responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 375
وَبَيْنَهُمْ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنَّ دَمَ الْقُرَظِيِّ وَفَاءٌ مِنْ دَمِ النَّضِرِيِّ، وَدَمَ النَّضِرِيِّ وَفَاءٌ مِنْ دَمِ الْقُرَظِيِّ، لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَضْلٌ عَلَى الْآخَرِ فِي دَمٍ وَلَا عَقْلٍ، وَلَا جِرَاحَةٍ، فَغَضِبَ بَنُو النَّضِيرِ وَقَالُوا: لَا نَرْضَى بِحُكْمِكَ فَإِنَّكَ عَدُوٌّ لَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ يَعْنِي حُكْمَهُمُ الْأَوَّلَ. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا وَجَبَ الْحُكْمُ عَلَى ضُعَفَائِهِمْ أَلْزَمُوهُمْ إِيَّاهُ، وَإِذَا وَجَبَ عَلَى أَقْوِيَائِهِمْ لَمْ يَأْخُذُوهُمْ بِهِ، فَمَنَعَهُمُ اللَّه تَعَالَى مِنْهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ، الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يَكُونَ تَعْيِيرًا لِلْيَهُودِ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ وَعِلْمٍ مَعَ أَنَّهُمْ يَبْغُونَ حُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي هِيَ مَحْضُ الْجَهْلِ وَصَرِيحُ الْهَوَى.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ للبيان كاللام في هَيْتَ لَكَ [يوسف: 23] أَيْ هَذَا الْخِطَابُ وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ أَنَّهُ لَا أَحَدَ أَعْدَلُ مِنَ اللَّه حُكْمًا، وَلَا أَحْسَنُ مِنْهُ بيانا.

[سورة المائدة (5) : آية 51]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْلِياءَ ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ
وَرُوِيَ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبَرَّأَ عِنْدَهُ مِنْ مُوَالَاةِ الْيَهُودِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ/ أُبَيٍّ: لَكِنِّي لَا أَتَبَرَّأُ مِنْهُمْ لِأَنِّي أَخَافُ الدَّوَائِرَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ،
وَمَعْنَى لَا تَتَّخِذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ: أَيْ لَا تَعْتَمِدُوا عَلَى الِاسْتِنْصَارِ بِهِمْ، وَلَا تَتَوَدَّدُوا إِلَيْهِمْ.
ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ كَأَنَّهُ مِثْلُهُمْ، وَهَذَا تَغْلِيظٌ مِنَ اللَّه وَتَشْدِيدٌ فِي وُجُوبِ مُجَانَبَةِ الْمُخَالِفِ فِي الدِّينِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي [الْبَقَرَةِ: 249] .
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّه عنه: إن لي كاتبا نصرانيا، فقال: مالك قَاتَلَكَ اللَّه، أَلَا اتَّخَذْتَ حَنِيفًا، أَمَا سَمِعْتَ قول اللَّه تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ قُلْتُ: لَهُ دِينُهُ وَلِيَ كِتَابَتُهُ، فقال: لا أكرمهم إذا أهانهم اللَّه، ولا أعزهم إذا أذلهم اللَّه، ولا أدنيهم إذا أَبْعَدَهُمُ اللَّه، قُلْتُ: لَا يَتِمُّ أَمْرُ الْبَصْرَةِ إِلَّا بِهِ، فَقَالَ: مَاتَ النَّصْرَانِيُّ وَالسَّلَامُ، يَعْنِي هَبْ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَمَا تَصْنَعُ بَعْدَهُ، فَمَا تَعْمَلُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَاعْمَلْهُ الْآنَ وَاسْتَغْنِ عنه بغيره.

[سورة المائدة (5) : آية 52]
فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ (52)
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ الْمُنَافِقُونَ: مِثْلُ عَبْدِ اللَّه بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ، وَقَوْلُهُ يُسارِعُونَ فِيهِمْ أَيْ يُسَارِعُونَ فِي مَوَدَّةِ الْيَهُودِ وَنَصَارَى نَجْرَانَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ ثَرْوَةٍ وَكَانُوا يُعِينُونَهُمْ عَلَى مُهِمَّاتِهِمْ وَيُقْرِضُونَهُمْ، وَيَقُولُ الْمُنَافِقُونَ: إِنَّمَا نُخَالِطُهُمْ لِأَنَّا نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّه:
الدَّائِرَةُ مِنْ دَوَائِرَ الدَّهْرِ كَالدَّوْلَةِ، وَهِيَ الَّتِي تَدُورُ مِنْ قَوْمٍ إِلَى قَوْمٍ، وَالدَّائِرَةُ هِيَ الَّتِي تخشى، كالهزيمة

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 375
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست