كَفَاهُمْ فِي الِامْتِنَاعِ عَنْ ذَلِكَ السُّؤَالِ الْبَاطِلِ مُجَرَّدُ قَوْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا السُّؤَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهَذَا الْجَوَابِ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ لَهُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ اللَّهَ مَنَعَ مِنَ الرُّؤْيَةِ بَلْ هَذَا قَوْلٌ افْتَرَيْتَهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَثَبَتَ أَنَّ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ لَا فَائِدَةَ لِلْقَوْمِ فِي قَوْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ وَأَمَّا التَّأْوِيلُ الثَّالِثُ: فَبَعِيدٌ أَيْضًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ أَرِنِي أَمْرًا أَنْظُرْ إِلَى أَمْرِكَ ثُمَّ حُذِفَ الْمَفْعُولُ وَالْمُضَافُ إِلَّا أَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ هَذَا وَهُوَ قَوْلُهُ: أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي [الأعراف: 143] فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ جَمِيعُ هَذَا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ. الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى أَرَاهُ مِنَ الْآيَةِ مَا لَا غَايَةَ بَعْدَهَا كَالْعَصَا وَالْيَدِ الْبَيْضَاءِ وَالطُّوفَانِ وَالْجَرَادِ وَالْقُمَّلِ وَالضَّفَادِعِ وَالدَّمِ وَإِظْلَالِ الْجَبَلِ فَكَيْفَ يُمْكِنُ بَعْدَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ طَلَبُ آيَةٍ ظَاهِرَةٍ قَاهِرَةٍ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَتَكَلَّمُ مَعَ اللَّهِ بِلَا وَاسِطَةٍ. فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَيْفَ يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَقُولَ: أَظْهِرْ لِي آيَةً قَاهِرَةً ظَاهِرَةً تَدُلُّ عَلَى أَنَّكَ مَوْجُودٌ؟ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ آيَةً تَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ لَأَعْطَاهُ تِلْكَ الْآيَةَ كَمَا أَعْطَاهُ سَائِرَ الْآيَاتِ/ وَلَكَانَ لَا مَعْنَى لِمَنْعِهِ عَنْ ذَلِكَ فَثَبَتَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ فَاسِدٌ. وَأَمَّا التَّأْوِيلُ الرَّابِعُ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: الْمَقْصُودُ مِنْهُ إِظْهَارُ آيَةٍ سَمْعِيَّةٍ تُقَوِّي مَا دَلَّ الْعَقْلُ عَلَيْهِ، فَهُوَ أَيْضًا بَعِيدٌ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ، لَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ: أُرِيدُ يَا إِلَهِي أَنْ يَقْوَى امْتِنَاعُ رُؤْيَتِكَ بِوُجُوهٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَا ظَهَرَ فِي الْعَقْلِ، وَحَيْثُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ طَلَبَ الرُّؤْيَةَ. عَلِمْنَا أَنَّ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ بِأَسْرِهَا فَاسِدَةٌ.
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: مِنَ الْوُجُوهِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى جَائِزُ الرُّؤْيَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ مُسْتَحِيلَ الرُّؤْيَةِ لَقَالَ: لَا أُرَى أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ حَجَرٌ فَقَالَ لَهُ إِنْسَانٌ نَاوِلْنِي هَذَا لِآكُلَهُ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَهُ هَذَا لَا يُؤْكَلُ وَلَا يَقُولُ لَهُ لَا تَأْكُلْ. وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ بَدَلَ الْحَجَرِ تُفَّاحَةٌ لَقَالَ لَهُ: لَا تَأْكُلْهَا أَيْ هَذَا مِمَّا يُؤْكَلُ وَلَكِنَّكَ لَا تَأْكُلُهُ. فَلَمَّا قَالَ تَعَالَى: لَنْ تَرانِي وَلَمْ يَقُلْ لَا أُرَى عَلِمْنَا أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى فِي ذَاتِهِ جَائِزُ الرُّؤْيَةِ.
الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ: مِنَ الْوُجُوهِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ رُؤْيَتَهُ عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ وَالْمُعَلَّقُ عَلَى الْجَائِزِ جَائِزٌ فَيَلْزَمُ كَوْنُ الرُّؤْيَةِ فِي نَفْسِهَا جَائِزَةً. إِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ رُؤْيَتَهُ عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ لِأَنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ رُؤْيَتَهُ عَلَى اسْتِقْرَارِ الْجَبَلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي وَاسْتِقْرَارُ الْجَبَلِ أَمْرٌ جَائِزُ الْوُجُودِ فِي نَفْسِهِ فَثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ رُؤْيَتَهُ عَلَى أَمْرٍ جَائِزِ الْوُجُودِ فِي نَفْسِهِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 355
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست