responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 455
الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ
الْمُرَادُ بِهِ مَوَالِي الْمَيِّتِ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي أَنَّهُ لِمَ وَصَفَ مَوَالِيَ الْمَيِّتِ بِهَذَا الْوَصْفِ، وَالْأَصَحُّ عِنْدِي فِيهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا وُصِفُوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا أُخِذَ مَالُهُمْ فَقَدِ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ مَالُهُمْ فَإِنَّ مَنْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ فَقَدْ حَاوَلَ أَنْ يَكُونَ تَعَلُّقُهُ بِذَلِكَ الْمَالِ مُسْتَعْلِيًا عَلَى تَعَلُّقِ مَالِكِهِ بِهِ فَصَحَّ أَنْ يُوصَفَ الْمَالِكُ بِأَنَّهُ قَدِ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَمَّا قَوْلُهُ الْأَوْلَيانِ فَفِيهِ وجوه: الأول: أن يكون خبر المبتدأ محذوف وَالتَّقْدِيرُ: هُمَا الْأَوْلَيَانِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما فَكَأَنَّهُ قِيلَ: وَمَنْ هُمَا فَقِيلَ الْأَوْلَيَانِ: وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ الَّذِي فِي يَقُومَانِ وَالتَّقْدِيرُ فَيَقُومُ الْأَوْلَيَانِ، وَالثَّالِثُ: أَجَازَ الْأَخْفَشُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ الْأَوْلَيانِ صِفَةً لِقَوْلِهِ فَآخَرانِ وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّكِرَةَ إِذَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا ثُمَّ أُعِيدَ عَلَيْهَا الذِّكْرُ صَارَتْ مَعْرِفَةً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ [النُّورِ: 35] فَمِصْبَاحٌ نَكِرَةٌ ثُمَّ قَالَ الْمِصْباحُ ثُمَّ قَالَ فِي زُجاجَةٍ ثُمَّ قَالَ الزُّجاجَةُ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِكَ رَأَيْتُ رَجُلًا، ثُمَّ يَقُولُ إِنْسَانٌ مَنِ الرَّجُلُ، فَصَارَ بِالْعَوْدِ إِلَى ذِكْرِهِ مَعْرِفَةً. الرَّابِعُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ الْأَوْلَيانِ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ آخَرَانِ، وَإِبْدَالُ الْمَعْرِفَةِ مِنَ النَّكِرَةِ كَثِيرٌ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إِنَّمَا وَصَفَهُمَا بِأَنَّهُمَا أَوْلَيَانِ لِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: مَعْنَى الْأَوْلَيَانِ الْأَقْرَبَانِ إِلَى الْمَيِّتِ. الثَّانِي:
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْأَوْلَيَانِ بِالْيَمِينِ، وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ الْوَصِيَّيْنِ قَدِ ادَّعَيَا أَنَّ الْمَيِّتَ بَاعَ الْإِنَاءَ الْفِضَّةَ فَانْتَقَلَ الْيَمِينُ إِلَى مَوَالِي الْمَيِّتِ، لِأَنَّ الْوَصِيَّيْنِ قَدِ ادَّعَيَا أَنَّ مُورِثَهُمَا بَاعَ الْإِنَاءَ وَهُمَا أَنْكَرَا ذَلِكَ، فَكَانَ الْيَمِينُ حقا لهما، وهذا كما أَنَّ إِنْسَانًا أَقَرَّ لِآخَرَ بِدَيْنٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ قَضَاهُ حُكِمَ بِرَدِّ الْيَمِينِ إِلَى الَّذِي ادَّعَى الدَّيْنَ أَوَّلًا لِأَنَّهُ صَارَ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدِ اسْتَوْفَاهُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: الْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ لِلْجُمْهُورِ اسْتَحَقَّ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، وَالْأَوْلَيَانِ تَثْنِيَةُ الْأَوْلَى، وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَهُ وَقِرَاءَةُ حَمْزَةَ وَعَاصِمٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الْأَوَّلِينَ بِالْجَمْعِ، وَهُوَ نَعْتٌ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ الْمَذْكُورِينَ فِي قَوْلِهِ مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ وَتَقْدِيرُهُ مِنَ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ مَالُهُمْ/ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُمُ الْأَوَّلِينَ مِنْ حَيْثُ كَانُوا أَوَّلِينَ فِي الذِّكْرِ، ألا ترى أنه قد تقدم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ [المائدة: 106] وكذلك اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ [المائدة: 106] ذِكْرًا فِي اللَّفْظِ قَبْلَ قَوْلِهِ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ وَقَرَأَ حَفْصٌ وَحْدَهُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْحَاءِ الْأَوْلَيَانِ عَلَى التَّثْنِيَةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْوَصِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُمَا هُمَا أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمَا بِسَبَبِ أَنَّ الْمَيِّتَ عَيَّنَهُمَا لِلْوِصَايَةِ وَلَمَّا خَانَا فِي مَالِ الْوَرَثَةِ صَحَّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْوَرَثَةَ قَدِ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ أَيْ خَانَ فِي مَالِهِمُ الْأَوْلَيَانِ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ الْأَوَّلَانِ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ وَالْمَعْنَى ظَاهِرٌ أَيْ وَمَا اعْتَدَيْنَا فِي طَلَبِ هَذَا الْمَالِ، وَفِي نِسْبَتِهِمْ إِلَى الْخِيَانَةِ. وَقَوْلُهُ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ أَيْ إِنَّا إِذًا حَلَفْنَا مُوقِنِينَ بِالْكَذِبِ معتقدين الزور والباطل.

[سورة المائدة (5) : آية 108]
ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (108)
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 455
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست