responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 284
مُشْرِفٍ فَتَمُوتُ، وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْمَيْتَةِ لِأَنَّهَا مَاتَتْ وَمَا سَالَ مِنْهَا الدَّمُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إِذَا أَصَابَهُ سَهْمٌ وَهُوَ فِي الْجَبَلِ فَسَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مَاتَ بِالتَّرَدِّي أَوْ بِالسَّهْمِ، وَالثَّامِنُ: النَّطِيحَةُ، وَهِيَ الْمَنْطُوحَةُ إِلَى أَنْ مَاتَتْ، وَذَلِكَ مِثْلُ شَاتَيْنِ تَنَاطَحَا إِلَى أَنْ مَاتَا أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَهَذَا أَيْضًا دَاخِلٌ فِي الْمَيْتَةِ لِأَنَّهَا مَاتَتْ مِنْ غَيْرِ سَيَلَانِ الدَّمِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ دُخُولَ الْهَاءِ فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ، أَعْنِي: الْمُنْخَنِقَةَ، وَالْمَوْقُوذَةَ، وَالْمُتَرَدِّيَةَ، وَالنَّطِيحَةَ، إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهَا صِفَاتٌ لِمَوْصُوفٍ مُؤَنَّثٍ وَهُوَ الشَّاةُ، كَأَنَّهُ قِيلَ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الشَّاةُ الْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ، وَخُصَّتِ الشَّاةُ لِأَنَّهَا مِنْ أَعَمِّ مَا يَأْكُلُهُ النَّاسُ، وَالْكَلَامُ يَخْرُجُ عَلَى الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ هُوَ الْكُلُّ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ أَثْبَتَ الْهَاءَ فِي النَّطِيحَةِ مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْأَصْلِ مَنْطُوحَةً فَعَدَلَ بِهَا إِلَى النَّطِيحَةِ، وَفِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ تَكُونُ الْهَاءُ مَحْذُوفَةً، كَقَوْلِهِمْ: كَفٌّ خَضِيبٌ، وَلِحْيَةٌ دَهِينٌ، وَعَيْنٌ كَحِيلٌ.
قُلْنَا: إنما تحذف الهاء من الفعلية إِذَا كَانَتْ صِفَةً لِمَوْصُوفٍ يَتَقَدَّمُهَا، فَإِذَا لَمْ يُذْكَرِ الْمَوْصُوفُ وَذُكِرَتِ الصِّفَةُ وَضَعْتَهَا مَوْضِعَ الْمَوْصُوفِ، تَقُولُ: رَأَيْتُ قَتِيلَةَ بَنِي فُلَانٍ بِالْهَاءِ لِأَنَّكَ إِنْ لَمْ تُدْخِلِ الْهَاءَ لَمْ يُعْرَفْ أَرَجُلٌ هُوَ أَوِ امْرَأَةٌ، فَعَلَى هَذَا إِنَّمَا دَخَلَتِ الْهَاءُ فِي النَّطِيحَةِ لِأَنَّهَا صِفَةٌ لِمُؤَنَّثٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ وَهُوَ الشَّاةُ، وَالتَّاسِعُ: قَوْلُهُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: السَّبُعُ: اسْمٌ يَقَعُ عَلَى مَا لَهُ نَابٌ وَيَعْدُو عَلَى الْإِنْسَانِ وَالدَّوَابِّ وَيَفْتَرِسُهَا، / مِثْلَ الْأَسَدِ وَمَا دُونَهُ، وَيَجُوزُ التَّخْفِيفُ فِي سَبُعٍ فَيُقَالُ: سَبْعٌ وَسَبْعَةٌ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو: السَّبْعُ بِسُكُونِ الْبَاءِ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَكِيلُ السَّبُعِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا جَرَحَ السَّبُعُ شَيْئًا فَقَتَلَهُ وَأَكَلَ بَعْضَهُ أَكَلُوا مَا بَقِيَ، فَحَرَّمَهُ اللَّه تَعَالَى. وَفِي الْآيَةِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: وَمَا أَكَلَ مِنْهُ السَّبُعُ لِأَنَّ مَا أَكَلَهُ السَّبُعُ فَقَدْ نَفِدَ وَلَا حُكْمَ لَهُ، وَإِنَّمَا الْحُكْمُ لِلْبَاقِي.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَصْلُ الذَّكَاءِ فِي اللُّغَةِ إِتْمَامُ الشَّيْءِ، وَمِنْهُ الذَّكَاءُ فِي الْفَهْمِ وَهُوَ تَمَامُهُ، وَمِنْهُ الذَّكَاءُ فِي السِّنِّ، وَقِيلَ: جَرْيُ الْمُذَكِّيَاتِ غِلَابٌ، أَيْ جَرْيُ الْمُسِنَّاتِ الَّتِي قَدْ أَسَنَّتْ، وَتَأْوِيلُ تَمَامِ السِّنِّ النِّهَايَةُ فِي الشَّبَابِ، فَإِذَا نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ أَوْ زَادَ فَلَا يُقَالُ لَهُ الذَّكَاءُ فِي السِّنِّ، وَيُقَالُ ذَكَّيْتُ النَّارَ أَيْ أَتْمَمْتُ إِشْعَالَهَا.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا الْأَصْلَ فَنَقُولُ: الِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ فِيهِ أَقْوَالٌ: الْأَوَّلُ:
أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ إِلَى قَوْلِهِ وَما أَكَلَ السَّبُعُ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ
وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ، فَعَلَى هَذَا إِنَّكَ إِنْ أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ بِأَنْ وَجَدْتَ لَهُ عَيْنًا تَطْرِفُ أَوْ ذَنَبًا يَتَحَرَّكُ أَوْ رِجْلًا تَرْكُضُ فَاذْبَحْ فَإِنَّهُ حَلَالٌ، فَإِنَّهُ لَوْلَا بَقَاءُ الْحَيَاةِ فِيهِ لَمَا حَصَلَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ، فَلَمَّا وَجَدْتَهَا مَعَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَيَاةَ بِتَمَامِهَا حَاصِلَةٌ فِيهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ مُخْتَصٌّ بِقَوْلِهِ وَما أَكَلَ السَّبُعُ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ كَأَنَّهُ قِيلَ: لَكِنْ مَا ذَكَّيْتُمْ مِنْ غَيْرِ هَذَا فَهُوَ حَلَالٌ.
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ التَّحْرِيمِ لَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، يَعْنِي حَرَّمَ عَلَيْكُمْ مَا مَضَى إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ فَإِنَّهُ لَكُمْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست