responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 192
أَصْنَافَ الْمُشْرِكِينَ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّ عَبْدَةَ الْأَصْنَامِ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ وَعَبَدَةَ الْكَوَاكِبِ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ وَالْقَائِلُونَ: بِيَزْدَانُ وَأَهْرَمَنُ وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِي حَقِّهِمْ: وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ [الْأَنْعَامِ: 100] أَشْرَكُوا بِاللَّهِ وَالْقَائِلُونَ: بِأَنَّ الْمَسِيحَ ابْنُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةَ بَنَاتُهُ أَشْرَكُوا أَيْضًا بِاللَّهِ فَهَؤُلَاءِ هُمْ فِرَقُ الْمُشْرِكِينَ وَكُلُّهُمْ مُعْتَرِفُونَ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ الْكُلِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَبْدَةَ الْأَصْنَامِ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هو الخالق للسموات وَالْأَرْضِ وَلِكُلِّ مَا فِي الْعَالَمِ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ وَهُوَ الْخَالِقُ لِلْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ بِأَسْرِهَا. وَأَمَّا عَبْدَةُ الْكَوَاكِبِ فَهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُهَا وَمُوجِدُهَا. وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِيَزْدَانُ وَأَهْرَمَنُ فَهُمْ أَيْضًا مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ مُحْدَثٌ وَأَنَّ مُحْدِثَهُ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ.
وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِالْمَسِيحِ وَالْمَلَائِكَةِ فَهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ الْكُلِّ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ طَوَائِفَ الْمُشْرِكِينَ أَطْبَقُوا وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ هَؤُلَاءِ الشُّرَكَاءِ.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ لَهُ يَا مُحَمَّدُ: قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا مَعَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا رَبًّا غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى أَقَرُّوا بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَهَلْ يَدْخُلُ فِي الْعَقْلِ جَعْلُ الْمَرْبُوبِ شَرِيكًا لِلرَّبِّ وَجَعْلُ الْعَبْدِ شَرِيكًا لِلْمَوْلَى وَجَعْلُ الْمَخْلُوقِ شَرِيكًا لِلْخَالِقِ؟ وَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ثَبَتَ بِهَذَا الدَّلِيلِ أَنَّ اتِّخَاذَ رَبٍّ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلٌ فَاسِدٌ وَدِينٌ بَاطِلٌ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْمَوْجُودَ إِمَّا وَاجِبٌ لِذَاتِهِ وَإِمَّا مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ وَثَبَتَ أَنَّ الْوَاجِبَ لِذَاتِهِ وَاحِدٌ فَثَبَتَ أَنَّ مَا سِوَاهُ مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ وَثَبَتَ أَنَّ الْمُمْكِنَ لِذَاتِهِ لَا يُوجَدُ إِلَّا بِإِيجَادِ الْوَاجِبِ لِذَاتِهِ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ تَعَالَى رَبًّا لِكُلِّ شَيْءٍ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: صَرِيحُ الْعَقْلِ يَشْهَدُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ جَعْلُ الْمَرْبُوبِ شَرِيكًا لِلرَّبِّ وَجَعْلُ الْمَخْلُوقِ شَرِيكًا لِلْخَالِقِ فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ بِهَذَا الدَّلِيلِ الْقَاهِرِ الْقَاطِعِ هَذَا التَّوْحِيدَ بَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ مِنْ كُفْرِهِمْ وَشِرْكِهِمْ ذَمٌّ وَلَا عِقَابٌ فَقَالَ: وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها وَمَعْنَاهُ أَنَّ إِثْمَ الْجَانِي عَلَيْهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى أَيْ لَا تُؤْخَذُ نَفْسٌ آثِمَةٌ بِإِثْمِ أُخْرَى ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ رُجُوعَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى مَوْضِعٍ لَا حَاكِمَ فِيهِ وَلَا آمِرَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ قَوْلُهُ: ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ.

[سورة الأنعام (6) : آية 165]
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
اعْلَمْ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وجوها: أحدها: جعلكهم خَلَائِفَ الْأَرْضِ لِأَنَّ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ فَخَلَفَتْ أُمَّتُهُ سَائِرَ الْأُمَمِ. وَثَانِيهَا: جَعَلَهُمْ يَخْلُفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَثَالِثُهَا: أَنَّهُمْ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ يَمْلِكُونَهَا وَيَتَصَرَّفُونَ فِيهَا.
ثُمَّ قَالَ: وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ فِي الشَّرَفِ وَالْعَقْلِ وَالْمَالِ وَالْجَاهِ وَالرِّزْقِ وَإِظْهَارُ هَذَا التَّفَاوُتِ لَيْسَ لِأَجْلِ الْعَجْزِ وَالْجَهْلِ وَالْبُخْلِ فَإِنَّهُ تَعَالَى مُتَعَالٍ عَنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَإِنَّمَا هُوَ لأجل الابتلاء

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست