responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 276
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة المائدة (5)
مدنية وآياتها مائة وعشرون

[سورة المائدة (5) : آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (1)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: يُقَالُ: وَفَى بِالْعَهْدِ وَأَوْفَى بِهِ، ومنه الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ [الْبَقَرَةِ: 177] وَالْعَقْدُ هُوَ وَصْلُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِيثَاقِ وَالْإِحْكَامِ، وَالْعَهْدُ إِلْزَامٌ، وَالْعَقْدُ الْتِزَامٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِحْكَامِ، وَلَمَّا كَانَ الْإِيمَانُ عِبَارَةً عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّه تَعَالَى بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَحْكَامِهِ وَأَفْعَالِهِ وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ إِظْهَارُ الِانْقِيَادِ للَّه تَعَالَى فِي جَمِيعِ تَكَالِيفِهِ وَأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ فَكَانَ هَذَا الْعَقْدُ أَحَدَ الْأُمُورِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي تَحَقُّقِ ماهية الإيمان، فلهذا قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ يَعْنِي يَا أَيُّهَا الَّذِينَ الْتَزَمْتُمْ بِإِيمَانِكُمْ أَنْوَاعَ الْعُقُودِ وَالْعُهُودِ فِي إِظْهَارِ طَاعَةِ اللَّه أَوْفُوا بِتِلْكَ الْعُقُودِ، وَإِنَّمَا سَمَّى اللَّه تَعَالَى هَذِهِ التَّكَالِيفَ عُقُودًا كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّهُ تَعَالَى رَبَطَهَا بِعِبَادِهِ كَمَا يُرْبَطُ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ بِالْحَبْلِ الْمُوَثَّقِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى تَارَةً يُسَمِّي هَذِهِ التَّكَالِيفَ عُقُودًا كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ [الْمَائِدَةِ: 89] وَتَارَةً عُهُودًا، قَالَ تَعَالَى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ [الْبَقَرَةِ: 40] وَقَالَ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ [النَّحْلِ: 91] وَحَاصِلُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ أَمَرَ بِأَدَاءِ التَّكَالِيفِ فِعْلًا وَتَرْكًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: إِذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْعِيدِ أَوْ نَذَرَ ذَبْحَ الْوَلَدِ لَغَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّه: بَلْ يَصِحُّ. حُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ نَذَرَ الصَّوْمَ وَالذَّبْحَ فَيَلْزَمُهُ الصَّوْمُ وَالذَّبْحُ، بَيَانُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْعِيدِ، وَنَذَرَ ذبح الولد، وصوم يوم الْعِيدِ مَاهِيَّةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنَ الصَّوْمِ وَمِنْ وُقُوعِهِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ، وَكَذَلِكَ ذَبْحُ الْوَلَدِ مَاهِيَّةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنَ الذَّبْحِ وَمِنْ وُقُوعِهِ فِي الْوَلَدِ، وَالْآتِي بِالْمُرَكَّبِ يَكُونُ آتِيًا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مُفْرَدَيْهِ، فَمُلْتَزِمُ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ وَذَبْحِ الْوَلَدِ يَكُونُ لَا مَحَالَةَ مُلْتَزِمًا لِلصَّوْمِ وَالذَّبْحِ.
إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: وَجَبَ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَالذَّبْحُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:
لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ [الصَّفِّ: 2] وَلِقَوْلِهِ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ [الْإِنْسَانِ: 7]
وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «فِ بِنَذْرِكَ»
أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ لَغَا هَذَا النَّذْرَ فِي خُصُوصِ كَوْنِ الصَّوْمِ وَاقِعًا فِي يَوْمِ الْعِيدِ، وَفِي خُصُوصِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست