responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 352
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْآيَةِ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ اللَّه تَعَالَى صَرَّحَ بِذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ جَزاءً بِما كَسَبا وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَطْعَ شُرِعَ جَزَاءً عَلَى فِعْلِ السَّرِقَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَعُمَّ الْجَزَاءُ لِعُمُومِ الشَّرْطِ، وَالثَّانِي: أَنَّ السَّرِقَةَ جِنَايَةٌ، وَالْقَطْعَ عُقُوبَةٌ، وَرَبْطُ الْعُقُوبَةِ بِالْجِنَايَةِ مُنَاسِبٌ، وَذِكْرُ الْحُكْمِ عَقِيبَ الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَصْفَ عِلَّةٌ لِذَلِكَ الْحُكْمِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّا لَوْ حَمَلْنَا الْآيَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَتِ الْآيَةُ مُفِيدَةً، وَلَوْ حَمَلْنَاهَا عَلَى سَارِقٍ مُعَيَّنٍ صَارَتْ مُجْمَلَةً غَيْرَ مُفِيدَةٍ، فَكَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَأَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ سِيبَوَيْهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ طَعَنَ فِي الْقُرْآنِ الْمَنْقُولِ بِالتَّوَاتُرِ عَنِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعَنْ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ قَطْعًا، فَإِنْ قَالَ لَا أَقُولُ: إِنَّ الْقِرَاءَةَ بِالرَّفْعِ غَيْرُ جَائِزَةٍ وَلَكِنِّي أَقُولُ: الْقِرَاءَةُ بِالنَّصْبِ أَوْلَى، فَنَقُولُ: وَهَذَا أَيْضًا رَدِيءٌ لِأَنَّ تَرْجِيحَ الْقِرَاءَةِ الَّتِي لَمْ يَقْرَأْ بِهَا إِلَّا عِيسَى بْنُ عُمَرَ عَلَى قِرَاءَةِ الرَّسُولِ وَجَمِيعِ الْأُمَّةِ فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَمْرٌ مُنْكَرٌ وَكَلَامٌ مَرْدُودٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالنَّصْبِ لَوْ كَانَتْ أَوْلَى لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرَّاءِ مَنْ قَرَأَ (وَاللَّذَيْنِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ) بِالنَّصْبِ، وَلَمَّا لَمْ يُوجَدْ فِي الْقُرَّاءِ أَحَدٌ قَرَأَ كَذَلِكَ عَلِمْنَا سُقُوطَ هَذَا الْقَوْلِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّا إِذَا قُلْنَا وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ هُوَ الَّذِي نُضْمِرُهُ، وَهُوَ قَوْلُنَا فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ، فَحِينَئِذٍ قَدْ تَمَّتْ هذه الجملة بمبتداها وَخَبَرِهَا، فَبِأَيِّ شَيْءٍ تَتَعَلَّقُ الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما فَإِنْ قَالَ: الْفَاءُ تَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ يَعْنِي أَنَّهُ إِذَا أَتَى بِالسَّرِقَةِ فَاقْطَعُوا يَدَيْهِ فَنَقُولُ:
إِذَا احْتَجْتَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ إِلَى أَنْ تَقُولَ: السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ تَقْدِيرُهُ: مَنْ سَرَقَ، فَاذْكُرْ هَذَا أَوَّلًا حَتَّى لَا تَحْتَاجَ إِلَى الْإِضْمَارِ الَّذِي ذَكَرْتَهُ. وَالرَّابِعُ: أَنَّا إِذَا اخْتَرْنَا الْقِرَاءَةَ بِالنَّصْبِ لَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى كَوْنِ السَّرِقَةِ عِلَّةً لِوُجُوبِ الْقَطْعِ، وَإِذَا اخْتَرْنَا الْقِرَاءَةَ بِالرَّفْعِ أَفَادَتِ الْآيَةُ هَذَا الْمَعْنَى، ثُمَّ هَذَا الْمَعْنَى مُتَأَكِّدٌ بِقَوْلِهِ جَزاءً بِما كَسَبا فَثَبَتَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالرَّفْعِ أَوْلَى. الْخَامِسُ: أَنَّ سِيبَوَيْهِ قَالَ: هُمْ يُقَدِّمُونَ الْأَهَمَّ فَالْأَهَمَّ، وَالَّذِي هُمْ بِشَأْنِهِ أَعْنَى، فَالْقِرَاءَةُ بِالرَّفْعِ تَقْتَضِي تَقْدِيمَ/ ذِكْرِ كَوْنِهِ سَارِقًا عَلَى ذِكْرِ وُجُوبِ الْقَطْعِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ أَكْبَرُ الْعِنَايَةِ مَصْرُوفًا إِلَى شَرْحِ مَا يَتَعَلَّقُ بِحَالِ السَّارِقِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ سَارِقٌ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالنَّصْبِ فَإِنَّهَا تَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الْعِنَايَةُ بِبَيَانِ الْقَطْعِ أَتَمَّ مِنَ الْعِنَايَةِ بِكَوْنِهِ سَارِقًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانُ تَقْبِيحِ السَّرِقَةِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الزَّجْرِ عَنْهَا، فَثَبَتَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالرَّفْعِ هِيَ الْمُتَعَيَّنَةُ قَطْعًا واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ الْأُصُولِيِّينَ: هَذِهِ الْآيَةُ مُجْمَلَةٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّقٌ عَلَى السَّرِقَةِ، وَمُطْلَقُ السَّرِقَةِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقَطْعِ، بَلْ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ هَذِهِ السَّرِقَةُ سَرِقَةً لِمِقْدَارٍ مَخْصُوصٍ مِنَ الْمَالِ، وَذَلِكَ الْقَدْرُ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْآيَةِ فَكَانَتْ مُجْمَلَةً، وَثَانِيهَا: أَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ قَطْعَ الْأَيْدِي، وَلَيْسَ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُ الْأَيْدِي الْأَيْمَانِ وَالشَّمَائِلِ، وَبِالْإِجْمَاعِ لَا يَجِبُ قَطْعُهُمَا مَعًا فَكَانَتِ الْآيَةُ مُجْمَلَةً، وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْيَدَ اسْمٌ يَتَنَاوَلُ الْأَصَابِعَ فَقَطْ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَمَسُّ فُلَانًا بِيَدِهِ فَمَسَّهُ بِأَصَابِعِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، فَالْيَدُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الْأَصَابِعِ وَحْدَهَا، وَيَقَعُ عَلَى الْأَصَابِعِ مَعَ الْكَفِّ، وَيَقَعُ عَلَى الْأَصَابِعِ وَالْكَفِّ وَالسَّاعِدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَيَقَعُ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ، وَإِذَا كَانَ لَفْظُ الْيَدِ مُحْتَمِلًا لِكُلِّ هَذِهِ الْأَقْسَامِ، وَالتَّعْيِينُ غَيْرَ مَذْكُورٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَكَانَتْ مُجْمَلَةً، وَرَابِعُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ فَاقْطَعُوا خِطَابٌ مَعَ قَوْمٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّكْلِيفُ وَاقِعًا عَلَى مَجْمُوعِ الْأُمَّةِ، وَأَنْ يَكُونَ وَاقِعًا عَلَى طَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ مِنْهُمْ، وَأَنْ يَكُونَ وَاقِعًا عَلَى شخص معين

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 352
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست