responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 496
لِتَخْصِيصِ مُخَصِّصٍ، فَيَكُونُ مُحْدَثًا أَوْ يَكُونُ مُتَنَاهِيًا مِنْ بَعْضِ الْجَوَانِبِ دُونَ الْبَعْضِ، فَيَكُونُ الْجَانِبُ الْمَوْصُوفُ بِكَوْنِهِ مُتَنَاهِيًا غَيْرَ الْجَانِبِ الْمَوْصُوفِ بِكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَنَاهٍ وَذَلِكَ يُوجِبُ الْقِسْمَةَ وَالتَّجْزِئَةَ. وَالثَّالِثُ: إِمَّا أَنْ يُفَسَّرَ الْمَكَانُ بِالسَّطْحِ الْحَاوِي أَوْ بِالْبُعْدِ وَالْخَلَاءِ. فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ: فَنَقُولُ أَجْسَامُ العالم متناهية فخارج العالم لا خلا ولا ملا وَلَا مَكَانَ وَلَا حَيْثُ وَلَا جِهَةَ، فَيَمْتَنِعُ حُصُولُ ذَاتِ اللَّه تَعَالَى فِيهِ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَنَقُولُ الْخَلَاءُ مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ فِي حَقِيقَتِهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَلَوْ صَحَّ حُصُولُ اللَّه فِي جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ ذَلِكَ الْخَلَاءِ لَصَحَّ حُصُولُهُ فِي سَائِرِ الْأَجْزَاءِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ حُصُولُهُ فِيهِ بِتَخْصِيصِ مُخَصِّصٍ، وَكُلُّ مَا كَانَ وَاقِعًا بِالْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ فَهُوَ مُحْدَثٌ، فَحُصُولُ ذَاتِهِ فِي الْجُزْءِ مُحْدَثٌ. وَذَاتُهُ لَا تَنْفَكُّ عَنْ ذَلِكَ الْحُصُولِ وَمَا لَا يَنْفَكُّ عَنِ الْمُحْدَثِ فَهُوَ مُحْدَثٌ، فَيَلْزَمُ كَوْنُ ذَاتِهِ مُحْدَثَةً وهو محال. والرابع: أَنَّ الْبُعْدَ وَالْخَلَاءَ أَمْرٌ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ وَالتَّجْزِئَةِ، وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ ومفتقر إلى الموجد ويكون موجده موجودا قَبْلَهُ فَيَكُونُ ذَاتُ اللَّه تَعَالَى قَدْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ وُجُودِ الْخَلَاءِ وَالْجِهَةِ وَالْحَيْثِ وَالْحَيِّزِ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا: فَبَعْدَ الْحَيِّزِ وَالْجِهَةِ وَالْخَلَاءِ وَجَبَ أَنْ تَبْقَى ذَاتُ اللَّه تَعَالَى كَمَا كَانَتْ وَإِلَّا فَقَدَ وَقَعَ التَّغْيِيرُ فِي ذَاتِ اللَّه تَعَالَى وَذَلِكَ مُحَالٌ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا وَجَبَ الْقَوْلُ بِكَوْنِهِ مُنَزَّهًا عَنِ الْأَحْيَازِ وَالْجِهَاتِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ. وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الْعَالَمَ كُرَةٌ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَالَّذِي يَكُونُ فوق رؤوس أَهْلِ الرَّيِّ يَكُونُ تَحْتَ أَقْدَامِ قَوْمٍ آخَرِينَ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى فَوْقَ أَقْوَامٍ بِأَعْيَانِهِمْ. أَوْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى فَوْقَ الْكُلِّ. وَالْأَوَّلُ:
بَاطِلٌ، لِأَنَّ كَوْنَهُ فَوْقًا لِبَعْضِهِمْ يُوجِبُ كَوْنَهُ تَحْتًا لِآخَرِينَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ. وَالثَّانِي: يُوجِبُ كَوْنَهُ تَعَالَى مُحِيطًا بِكُرَةِ الْفَلَكِ فَيَصِيرُ حَاصِلُ الْأَمْرِ إِلَى أَنَّ إِلَهَ الْعَالَمِ هُوَ فَلَكٌ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الْأَفْلَاكِ وَذَلِكَ لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ.
وَالسَّادِسُ: هُوَ أَنَّ لَفْظَ الْفَوْقِيَّةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَسْبُوقٌ بِلَفْظٍ وَمَلْحُوقٌ بِلَفْظٍ آخَرَ. أَمَّا أَنَّهَا مَسْبُوقَةٌ فَلِأَنَّهَا مَسْبُوقَةٌ بِلَفْظِ الْقَاهِرِ، وَالْقَاهِرُ مُشْعِرٌ بِكَمَالِ الْقُدْرَةِ وَتَمَامِ الْمُكْنَةِ. وَأَمَّا أَنَّهَا مَلْحُوقَةٌ بِلَفْظٍ فَلِأَنَّهَا مَلْحُوقَةٌ بِقَوْلِهِ عِبادِهِ وَهَذَا اللَّفْظُ مُشْعِرٌ بِالْمَمْلُوكِيَّةِ وَالْمَقْدُورِيَّةِ، فَوَجَبَ حَمْلُ تِلْكَ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى فَوْقِيَّةِ الْقُدْرَةِ لَا عَلَى فَوْقِيَّةِ الْجِهَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ عَلَى الضِّدِّ مِنْ قَوْلِكُمْ إِنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ دَلَّ عَلَى كَمَالِ الْقُدْرَةِ.
فَلَوْ حَمَلْنَا لَفْظَ الْفَوْقِ عَلَى فَوْقِيَّةِ الْقُدْرَةِ لَزِمَ التَّكْرَارُ، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى فَوْقِيَّةِ الْمَكَانِ وَالْجِهَةِ.
قُلْنَا: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْتُمْ لِأَنَّهُ قَدْ تَكُونُ الذَّاتُ مَوْصُوفَةً بِكَوْنِهَا قَاهِرَةً لِلْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ وَقَوْلُهُ فَوْقَ عِبادِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْقَهْرَ وَالْقُدْرَةَ عَامٌّ فِي حَقِّ الْكُلِّ. وَالسَّابِعُ: وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ رَدًّا عَلَى مَنْ يَتَّخِذُ غَيْرَ اللَّه وَلِيًّا، وَالتَّقْدِيرُ: كَأَنَّهُ قَالَ إِنَّهُ تَعَالَى فَوْقَ كُلِّ عِبَادِهِ، وَمَتَى كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ امْتَنَعَ اتِّخَاذُ غَيْرِ اللَّه وَلِيًّا. وَهَذِهِ النَّتِيجَةُ إِنَّمَا يَحْسُنُ تَرْتِيبُهَا عَلَى تِلْكَ الْفَوْقِيَّاتِ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ تِلْكَ الْفَوْقِيَّةِ، الْفَوْقِيَّةَ بِالْقُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ.
أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهَا الْفَوْقِيَّةَ بِالْجِهَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ هَذَا الْمَقْصُودَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَرَّدِ كَوْنِهِ حَاصِلًا فِي جِهَةٍ فَوْقَ أَنْ يَكُونَ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ الْأُمُورِ مُفِيدًا وَأَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ الْمَطَالِبِ لَازِمًا. أَمَّا إِذَا حملنا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 496
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست