responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 316
[في قوله تعالى قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إلى قوله بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها] اعْلَمْ أَنَّ شُعَيْبًا لَمَّا قَرَّرَ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ قَالَ: الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا وَأَنِفُوا مِنْ تَصْدِيقِهِ وَقَبُولِ قَوْلِهِ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ ونخرجك وَنُخْرِجَ أَتْبَاعَكَ مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَإِمَّا أَنْ تَعُودَ إِلَى مِلَّتِنَا وَالْإِشْكَالُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ:
إِنَّ قَوْلَهُمْ: أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ عَلَى مِلَّتِهِمُ الَّتِي هِيَ الْكُفْرُ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ كَافِرًا قَبْلَ ذَلِكَ وَذَلِكَ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَقَوْلُهُ: قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى.
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ أَتْبَاعَ شُعَيْبٍ كَانُوا قَبْلَ دُخُولِهِمْ فِي دِينِهِ كُفَّارًا فَخَاطَبُوا شُعَيْبًا بِخِطَابِ أَتْبَاعِهِ وَأَجْرَوْا عَلَيْهِ أَحْكَامَهُمْ. الثَّانِي: أَنَّ رُؤَسَاءَهُمْ قَالُوا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّلْبِيسِ عَلَى الْعَوَامِّ يُوهِمُونَ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ وَأَنَّ شُعَيْبًا ذَكَرَ جَوَابَهُ عَلَى وَفْقِ ذَلِكَ الْإِيهَامِ. الثَّالِثُ: أَنَّ شُعَيْبًا فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ كَانَ يُخْفِي دِينَهُ وَمَذْهَبَهُ، فَتَوَهَّمُوا أَنَّهُ كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ. الرَّابِعُ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ شُعَيْبًا كَانَ عَلَى شَرِيعَتِهِمْ ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى نَسَخَ تِلْكَ الشَّرِيعَةِ بِالْوَحْيِ الَّذِي أَوْحَاهُ إِلَيْهِ. الْخَامِسُ: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا أَيْ لَتَصِيرُنَّ إِلَى مِلَّتِنَا فَوَقَعَ الْعَوْدُ بِمَعْنَى الِابْتِدَاءِ. تَقُولُ الْعَرَبُ: قَدْ عَادَ إِلَيَّ مِنْ فُلَانٍ مَكْرُوهٌ يُرِيدُونَ قَدْ صَارَ إِلَيَّ مِنْهُ الْمَكْرُوهُ ابْتِدَاءً قَالَ الشَّاعِرُ:
فَإِنْ تَكُنِ الْأَيَّامُ أَحْسَنَ مُدَّةً ... إِلَيَّ فَقَدْ عَادَتْ لَهُنَّ ذُنُوبُ
أَرَادَ فَقَدْ صَارَتْ لَهُنَّ ذُنُوبٌ وَلَمْ يَرِدْ أَنَّ ذُنُوبًا كَانَتْ لَهُنَّ قَبْلَ الْإِحْسَانِ ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا قَالُوا ذَلِكَ أَجَابَ شُعَيْبٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ كَلَامِهِمْ بِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: قوله: وَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ وَالْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ. تَقْدِيرُهُ: أَتُعِيدُونَنَا فِي مِلَّتِكُمْ فِي حَالِ كَرَاهَتِنَا وَمَعَ كَوْنِنَا كَارِهِينَ: الثَّانِي: قَوْلُهُ:
قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ يَجْرِي مَجْرَى الرَّمْزِ فِي أَنَّهُ لَا يَعُودُ إِلَى مِلَّتِهِمْ وَهَذَا الْجَوَابُ الثَّانِي تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّهُ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ فَقَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ.
وَأَصْلُ الْبَابِ فِي النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ صِدْقُ اللَّهْجَةِ وَالْبَرَاءَةُ عَنِ الْكَذِبِ فَالْعَوْدُ فِي مِلَّتِكُمْ يُبْطِلُ النُّبُوَّةَ وَيُزِيلُ الرِّسَالَةَ. وَقَوْلُهُ: إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها فِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: مَعْنَى إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها عَلَّمَنَا قُبْحَهُ وَفَسَادَهُ وَنَصَبَ الْأَدِلَّةَ عَلَى أَنَّهُ بَاطِلٌ. الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ اللَّهَ نَجَّى قَوْمَهُ مِنْ تِلْكَ الْمِلَّةِ إِلَّا أَنَّهُ نَظَمَ نَفْسَهُ فِي جُمْلَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ بَرِيئًا مِنْهُ إِجْرَاءَ الْكَلَامِ عَلَى حُكْمِ التَّغْلِيبِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْقَوْمَ أُوهِمُوا أَنَّهُ كَانَ عَلَى مِلَّتِهِمْ أَوِ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ. فَقَوْلُهُ: بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها أَيِ حَسَبَ مُعْتَقَدِكُمْ وَزَعْمِكُمْ.
أَمَّا قَوْلُهُ: وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ فَاعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَنَا يَتَمَسَّكُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ يَشَاءُ الْكُفْرَ وَالْمُعْتَزِلَةُ يَتَمَسَّكُونَ بِهَا عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَشَاءُ إِلَّا الْخَيْرَ وَالصَّلَاحَ. أَمَّا وَجْهُ اسْتِدْلَالِ أَصْحَابِنَا بِهَذِهِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُنَجِّيَ مِنَ الْكُفْرِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ كَانَ الْإِيمَانُ يَحْصُلُ بِخَلْقِ الْعَبْدِ لَكَانَتِ النَّجَاةُ مِنَ الْكُفْرِ تَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ مِنْ نَفْسِهِ لَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى قوله:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 316
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست