responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 295
مُغَايِرًا لَهَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِذَلِكَ الْمُغَايِرِ مَاهِيَّةٌ وَوُجُودٌ وَمَاهِيَّتُهُ لَا تَقْبَلُ الِارْتِفَاعَ وَحِينَئِذٍ يَعُودُ السُّؤَالُ الْمَذْكُورُ.
فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَاهِيَّةَ أَنَّ لَمْ تَقْبَلُ النَّفْيَ وَالرَّفْعَ امْتَنَعَ صَرْفُ حَرْفِ النَّفْيِ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْمَفْهُومَاتِ فَإِنْ كَانَتِ الْمَاهِيَّةُ قَابِلَةً لِلنَّفْيِ وَالرَّفْعِ فَحِينَئِذٍ يُمْكِنُ صَرْفُ كَلِمَةِ «لَا» فِي قَوْلِنَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَى هَذِهِ الْحَقِيقَةِ وَحِينَئِذٍ لَا يُحْتَاجُ إِلَى الْتِزَامِ الْحَذْفِ وَالْإِضْمَارِ الَّذِي يَذْكُرُهُ النَّحْوِيُّونَ فَهَذَا كَلَامٌ عَقْلِيٌّ صِرْفٌ وَقَعَ فِي هَذَا الْبَحْثِ الَّذِي ذَكَرَهُ النَّحْوِيُّونَ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: لَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِ قَوْلَانِ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَعَثْنَا. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى الْإِرْسَالِ أَنَّهُ تَعَالَى حَمَّلَهُ رِسَالَةً يُؤَدِّيهَا فَالرِّسَالَةُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَكُونُ مُتَضَمِّنَةً لِلْبَعْثِ فَيَكُونُ الْبَعْثُ كَالتَّابِعِ لَا أَنَّهُ الْأَصْلُ وَهَذَا الْبَحْثُ بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةٍ أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّهُ هَلْ مِنْ شَرْطِ إِرْسَالِ الرَّسُولِ إِلَى قَوْمٍ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ عَلَى لِسَانِهِ أَحْكَامًا لَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى مَعْرِفَتِهَا بِعُقُولِهِمْ أَوْ لَيْسَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ؟ بَلْ يَكُونُ الْغَرَضُ مِنْ بَعْثَةِ الرُّسُلِ مُجَرَّدَ تَأْكِيدِ مَا فِي الْعُقُولِ وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا يَلِيقُ بتفاريع المعتزلة ولا يليق بتفاريع مذاهبنا وَأُصُولِنَا.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: فِي الْآيَةِ فَوَائِدُ:
الْفَائِدَةُ الْأُولَى: أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْ نُوحٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَهُمْ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالثَّانِي: أَنَّهُ حَكَمَ أَنْ لَا إِلَهَ غَيْرُ اللَّهِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ إِثْبَاتُ التَّكْلِيفِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْكَلَامِ الثَّانِي الْإِقْرَارُ بِالتَّوْحِيدِ.
ثُمَّ قَالَ عَقِيبَهُ: إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ إِمَّا عَذَابُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ: فَهُوَ قَدْ خَوَّفَهُمْ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهَذَا هُوَ الدَّعْوَى الثَّالِثَةُ أَوْ عَذَابُ يَوْمِ الطُّوفَانِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ: فَقَدِ ادَّعَى الْوَحْيَ وَالنُّبُوَّةَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْهُ أَنَّهُ ذَكَرَ هَذِهِ الدَّعَاوَى الثَّلَاثَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ عَلَى صِحَّةِ وَاحِدٍ مِنْهَا دَلِيلًا وَلَا حُجَّةً فَإِنْ كَانَ قَدْ أَمَرَهُمْ بِالْإِنْذَارِ بِهَا عَلَى سَبِيلِ التَّقْلِيدِ فَهَذَا بَاطِلٌ لِمَا أَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّقْلِيدِ بَاطِلٌ وَأَيْضًا فَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ مَلَأَ الْقُرْآنَ مِنْ ذَمِّ التَّقْلِيدِ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالرَّسُولِ الْمَعْصُومِ الدَّعْوَةُ إِلَى التَّقْلِيدِ؟ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَمَرَهُمْ بِالْإِقْرَارِ بِهَا مَعَ ذِكْرِ الدَّلِيلِ فَهَذَا الدَّلِيلُ غَيْرُ مَذْكُورٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ دَلَائِلَ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَصِحَّةَ الْمَعَادِ وَذَلِكَ تَنْبِيهٌ مِنْهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَدْعُو أَحَدًا إِلَى هَذِهِ الْأُصُولِ إِلَّا بِذِكْرِ الْحُجَّةِ وَالدَّلِيلِ. أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ تَعَالَى مَا حَكَى عَنْ نُوحٍ تِلْكَ الدَّلَائِلَ فِي هَذَا الْمَقَامِ إِلَّا أَنَّ تِلْكَ الدَّلَائِلَ لَمَّا كَانَتْ مَعْلُومَةً لَمْ يَكُنْ إِلَى ذِكْرِهَا حَاجَةٌ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَتَرَكَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرَ الدَّلَائِلِ لِهَذَا السَّبَبِ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَكَرَ أَوَّلًا قَوْلَهُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَثَانِيًا قَوْلَهُ: مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَالثَّانِي كَالْعِلَّةِ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُهُ كَانَ كُلُّ مَا حَصَلَ عِنْدَهُمْ مِنْ وُجُوهِ النَّفْعِ وَالْإِحْسَانِ وَالْبِرِّ وَاللُّطْفِ حَاصِلًا مِنَ اللَّهِ وَنِهَايَةُ الْإِنْعَامِ تُوجِبُ نِهَايَةَ التَّعْظِيمِ فَإِنَّمَا وَجَبَتْ عِبَادَةُ اللَّهِ لِأَجْلِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْبَحْثِ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ: إِنَّا قَبْلَ الْعِلْمِ بِأَنْ لَا إِلَهَ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ لَا نَعْلَمُ أَنَّ الْمُنْعِمَ عَلَيْنَا بِوُجُوهِ النِّعَمِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَنَا هُوَ هَذَا أَمْ ذَاكَ؟ وَإِذَا جَهِلْنَا ذَلِكَ فَقَدْ جَهِلْنَا مَنْ كَانَ هُوَ الْمُنْعِمَ فِي حَقِّنَا وَحِينَئِذٍ لَا يَحْسُنُ عِبَادَتُهُ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَانَ الْعِلْمُ بِالتَّوْحِيدِ شَرْطًا لِلْعِلْمِ بِحُسْنِ الْعِبَادَةِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 295
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست