responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 366
أَسْلَمُوا هُوَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ عَلَى الْيَهُودِيَّيْنِ بِالرَّجْمِ، وَكَانَ هَذَا حُكْمَ التَّوْرَاةِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ تَعْظِيمًا لَهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً [النَّحْلِ: 120] وَقَوْلِهِ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ [النِّسَاءِ: 54] وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ قَدِ اجْتَمَعَ فِيهِ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ مَا كَانَ حَاصِلًا لِأَكْثَرِ الْأَنْبِيَاءِ. الثَّالِثُ: قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: هَذَا رَدٌّ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِأَنَّ بَعْضَهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: الْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ يَهُودٌ أَوْ نَصَارَى، فَقَالَ تَعَالَى: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا يَعْنِي الْأَنْبِيَاءَ مَا كَانُوا مَوْصُوفِينَ بِالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ، بَلْ كَانُوا مُسْلِمِينَ للَّه مُنْقَادِينَ لِتَكَالِيفِهِ. الرَّابِعُ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا يَعْنِي الَّذِينَ كَانَ مَقْصُودُهُمْ مِنَ الْحُكْمِ بِالتَّوْرَاةِ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ وَإِظْهَارَ أَحْكَامِ اللَّه تَعَالَى وَالِانْقِيَادَ لِتَكَالِيفِهِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ التَّنْبِيهُ عَلَى قُبْحِ طَرِيقَةِ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنَّ غَرَضَهُمْ مِنَ ادِّعَاءِ الْحُكْمِ بِالتَّوْرَاةِ أَخْذُ الرَّشْوَةِ وَاسْتِتْبَاعُ الْعَوَامِّ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ لِلَّذِينَ هادُوا فِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: الْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيِّينَ إِنَّمَا يَحْكُمُونَ بِالتَّوْرَاةِ لِلَّذِينِ هَادُوا، أَيْ لِأَجْلِهِمْ وَفِيمَا بَيْنَهُمْ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ عَلَى مَعْنَى إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ لِلَّذِينِ هَادُوا يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: أَمَّا الرَّبَّانِيُّونَ فَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ، وَأَمَّا الْأَحْبَارُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمُ الْفُقَهَاءُ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي وَاحِدِهِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّمَا هُوَ «حِبْرٌ» بِكَسْرِ الْحَاءِ، يُقَالُ ذَلِكَ لِلْعَالِمِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ لِمَكَانِ الْحِبْرِ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَكُونُ صَاحِبَ كُتُبٍ، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَقُولُ: حَبْرٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ. قَالَ اللَّيْثُ: هُوَ حِبْرٌ وَحَبْرٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا. وقال الأصمعي: لا أدري أهو الحبر أو الْحَبْرُ، وَأَمَّا اشْتِقَاقُهُ فَقَالَ قَوْمٌ: أَصْلُهُ مِنَ التَّحْبِيرِ وَهُوَ التَّحْسِينُ،
وَفِي الْحَدِيثِ «يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنَ النَّارِ ذَهَبَ حَبْرُهُ وَسَبْرُهُ»
أَيْ جَمَالُهُ وَبَهَاؤُهُ، وَالْمُحَبِّرُ لِلشَّيْءِ الْمُزَيِّنُ، وَلَمَّا كَانَ الْعِلْمُ أَكْمَلَ أَقْسَامِ الْفَضِيلَةِ وَالْجَمَالِ وَالْمَنْقَبَةِ لَا جَرَمَ سُمِّيَ الْعَالِمُ بِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ:
اشْتِقَاقُهُ مِنَ/ الْحِبْرِ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ وَالْكِسَائِيِّ وَأَبِي عُبَيْدَةَ، واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ يَحْكُمُ بِالتَّوْرَاةِ النَّبِيُّونَ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ، وَهَذَا يَقْتَضِي كَوْنَ الرَّبَّانِيِّينَ أَعْلَى حَالًا مِنَ الْأَحْبَارِ، فَثَبَتَ أَنْ يَكُونَ الرَّبَّانِيُّونَ كَالْمُجْتَهِدِينَ، وَالْأَحْبَارُ كَآحَادِ الْعُلَمَاءِ.
ثُمَّ قَالَ: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: حِفْظُ كِتَابِ اللَّه عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يُحْفَظَ فَلَا يُنْسَى. الثَّانِي: أَنْ يُحْفَظَ فَلَا يُضَيَّعُ، وَقَدْ أَخَذَ اللَّه عَلَى الْعُلَمَاءِ حِفْظَ كِتَابِهِ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَحْفَظُوهُ فِي صُدُورِهِمْ وَيَدْرُسُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَالثَّانِي: أَنْ لَا يُضَيِّعُوا أَحْكَامَهُ وَلَا يُهْمِلُوا شَرَائِعَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ فِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ صِلَةَ الْأَحْبَارِ عَلَى مَعْنَى الْعُلَمَاءُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى يَحْكُمُونَ بِمَا اسْتُحْفِظُوا، وَهُوَ قَوْلُ الزَّجَّاجِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ أَيْ هَؤُلَاءِ النَّبِيُّونَ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ كَانُوا شُهَدَاءَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا فِي التَّوْرَاةِ حَقٌّ وَصِدْقٌ وَمِنْ عِنْدِ اللَّه، فَلَا جَرَمَ كَانُوا يُمْضُونَ أَحْكَامَ التَّوْرَاةِ وَيَحْفَظُونَهَا عَنِ التحريف والتغيير.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَرَّرَ أَنَّ النَّبِيِّينَ وَالرَّبَّانِيِّينَ وَالْأَحْبَارَ كَانُوا قَائِمِينَ بِإِمْضَاءِ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ مِنْ غَيْرِ مُبَالَاةٍ،

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 366
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست