responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 231
أُمَّتِي هِجْرَةُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ» قَالَ: فَإِنَّ نَفْسِي تُحَدِّثُنِي أَنْ لَا أَغْشَاهَا. قَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا غَشِيَ أَهْلَهُ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينَهُ فَإِنْ لَمْ يُصِبْ مِنْ وَقْعَتِهِ تِلْكَ وَلَدًا كَانَ لَهُ وَصَيْفٌ فِي الْجَنَّةِ وَإِذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ قُرَّةَ عَيْنٍ وَفَرِحَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْحِنْثَ كَانَ لَهُ شَفِيعًا وَرَحْمَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ: فَإِنَّ نَفْسِي تُحَدِّثُنِي أَنْ لَا آكُلَ اللَّحْمَ قَالَ: «مَهْلًا إِنِّي آكُلُ اللَّحْمَ إِذَا وَجَدْتُهُ وَلَوْ سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يُطْعِمَنِيهِ كُلَّ يَوْمٍ فَعَلَهُ» قَالَ: فَإِنَّ نَفْسِي تُحَدِّثُنِي أَنْ لَا أَمَسَّ الطِّيبَ. قَالَ: «مَهْلًا فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَنِي بِالطِّيبِ غَبًّا وَقَالَ لَا تَتْرُكْهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» ثُمَّ قَالَ: «يَا عُثْمَانُ لَا تَرْغَبْ عَنْ سُنَّتِي فَإِنَّ مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ صَرَفَتِ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ عَنْ حَوْضِي» .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ الْكَامِلَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الزِّينَةِ مُبَاحٌ مَأْذُونٌ فِيهِ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ فَلِهَذَا السَّبَبِ أَدْخَلْنَا الْكُلَّ تَحْتَ قَوْلِهِ: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مُقْتَضَى هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ كُلَّ مَا تَزَيَّنَ الْإِنْسَانُ بِهِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُسْتَطَابُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا فَهَذِهِ الْآيَةُ تَقْتَضِي حِلَّ كُلِّ الْمَنَافِعِ وَهَذَا أَصْلٌ مُعْتَبَرٌ فِي كُلِّ الشَّرِيعَةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاقِعَةٍ تَقَعُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ النَّفْعُ فِيهَا خَالِصًا أَوْ رَاجِحًا أَوِ الضَّرَرُ يَكُونُ/ خَالِصًا أَوْ رَاجِحًا أَوْ يَتَسَاوَى الضَّرَرُ وَالنَّفْعُ أَوْ يَرْتَفِعَا. أَمَّا الْقِسْمَانِ الْأَخِيرَانِ وَهُوَ أَنْ يَتَعَادَلَ الضَّرَرُ وَالنَّفْعُ أَوْ لَمْ يُوجَدَا قَطُّ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَجَبَ الْحُكْمُ بِبَقَاءِ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ وَإِنْ كَانَ النَّفْعُ خَالِصًا وَجَبَ الْإِطْلَاقُ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْآيَةِ وَإِنْ كَانَ النَّفْعُ رَاجِحًا وَالضَّرَرُ مَرْجُوحًا يُقَابَلُ الْمِثْلُ بِالْمِثْلِ وَيَبْقَى الْقَدْرُ الزَّائِدُ نَفْعًا خَالِصًا فَيَلْتَحِقُ بِالْقِسْمِ الَّذِي يَكُونُ النَّفْعُ فِيهِ خَالِصًا وَإِنْ كَانَ الضَّرَرُ خَالِصًا كَانَ تَرْكُهُ خَالِصَ النَّفْعِ، فَيَلْتَحِقُ بِالْقِسْمِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ كَانَ الضَّرَرُ رَاجِحًا بَقِيَ الْقَدْرُ الزَّائِدُ ضَرَرًا خَالِصًا فَكَانَ تَرْكُهُ نَفْعًا خَالِصًا، فَبِهَذَا الطَّرِيقِ صَارَتْ هَذِهِ الْآيَةُ دَالَّةً عَلَى الْأَحْكَامِ الَّتِي لَا نِهَايَةَ لَهَا فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ ثُمَّ إِنْ وَجَدْنَا نَصًّا خَالِصًا فِي الْوَاقِعَةِ قَضَيْنَا فِي النَّفْعِ بِالْحِلِّ وَفِي الضَّرَرِ بِالْحُرْمَةِ وَبِهَذَا الطَّرِيقِ صَارَ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَا نِهَايَةَ لَهَا دَاخِلًا تَحْتَ النَّصِّ ثُمَّ قَالَ نُفَاةُ الْقِيَاسِ فَلَوْ تَعَبَّدَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْقِيَاسِ لَكَانَ حُكْمُ ذَلِكَ الْقِيَاسِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِحُكْمِ هَذَا النَّصِّ الْعَامِّ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ ضَائِعًا لِأَنَّ هَذَا النَّصَّ مُسْتَقِلٌّ بِهِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا كَانَ ذَلِكَ الْقِيَاسُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ هَذَا النَّصِّ فَيَكُونُ مَرْدُودًا لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالنَّصِّ أَوْلَى مِنَ الْعَمَلِ بِالْقِيَاسِ. قَالُوا: وَبِهَذَا الطَّرِيقِ يَكُونُ الْقُرْآنُ وَحْدَهُ وَافِيًا بِبَيَانِ كُلِّ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ وَلَا حَاجَةَ مَعَهُ إِلَى طَرِيقٍ آخَرَ فَهَذَا تَقْرِيرُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: الْقُرْآنُ وَافٍ بِبَيَانِ جَمِيعِ الْوَقَائِعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: تَفْسِيرُ الْآيَةِ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا غَيْرَ خَالِصَةٍ لَهُمْ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ شُرَكَاؤُهُمْ فِيهَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَشْرَكُهُمْ فِيهَا أَحَدٌ.
فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا قِيلَ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلِغَيْرِهِمْ؟
قُلْنَا: فُهِمَ مِنْهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهَا خُلِقَتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا عَلَى طَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَأَنَّ الْكَفَرَةَ تَبَعٌ لَهُمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ [الْبَقَرَةِ: 126] وَالْحَاصِلُ: إِنَّ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ النِّعَمَ إِنَّمَا تصفوا عَنْ شَوَائِبِ الرَّحْمَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهَا تَكُونُ مُكَدَّرَةً مَشُوبَةً.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست