responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 468
حَقِّ الْفُسَّاقِ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ. وَإِذَا ثَبَتَ شَفَاعَةُ الْفُسَّاقِ فِي حَقِّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَبَتَ فِي حَقِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَصْلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: رَوَى الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّه أَنَّ فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّه (وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) سَمِعْتُ شَيْخِي وَوَالِدِي رَحِمَهُ اللَّه يَقُولُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ هَاهُنَا أَوْلَى مِنَ الْغَفُورِ الرَّحِيمِ، لِأَنَّ كَوْنَهُ غَفُورًا رَحِيمًا يُشْبِهُ الْحَالَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ لِكُلِّ مُحْتَاجٍ، وَأَمَّا الْعِزَّةُ وَالْحِكْمَةُ فَهُمَا لَا يُوجِبَانِ الْمَغْفِرَةَ، فَإِنَّ كَوْنَهُ عَزِيزًا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، وَأَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ فَإِذَا كَانَ عَزِيزًا مُتَعَالِيًا عَنْ جَمِيعِ جِهَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ، ثُمَّ حَكَمَ بِالْمَغْفِرَةِ كَانَ الْكَرَمُ هَاهُنَا أَتَمَّ مِمَّا إِذَا كَانَ كَوْنُهُ غَفُورًا رَحِيمًا يُوجِبُ الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ، فَكَانَتْ عِبَارَتُهُ رَحِمَهُ اللَّه أَنْ يَقُولَ: عَزَّ عَنِ الْكُلِّ. ثُمَّ حَكَمَ بِالرَّحْمَةِ فَكَانَ هَذَا أَكْمَلَ. وَقَالَ قَوْمٌ آخَرُونَ: إِنَّهُ لَوْ قَالَ: فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، أَشْعَرَ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ شَفِيعًا لَهُمْ، فَلَمَّا قَالَ: فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ غَرَضَهُ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ بِالْكُلِّيَّةِ إِلَى اللَّه تَعَالَى، وَتَرْكُ التَّعَرُّضِ لِهَذَا الْبَابِ من جميع الوجوه.

[سورة المائدة (5) : آية 119]
قالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: قالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْيَوْمِ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ صِدْقَهُمْ فِي الدُّنْيَا يَنْفَعُهُمْ فِي الْقِيَامَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا ذَكَرْنَا: أَنَّ صِدْقَ الْكُفَّارِ فِي الْقِيَامَةِ لَا يَنْفَعُهُمْ، أَلَا/ تَرَى أَنَّ إِبْلِيسَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ [إِبْرَاهِيمَ: 22] فَلَمْ يَنْفَعْهُ هَذَا الصِّدْقُ، وَهَذَا الْكَلَامُ تَصْدِيقٌ مِنَ اللَّه تَعَالَى لِعِيسَى فِي قَوْلِهِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ [المائدة: 117] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَرَأَ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ يَوْمُ بِالرَّفْعِ، وَقَرَأَ نَافِعٌ بِالنَّصْبِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. فَمَنْ قَرَأَ بِالرَّفْعِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: التَّقْدِيرُ هَذَا الْيَوْمُ يَوْمُ مَنْفَعَةِ الصَّادِقِينَ، وَأَمَّا النَّصْبُ فَفِيهِ وُجُوهٌ: الأول: على أنه ظرف لقال وَالتَّقْدِيرُ: قَالَ اللَّه هَذَا الْقَوْلَ لِعِيسَى يَوْمَ يَنْفَعُ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: هَذَا الصِّدْقُ وَاقِعٌ يَوْمَ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ تَجْعَلَ ظُرُوفَ الزَّمَانِ أَخْبَارًا عَنِ الْأَحْدَاثِ بِهَذَا التَّأْوِيلِ كَقَوْلِكَ: الْقِتَالُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَالْحَجُّ يَوْمَ عَرَفَةَ، أَيْ وَاقِعٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَالثَّالِثُ: قَالَ الْفَرَّاءُ: يَوْمَ أُضِيفَ إِلَى مَا لَيْسَ بِاسْمٍ فَبُنِيَ عَلَى الْفَتْحِ كَمَا فِي يَوْمَئِذٍ. قَالَ الْبَصْرِيُّونَ هَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ الظَّرْفَ إِنَّمَا يُبْنَى إِذَا أُضِيفَ إِلَى الْمَبْنِيِّ كَقَوْلِ النَّابِغَةِ.
عَلَى حِينَ عَاتَبْتُ الْمَشِيبَ عَلَى الصِّبَا
بُنِيَ (حِينَ) لِإِضَافَتِهِ إِلَى الْمَبْنِيِّ وَهُوَ الْفِعْلُ الْمَاضِي وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ [الِانْفِطَارِ: 19] بُنِيَ لِإِضَافَتِهِ إِلَى (لَا) وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ، أَمَّا هُنَا فَالْإِضَافَةُ إِلَى مُعْرَبٍ لِأَنَّ يَنْفَعُ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ، وَالْفِعْلُ الْمُسْتَقْبَلُ مُعْرَبٌ فَالْإِضَافَةُ إِلَيْهِ لَا تُوجِبُ الْبِنَاءَ واللَّه أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 468
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست