responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 336
الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُمَا هَلْ مَاتَا فِي التِّيهِ أَوْ خَرَجَا مِنْهُ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّ هَارُونَ مَاتَ فِي التِّيهِ ثُمَّ مَاتَ مُوسَى بَعْدَهُ بِسَنَةٍ، وَبَقِيَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَكَانَ ابْنَ أُخْتِ مُوسَى وَوَصِيَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَهُوَ الَّذِي فَتَحَ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ مَلَكَ الشَّأْمَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ بَقِيَ مُوسَى بَعْدَ ذَلِكَ وَخَرَجَ مِنَ التِّيهِ وَحَارَبَ الْجَبَّارِينَ وَقَهَرَهُمْ وَأَخَذَ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ الْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ تَحْرِيمُ مَنْعٍ لَا تَحْرِيمُ تَعَبُّدٍ، / وَقِيلَ: يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ تَحْرِيمَ تَعَبُّدٍ، فَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَمْكُثُوا فِي تِلْكَ الْمَفَازَةِ فِي الشِّدَّةِ وَالْبَلِيَّةِ عِقَابًا لَهُمْ عَلَى سُوءِ صَنِيعِهِمْ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: اخْتَلَفُوا فِي التِّيهِ فَقَالَ الرَّبِيعُ: مِقْدَارُ سِتَّةِ فَرَاسِخَ، وَقِيلَ: تِسْعَةُ فَرَاسِخَ فِي ثَلَاثِينَ فَرْسَخًا. وَقِيلَ: سِتَّةٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ فَرْسَخًا، وَقِيلَ: كَانُوا سِتَّمِائَةِ أَلْفِ فَارِسٍ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُعْقَلُ بَقَاءُ هَذَا الْجَمْعِ الْعَظِيمِ فِي هَذَا الْقَدْرِ الصَّغِيرِ مِنَ الْمَفَازَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً بِحَيْثُ لَا يَتَّفِقُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَجِدَ طَرِيقًا إِلَى الْخُرُوجِ عَنْهَا، وَلَوْ أَنَّهُمْ وَضَعُوا أَعْيُنَهُمْ عَلَى حَرَكَةِ الشَّمْسِ أَوِ الْكَوَاكِبِ لَخَرَجُوا مِنْهَا وَلَوْ كَانُوا فِي الْبَحْرِ الْعَظِيمِ، فَكَيْفَ فِي الْمَفَازَةِ الصَّغِيرَةِ؟
قُلْنَا: فِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ انْخِرَاقَ الْعَادَاتِ فِي زَمَانِ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ، إِذْ لَوْ فَتَحْنَا بَابَ الِاسْتِبْعَادِ لَزِمَ الطَّعْنُ فِي جَمِيعِ الْمُعْجِزَاتِ، وَإِنَّهُ بَاطِلٌ. الثَّانِي: إِذَا فَسَّرْنَا ذَلِكَ التَّحْرِيمَ بِتَحْرِيمِ التَّعَبُّدِ فَقَدْ زَالَ السُّؤَالُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ اللَّه تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الرُّجُوعَ إِلَى أَوْطَانِهِمْ، بَلْ أَمَرَهُمْ بِالْمُكْثِ فِي تِلْكَ الْمَفَازَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مَعَ الْمَشَقَّةِ وَالْمِحْنَةِ جَزَاءً لَهُمْ عَلَى سُوءِ صَنِيعِهِمْ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَقَدْ زَالَ الْإِشْكَالُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: يُقَالُ: تَاهَ يَتِيهُ تَيْهًا وَتِيهًا وَتَوْهًا، وَالتِّيهُ أَعَمُّهَا، وَالتَّيْهَاءُ الْأَرْضُ الَّتِي لَا يُهْتَدَى فِيهَا. قَالَ الْحَسَنُ: كَانُوا يُصْبِحُونَ حَيْثُ أَمْسَوْا، وَيُمْسُونَ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وَكَانَتْ حَرَكَتُهُمْ فِي تِلْكَ الْمَفَازَةِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِدَارَةِ، وَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّهُمْ إِذَا وَضَعُوا أَعْيُنَهُمْ عَلَى مَسِيرِ الشَّمْسِ وَلَمْ يَنْعَطِفُوا وَلَمْ يَرْجِعُوا فَإِنَّهُمْ لَا بُدَّ وَأَنْ يَخْرُجُوا عَنِ الْمَفَازَةِ، بَلِ الْأَوْلَى حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى تَحْرِيمِ التَّعَبُّدِ عَلَى مَا قررناه واللَّه أعلم.

[سورة المائدة (5) : آية 27]
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي تَعَلُّقِ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تعالى قال فيما تقدم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ [الْمَائِدَةِ: 11] فَذَكَرَ تَعَالَى أَنَّ/ الْأَعْدَاءَ يُرِيدُونَ إِيقَاعَ الْبَلَاءِ وَالْمِحْنَةِ بِهِمْ لَكِنَّهُ تَعَالَى يَحْفَظُهُمْ بِفَضْلِهِ وَيَمْنَعُ أَعْدَاءَهُمْ مِنْ إِيصَالِ الشَّرِّ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لِأَجْلِ التَّسْلِيَةِ وَتَخْفِيفِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ عَلَى الْقَلْبِ ذَكَرَ قِصَصًا كَثِيرَةً فِي أَنَّ كُلَّ مَنْ خَصَّهُ اللَّه تَعَالَى بِالنِّعَمِ الْعَظِيمَةِ فِي الدِّينِ والدنيا فإن الناس ينازعون حَسَدًا وَبَغْيًا، فَذَكَرَ أَوَّلًا قِصَّةَ النُّقَبَاءِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَأَخْذِ اللَّه تَعَالَى الْمِيثَاقَ مِنْهُمْ، ثُمَّ إِنَّ الْيَهُودَ نَقَضُوا ذَلِكَ الْمِيثَاقَ حَتَّى وَقَعُوا فِي اللَّعْنِ وَالْقَسَاوَةِ، وَذَكَرَ بَعْدَهُ شِدَّةَ إِصْرَارِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست