responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 345
وَالْمَعْنَى أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْيَهُودِ بَعْدَ ذَلِكَ، أَيْ بَعْدَ مَجِيءِ الرُّسُلِ، وَبَعْدَ مَا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ تَحْرِيمَ الْقَتْلِ لَمُسْرِفُونَ، يَعْنِي فِي الْقَتْلِ لا يبالون بعظمته.

[سورة المائدة (5) : آية 33]
إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (33)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى تَغْلِيظَ الْإِثْمِ فِي قَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ قَتْلِ نَفْسٍ وَلَا فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ أَتْبَعَهُ بِبَيَانِ أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ الَّذِي يُوجِبُ الْقَتْلَ مَا هُوَ، فَإِنَّ بَعْضَ مَا يَكُونُ فَسَادًا فِي الْأَرْضِ لَا يُوجِبُ الْقَتْلَ فَقَالَ إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي أَوَّلِ الْآيَةِ سُؤَالٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمُحَارَبَةَ مَعَ اللَّه تَعَالَى غَيْرُ مُمْكِنَةٍ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُحَارَبَةِ مَعَ أَوْلِيَاءِ اللَّه، وَالْمُحَارَبَةُ مَعَ الرُّسُلِ مُمْكِنَةٌ فَلَفْظَةُ الْمُحَارَبَةِ إِذَا نُسِبَتْ إِلَى اللَّه تَعَالَى كَانَ مَجَازًا، لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْمُحَارَبَةُ مَعَ أَوْلِيَاءِ اللَّه، وَإِذَا نُسِبَتْ إِلَى الرَّسُولِ كَانَتْ حَقِيقَةً، فَلَفْظُ يُحَارِبُونَ فِي قَوْلِهِ إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى الْمَجَازِ وَالْحَقِيقَةِ مَعًا، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ، فَهَذَا تَقْرِيرُ السُّؤَالِ.
وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّا نَحْمِلُ الْمُحَارَبَةَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ وَالتَّكْلِيفِ، وَالتَّقْدِيرُ: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ أَحْكَامَ اللَّه وَأَحْكَامَ رَسُولِهِ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا كَذَا وَكَذَا، وَالثَّانِي: تَقْدِيرُ الْكَلَامِ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّه تَعَالَى وَأَوْلِيَاءَ رَسُولِهِ كَذَا وَكَذَا.
وَفِي الْخَبَرِ أَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ: «مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ» .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: هَذَا الْوَعِيدُ مُخْتَصٌّ بِالْكُفَّارِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ فِي فُسَّاقِ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَّا الْأَوَّلُونَ فَقَدْ ذَكَرُوا وُجُوهًا: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ عُرَيْنَةَ نَزَلُوا الْمَدِينَةَ مُظْهَرِينَ لِلْإِسْلَامِ، فَمَرِضَتْ أَبْدَانُهُمْ وَاصْفَرَّتْ أَلْوَانُهُمْ، فَبَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ لِيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا فَيَصِحُّوا، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَشَرِبُوا وَصَحُّوا قَتَلُوا الرُّعَاةَ وَسَاقُوا الْإِبِلَ وَارْتَدُّوا، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَثَرِهِمْ وَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِعَتْ أَيْدِيهُمْ وَأَرْجُلُهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَتُرِكُوا هُنَاكَ حَتَّى مَاتُوا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ نَسْخًا لِمَا فَعَلَهُ الرَّسُولُ، فَصَارَتْ تِلْكَ السُّنَّةُ مَنْسُوخَةً بِهَذَا الْقُرْآنِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّه لَمَّا لَمْ يَجُزْ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ كَانَ النَّاسِخُ لِتِلْكَ السُّنَّةِ سَنَةً أُخْرَى وَنَزَلَ هَذَا الْقُرْآنُ مُطَابِقًا لِلسُّنَّةِ النَّاسِخَةِ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَوْمِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، وَكَانَ قَدْ عَاهَدَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَّ قَوْمٌ مِنْ كِنَانَةَ يُرِيدُونَ الْإِسْلَامَ وَأَبُو بَرْزَةَ غَائِبٌ، فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ. الثَّالِثُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَكَى اللَّه تَعَالَى عَنْهُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُمْ بَعْدَ أَنْ غَلَّظَ اللَّه عَلَيْهِمْ عِقَابَ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فَهُمْ مُسْرِفُونَ فِي الْقَتْلِ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ أَتَى مِنْهُمْ بِالْقَتْلِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ فَجَزَاؤُهُمْ كَذَا وَكَذَا.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 345
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست