responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 541
السَّلَامُ طَرَدَهُمْ واللَّه تَعَالَى نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ الطَّرْدِ، فَكَانَ ذَلِكَ الطَّرْدُ ذَنْبًا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ طَرَدَهُمْ، فَيَلْزَمُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ كَانَ مِنَ الظَّالِمِينَ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا [هُودٍ: 29] ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمُتَابَعَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي جَمِيعِ الْأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ، حَيْثُ قَالَ: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ [الْأَنْعَامِ: 90] فَبِهَذَا الطَّرِيقِ وَجَبَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ لَا يَطْرُدَهُمْ، فَلَمَّا طَرَدَهُمْ كَانَ ذَلِكَ ذَنْبًا. وَالرَّابِعُ:
أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ، فَزَادَ فِيهَا فَقَالَ: تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا [الْكَهْفِ: 28] ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى نَهَاهُ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى زِينَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي آيَةٍ أُخْرَى فَقَالَ وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا [طه: 131] فَلَمَّا نُهِيَ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى زِينَةِ الدُّنْيَا، ثُمَّ/ ذُكِرَ فِي تِلْكَ الْآيَةِ أَنَّهُ يُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَانَ ذَلِكَ ذَنْبًا. الْخَامِسُ:
نُقِلَ أَنَّ أُولَئِكَ الْفُقَرَاءَ كُلَّمَا دَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ «مَرْحَبًا بِمَنْ عَاتَبَنِي رَبِّي فِيهِمْ»
أَوْ لَفْظٌ هَذَا مَعْنَاهُ، وَذَلِكَ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى الذَّنْبِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا طَرَدَهُمْ لِأَجْلِ الِاسْتِخْفَافِ بِهِمْ وَالِاسْتِنْكَافِ مِنْ فَقْرِهِمْ وَإِنَّمَا عَيَّنَ لِجُلُوسِهِمْ وَقْتًا مُعَيَّنًا سِوَى الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يَحْضُرُ فِيهِ أَكَابِرُ قُرَيْشٍ فَكَانَ غَرَضُهُ مِنْهُ التَّلَطُّفَ فِي إِدْخَالِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ وَلَعَلَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَفُوتُهُمْ بِسَبَبِ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ أَمْرٌ مُهِمٌّ فِي الدُّنْيَا وَفِي الدِّينِ، وَهَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ فَإِنَّهُ يَفُوتُهُمُ الدِّينُ وَالْإِسْلَامُ فَكَانَ تَرْجِيحُ هَذَا الْجَانِبِ أَوْلَى فَأَقْصَى مَا يُقَالُ إِنَّ هَذَا الِاجْتِهَادَ وَقَعَ خَطَأً إِلَّا أَنَّ الْخَطَأَ فِي الِاجْتِهَادِ مَغْفُورٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ ثَانِيًا: إِنَّ طَرْدَهُمْ يُوجِبُ كَوْنَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الظَّالِمِينَ.
فَجَوَابُهُ: أَنَّ الظُّلْمَ عِبَارَةٌ عَنْ وَضْعِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَالْمَعْنَى أو أُولَئِكَ الضُّعَفَاءَ الْفُقَرَاءَ كَانُوا يَسْتَحِقُّونَ التَّعْظِيمَ مِنَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِذَا طَرَدَهُمْ عَنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ كَانَ ذَلِكَ ظُلْمًا، إِلَّا أَنَّهُ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلِ لَا مِنْ بَابِ تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ وَكَذَا الْجَوَابُ عَنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ فَإِنَّا نَحْمِلُ كُلَّ هَذِهِ الْوُجُوهِ عَلَى تَرْكِ الْأَفْضَلِ وَالْأَكْمَلِ وَالْأَوْلَى وَالْأَحْرَى، واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ بِالْغُدْوَةِ وَالْعَشِيِّ بِالْوَاوِ وَضَمِّ الْغَيْنِ وَفِي سُورَةِ الْكَهْفِ مِثْلَهُ وَالْبَاقُونَ بِالْأَلِفِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ الْوَجْهُ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِالْغَدَاةِ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ نَكِرَةً فَأَمْكَنَ تَعْرِيفُهَا بِإِدْخَالِ لَامِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهَا. فَأَمَّا (غُدْوَةٌ) فَمَعْرِفَةٌ وَهُوَ عَلَمٌ صِيغَ لَهُ، وَإِذَا كان كذلك، فوجب أن يمتنع إدخال لا م التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ، كَمَا يَمْتَنِعُ إِدْخَالُهُ عَلَى سَائِرِ الْمَعَارِفِ. وَكِتْبَةُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ بِالْوَاوِ فِي الْمُصْحَفِ لَا تَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِمْ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ كتبوا «الصلاة» بالواو وهي ألف فكذا هاهنا. قَالَ سِيبَوَيْهِ «غُدْوَةٌ وَبُكْرَةٌ» جُعِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْمًا لِلْجِنْسِ كَمَا جَعَلُوا أَمَّ حُبَيْنٍ اسْمًا لِدَابَّةٍ مَعْرُوفَةٍ. قَالَ وَزَعَمَ يُونُسُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ لَقِيتُهُ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ غُدْوَةً أَوْ بُكْرَةً وَأَنْتَ تُرِيدُ الْمَعْرِفَةَ لَمْ تُنَوِّنْ. فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ تُقَوِّي قِرَاءَةَ الْعَامَّةِ، وَأَمَّا وَجْهُ قِرَاءَةِ ابْنِ عَامِرٍ فَهُوَ أَنَّ سِيبَوَيْهِ قَالَ زَعَمَ الْخَلِيلُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ أَتَيْتُكَ الْيَوْمَ غُدْوَةً وَبُكْرَةً فَجَعَلَهُمَا بِمَنْزِلَةِ ضَحْوَةً، واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي قَوْلِهِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الدُّعَاءِ الصَّلَاةُ، يَعْنِي يَعْبُدُونَ رَبَّهُمْ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَهِيَ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَصَلَاةُ الْعَصْرِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 541
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست