responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 288
أَحْكَامِهَا، وَالْقِسْمُ الثَّانِي أَنْوَاعٌ يُمْكِنُ اسْتِنْبَاطُ الْحُكْمِ فِيهَا بِوَاسِطَةِ قِيَاسِهَا عَلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِالْقِيَاسِ وَتَعَبَّدَ الْمُكَلَّفِينَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيَانًا لِكُلِّ الْأَحْكَامِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ إِكْمَالًا للدين.
قال نفاة القياس: الطريق الْمُقْتَضِيَةُ لِإِلْحَاقِ غَيْرِ الْمَنْصُوصِ بِالْمَنْصُوصِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ دَلَائِلَ قَاطِعَةً أَوْ غَيْرَ قَاطِعَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَلَا نِزَاعَ فِي صِحَّتِهِ، فَإِنَّا نُسَلِّمُ أَنَّ الْقِيَاسَ الْمَبْنِيَّ عَلَى الْمُقَدِّمَاتِ الْيَقِينِيَّةِ حُجَّةٌ، إِلَّا أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْقِيَاسِ يَكُونُ الْمُصِيبُ فِيهِ وَاحِدًا، وَالْمُخَالِفُ يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِلْعِقَابِ، وَيُنْقَضُ قَضَاءُ الْقَاضِي فِيهِ وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ هُوَ الْقِسْمَ الثَّانِيَ كَانَ ذَلِكَ تَمْكِينًا لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ هَلْ هُوَ دِينُ اللَّه أَمْ لَا، وَهَلْ هُوَ الْحُكْمُ الَّذِي حَكَمَ بِهِ اللَّه أَمْ لَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَكُونُ إِكْمَالًا لِلدِّينِ، بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ إِلْقَاءً لِلْخَلْقِ فِي وَرْطَةِ الظُّنُونِ وَالْجَهَالَاتِ، قَالَ/ مُثْبِتُو الْقِيَاسِ: إِذَا كَانَ تَكْلِيفُ كُلِّ مُجْتَهِدٍ أَنْ يَعْمَلَ بِمُقْتَضَى ظَنِّهِ كَانَ ذَلِكَ إِكْمَالًا لِلدِّينِ، وَيَكُونُ كُلُّ مُكَلَّفٍ قَاطِعًا بِأَنَّهُ عَامِلٌ بِحُكْمِ اللَّه فَزَالَ السُّؤَالُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: هَذِهِ الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الرَّافِضَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَئِسُوا مِنْ تَبْدِيلِ الدِّينِ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ فَلَوْ كَانَتْ إمامة عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَنْصُوصًا عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ اللَّه تَعَالَى وقبل رسول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصًّا وَاجِبَ الطَّاعَةِ لَكَانَ مَنْ أَرَادَ إِخْفَاءَهُ وَتَغْيِيرَهُ آيِسًا مِنْ ذَلِكَ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْآيَةِ، فَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَقْدِرَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى إِنْكَارِ ذَلِكَ النَّصِّ وَعَلَى تَغْيِيرِهِ وَإِخْفَائِهِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلْ لَمْ يَجْرِ لِهَذَا النَّصِّ ذِكْرٌ، وَلَا ظَهَرَ مِنْهُ خَبَرٌ وَلَا أَثَرٌ، عَلِمْنَا أَنَّ ادِّعَاءَ هَذَا النَّصِّ كَذِبٌ، وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَا كَانَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِالْإِمَامَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ أَصْحَابُ الْآثَارِ: إِنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَمَّرْ بَعْدَ نُزُولِهَا إِلَّا أَحَدًا وَثَمَانِينَ يَوْمًا، أَوِ اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ يَوْمًا، وَلَمْ يَحْصُلْ فِي الشَّرِيعَةِ بَعْدَهَا زِيَادَةٌ وَلَا نَسْخٌ وَلَا تَبْدِيلٌ الْبَتَّةَ، وَكَانَ ذَلِكَ جَارِيًا مَجْرَى إِخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قُرْبِ وَفَاتِهِ، وَذَلِكَ إِخْبَارٌ عَنِ الْغَيْبِ فَيَكُونُ مُعْجِزًا، وَمِمَّا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ مَا
رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى الصَّحَابَةِ فَرِحُوا جِدًّا وَأَظْهَرُوا السُّرُورَ الْعَظِيمَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَإِنَّهُ بَكَى فَسُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى قُرْبِ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْكَمَالِ إِلَّا الزَّوَالُ،
فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى كَمَالِ عِلْمِ الصِّدِّيقِ حَيْثُ وَقَفَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى سِرٍّ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الدِّينَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى وَإِيجَادِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَضَافَ إِكْمَالَ الدِّينِ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَلَنْ يَكُونَ إِكْمَالُ الدِّينِ مِنْهُ إِلَّا وَأَصْلُهُ أَيْضًا مِنْهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّا سَوَاءٌ قُلْنَا: الدِّينُ عِبَارَةٌ عَنِ الْعَمَلِ، أَوْ قُلْنَا إِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنِ الْمَعْرِفَةِ، أَوْ قُلْنَا إِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ الِاعْتِقَادِ وَالْإِقْرَارِ وَالْفِعْلِ فَالِاسْتِدْلَالُ ظَاهِرٌ.
وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَإِنَّهُمْ يَحْمِلُونَ ذَلِكَ عَلَى إِكْمَالِ بَيَانِ الدِّينِ وَإِظْهَارِ شَرَائِعِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الَّذِي ذَكَرُوهُ عُدُولٌ عَنِ الْحَقِيقَةِ إِلَى الْمَجَازِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَمَعْنَى أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي بِإِكْمَالِ أَمْرِ الدِّينِ وَالشَّرِيعَةِ كَأَنَّهُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 288
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست