responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 249
بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَيَعْرِفُونَ أَنَّ أَهْلَ الثَّوَابِ وَصَلُوا إِلَى الدَّرَجَاتِ وَأَهْلَ الْعِقَابِ إِلَى الدِّرْكَاتِ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي صِفَةِ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ أَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ أَيْ لَمْ يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَهُمْ يَطْمَعُونَ فِي دُخُولِهَا وَهَذَا الْوَصْفُ لَا يَلِيقُ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالشُّهَدَاءِ.
أَجَابَ الذَّاهِبُونَ إِلَى هَذَا الْوَجْهِ بِأَنْ قَالُوا: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ مِنْ صِفَاتِ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ أَنَّ دُخُولَهُمُ الْجَنَّةَ يَتَأَخَّرُ وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّهُ تَعَالَى مَيَّزَهُمْ عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ وَأَجْلَسَهُمْ عَلَى تِلْكَ الشُّرُفَاتِ الْعَالِيَةِ وَالْأَمْكِنَةِ الْمُرْتَفِعَةِ لِيُشَاهِدُوا أَحْوَالَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَحْوَالَ أَهْلِ النَّارِ فَيَلْحَقُهُمُ السُّرُورُ الْعَظِيمُ بِمُشَاهَدَةِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ ثُمَّ إِذَا اسْتَقَرَّ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ فَحِينَئِذٍ يَنْقُلُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى أَمْكِنَتِهِمُ الْعَالِيَةِ فِي الْجَنَّةِ فَثَبَتَ أَنَّ كَوْنَهُمْ غَيْرَ دَاخِلِينَ فِي الْجَنَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ كَمَالِ شَرَفِهِمْ وَعُلُوِّ دَرَجَتِهِمْ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَهُمْ يَطْمَعُونَ فَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا الطَّمَعِ الْيَقِينُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشُّعَرَاءِ: 82] وذلك الطمع كان طمع يقين فكذا هاهنا. فَهَذَا تَقْرِيرُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ أَصْحَابَ الْأَعْرَافِ هُمْ أَشْرَافُ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ أَقْوَامٌ يَكُونُونَ فِي الدَّرَجَةِ النَّازِلَةِ مِنْ أَهْلِ الثَّوَابِ وَالْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ ذَكَرُوا وُجُوهًا: أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ قَوْمٌ تَسَاوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ فَلَا جَرَمَ مَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَوْقَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الْأَعْرَافِ لِكَوْنِهَا دَرَجَةً مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الْجَنَّةِ وَبَيْنَ النَّارِ ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ بِفَضْلِهِ وَرَحِمَتِهِ وَهُمْ آخِرُ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَهَذَا قَوْلُ حُذَيْفَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاخْتِيَارُ الْفَرَّاءِ وَطَعَنَ الْجُبَّائِيُّ وَالْقَاضِي فِي هَذَا الْقَوْلِ وَاحْتَجُّوا عَلَى فَسَادِهِ بِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ قَالُوا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الأعراف: 43] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقًّا لِدُخُولِهَا وَذَلِكَ يَمْنَعُ مِنَ الْقَوْلِ بِوُجُودِ أَقْوَامٍ لَا يَسْتَحِقُّونَ الْجَنَّةَ/ وَلَا النَّارَ، ثُمَّ إِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِمَحْضِ التَّفَضُّلِ لَا بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ. وَثَانِيهِمَا: أَنَّ كَوْنَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى مَيَّزَهُمْ مِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْقِيَامَةِ بان أجلسهم على الإمكان الْعَالِيَةِ الْمُشْرِفَةِ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ وَذَلِكَ تَشْرِيفٌ عَظِيمٌ وَمِثْلُ هَذَا التَّشْرِيفِ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِالْأَشْرَافِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الَّذِينَ تَسَاوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ فَدَرَجَتُهُمْ قَاصِرَةٌ، فَلَا يَلِيقُ بِهِمْ ذَلِكَ التَّشْرِيفُ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها خطاب مَعَ قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ فَلَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَذَلِكَ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ تَعَالَى أَجْلَسَهُمْ عَلَى تِلْكَ الْمَوَاضِعِ عَلَى سَبِيلِ التَّخْصِيصِ بِمَزِيدِ التَّشْرِيفِ وَالْإِكْرَامِ وَإِنَّمَا أَجْلَسَهُمْ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا كَالْمَرْتَبَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَهَلِ النِّزَاعُ إِلَّا فِي ذَلِكَ؟
فَثَبَتَ أَنَّ الْحُجَّةَ الَّتِي عَوَّلُوا عَلَيْهَا فِي إِبْطَالِ هَذَا الْوَجْهِ ضَعِيفَةٌ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: مِنَ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فِي تَفْسِيرِ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ قَالُوا: الْمُرَادُ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ أَقْوَامٌ خَرَجُوا الى الغز وبغير إِذَنِ آبَائِهِمْ فَاسْتُشْهِدُوا فَحُبِسُوا بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ دَاخِلٌ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ إِنَّمَا صَارُوا مِنْ أَصْحَابِ الأعراف لان معصيتهم

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 249
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست