responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 307
الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ
[المائدة: 2] فَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ وُجُوبَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ مَنْسُوخٌ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ خَبَرَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِتَقْدِيرِ أَنَّهُ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَى نُزُولِ الْآيَةِ كَانَ خَبَرُ الْوَاحِدِ مَنْسُوخًا بِالْقُرْآنِ، وَلَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ كَانَ خَبَرُ الْوَاحِدِ نَاسِخًا لِلْقُرْآنِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى لِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ تَرْجِيحَ الْقُرْآنِ الْمُتَوَاتِرِ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ، وَثَانِيهَا: أَنَّ الْعَمَلَ بِالْآيَةِ أَقْرَبُ إِلَى الِاحْتِيَاطِ، وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ
قَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا رُوِيَ لَكُمْ عَنِّي حَدِيثٌ فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّه فَإِنْ وَافَقَهُ فَاقْبَلُوهُ وَإِلَّا فَرُدُّوهُ»
وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْقُرْآنِ عَلَى الْخَبَرِ، وَرَابِعُهَا: أَنَّ قِصَّةَ مُعَاذٍ تَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْقُرْآنِ عَلَى الْخَبَرِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: فِي بَيَانِ ضَعْفِ هَذَا الْخَبَرِ: أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ:
لَأَنْ تُقْطَعَ قَدَمَايَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: لَأَنْ أَمْسَحَ عَلَى جِلْدِ حِمَارٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ أَنَّهُ أَنْكَرَ جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلَا نِزَاعَ أَنَّهُ كَانَ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ كَالشَّمْسِ الطَّالِعَةِ، فَلَوْلَا أَنَّهُ عَرَفَ فِيهِ ضَعْفًا وَإِلَّا لَمَا قَالَ ذَلِكَ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مَا أَبَاحَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِلْمُقِيمِ، وَأَبَاحَهُ لِلْمُسَافِرِ مَهْمَا شَاءَ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ فِيهِ.
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ جَوَّزُوهُ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ بَعْدَ اللُّبْسِ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: ابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ: يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْمَسْحِ بَعْدَ الْحَدَثِ، قَالُوا: فَهَذَا الِاخْتِلَافُ الشَّدِيدُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ مَا بَلَغَ مَبْلَغَ الظُّهُورِ وَالشُّهْرَةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ الْقَوْلُ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ لَمَّا تَعَارَضَتْ تَسَاقَطَتْ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَى ظَاهِرِ كِتَابِ اللَّه تَعَالَى. الْخَامِسُ: أَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى مَعْرِفَةِ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ حَاجَةٌ عَامَّةٌ فِي حَقِّ كُلِّ الْمُكَلَّفِينَ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوعًا لَعَرَفَهُ الْكُلُّ، وَلَبَلَغَ/ مَبْلَغَ التَّوَاتُرِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ظَهَرَ ضَعْفُهُ، فَهَذَا جُمْلَةُ كَلَامِ مَنْ أَنْكَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ.
وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَقَالُوا: ظَهَرَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ الْقَوْلُ بِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنَ الْبَاقِينَ إِنْكَارٌ، فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا مِنَ الصَّحَابَةِ، فَهَذَا أَقْوَى مَا يُقَالُ فِيهِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ أَصْحَابِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ،
وَأَمَّا إِنْكَارُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فَرُوِيَ أَنَّ عِكْرِمَةَ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ، فَلَمَّا سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْهُ فَقَالَ:
كَذَبَ عَلَيَّ. وَقَالَ عَطَاءٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُخَالِفُ النَّاسَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لَكِنَّهُ لَمْ يَمُتْ حَتَّى وَافَقَهُمْ، وَأَمَّا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا
فَرُوِيَ أَنَّ شُرَيْحَ بْنَ هَانِئٍ قَالَ: سَأَلْتُهَا عَنْ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ فَقَالَتِ: اذْهَبْ إِلَى عَلِيٍّ فَاسْأَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسْفَارِهِ، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ امْسَحْ،
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَائِشَةَ تَرَكَتْ ذَلِكَ الْإِنْكَارَ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: رَجُلٌ مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ سَقَطَ عَنْهُ هَذَانِ الْفَرْضَانِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَمَسْحُ الرَّأْسِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَنْ يُوَضِّئُهُ أَوْ يُيَمِّمُهُ يَسْقُطُ عَنْهُ ذلك أيضا، لأن قوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ مَشْرُوطٌ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَا مَحَالَةَ، فَإِذَا فَاتَتِ الْقُدْرَةُ سَقَطَ التَّكْلِيفُ، فَهَذَا جُمْلَةُ مَا يَتَعَلَّقُ مِنَ الْمَسَائِلِ بِآيَةِ الْوُضُوءِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ فَتَطَهَّرُوا، إِلَّا أَنَّ التَّاءَ تُدْغَمُ فِي الطَّاءِ لِأَنَّهُمَا مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا أُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الطَّاءِ سَكَنَ أَوَّلُ الْكَلِمَةِ فَزِيدَ فِيهَا أَلِفُ الْوَصْلِ لِيُبْتَدَأَ بِهَا. فَقِيلَ: اطهروا.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست