responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 261
يَنْقُلُونَ عَنْ أَسْلَافِهِمْ أَنَّهُمْ شَاهَدُوهُ مَقْتُولًا، لِأَنَّا نَقُولُ: إِنَّ تَوَاتُرَ النَّصَارَى يَنْتَهِي إِلَى أَقْوَامٍ قَلِيلِينَ لَا يَبْعُدُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى أَلْقَى شَبَهَهُ عَلَى إِنْسَانٍ آخَرَ ثُمَّ فِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْيَهُودَ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّهُ حَاضِرٌ فِي الْبَيْتِ الْفُلَانِيِّ مَعَ أَصْحَابِهِ أَمَرَ يَهُوذَا رَأْسُ الْيَهُودِ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ يُقَالُ لَهُ طَيْطَايُوسُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيُخْرِجَهُ لِيَقْتُلَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَخْرَجَ اللَّه عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ سَقْفِ الْبَيْتِ وَأَلْقَى عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ شَبَهَ عِيسَى فَظَنُّوهُ هُوَ فَصَلَبُوهُ وَقَتَلُوهُ. الثَّانِي: وَكَّلُوا بِعِيسَى رَجُلًا يَحْرُسُهُ وَصَعِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْجَبَلِ وَرُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ، وَأَلْقَى اللَّه شَبَهَهُ عَلَى ذَلِكَ الرَّقِيبِ فَقَتَلُوهُ وَهُوَ يَقُولُ لَسْتُ بِعِيسَى. الثَّالِثُ: أَنَّ الْيَهُودَ لَمَّا هَمُّوا بِأَخْذِهِ وَكَانَ مَعَ عِيسَى عَشَرَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُمْ: مَنْ يَشْتَرِي الْجَنَّةَ بِأَنْ يُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي؟ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنَا، فَأَلْقَى اللَّه شَبَهَ عِيسَى عَلَيْهِ فَأُخْرِجَ وَقُتِلَ، وَرَفَعَ اللَّه عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. الرَّابِعُ: كَانَ رَجُلٌ يَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَ مُنَافِقًا فَذَهَبَ إِلَى الْيَهُودِ وَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَ مَعَ الْيَهُودِ لِأَخْذِهِ أَلْقَى اللَّه تَعَالَى شَبَهَهُ عَلَيْهِ فَقُتِلَ وَصُلِبَ. وَهَذِهِ الْوُجُوهُ مُتَعَارِضَةٌ مُتَدَافِعَةٌ واللَّه أَعْلَمُ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَوْلَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ هُمُ النَّصَارَى وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ بِأَسْرِهِمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلُوهُ، إِلَّا أَنَّ كِبَارَ فِرَقِ النَّصَارَى ثَلَاثَةٌ: النُّسْطُورِيَّةُ، وَالْمَلْكَانِيَّةُ، وَالْيَعْقُوبِيَّةُ.
أَمَّا النُّسْطُورِيَّةُ فَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ الْمَسِيحَ صُلِبَ مِنْ جِهَةِ نَاسُوتِهِ لَا من جهة لا هوته، وَأَكْثَرُ الْحُكَمَاءِ يَرَوْنَ مَا يَقْرُبُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، قَالُوا: لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ هَذَا الْهَيْكَلِ بَلْ هُوَ إِمَّا جسم شريف مناسب فِي هَذَا الْبَدَنِ، وَإِمَّا جَوْهَرٌ رُوحَانِيٌّ مُجَرَّدٌ فِي ذَاتِهِ وَهُوَ مُدَبِّرٌ فِي هَذَا الْبَدَنِ، فَالْقَتْلُ إِنَّمَا وَرَدَ عَلَى هَذَا الْهَيْكَلِ، وَأَمَّا النَّفْسُ الَّتِي هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَالْقَتْلُ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ، لَا يُقَالُ: فَكُلُّ إِنْسَانٍ كَذَلِكَ فَمَا الْوَجْهُ لِهَذَا التَّخْصِيصِ؟ لِأَنَّا نَقُولُ: إِنَّ نَفْسَهُ كَانَتْ قُدُسِيَّةً عُلْوِيَّةً سَمَاوِيَّةً شَدِيدَةَ الْإِشْرَاقِ بِالْأَنْوَارِ الْإِلَهِيَّةِ عَظِيمَةَ الْقُرْبِ مِنْ أَرْوَاحِ الْمَلَائِكَةِ، وَالنَّفْسُ مَتَى كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ يَعْظُمْ تَأَلُّمُهَا بِسَبَبِ الْقَتْلِ وَتَخْرِيبِ الْبَدَنِ، ثُمَّ إِنَّهَا بَعْدَ الِانْفِصَالِ عَنْ ظُلْمَةِ الْبَدَنِ تتخلص إلى فسحة السموات وَأَنْوَارِ عَالَمِ الْجَلَالِ فَيَعْظُمُ بَهْجَتُهَا وَسَعَادَتُهَا هُنَاكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ غَيْرُ حَاصِلَةٍ لِكُلِّ النَّاسِ بَلْ هِيَ غَيْرُ حَاصِلَةٍ مِنْ مَبْدَأِ خِلْقَةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى قِيَامِ الْقِيَامَةِ إِلَّا لِأَشْخَاصٍ قَلِيلِينَ، فَهَذَا هُوَ الْفَائِدَةُ فِي تَخْصِيصِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ.
وَأَمَّا الْمَلْكَانِيَّةُ فَقَالُوا: الْقَتْلُ وَالصَّلْبُ وَصَلَا إِلَى اللَّاهُوتِ بِالْإِحْسَاسِ وَالشُّعُورِ لَا بِالْمُبَاشَرَةِ.
وَقَالَتِ الْيَّعْقُوبِيَّةُ: الْقَتْلُ وَالصَّلْبُ وَقَعَا بِالْمَسِيحِ الَّذِي هُوَ جَوْهَرٌ مُتَوَلِّدٌ مِنْ جَوْهَرَيْنِ، فَهَذَا هُوَ شَرْحُ مَذَاهِبِ النَّصَارَى فِي هَذَا الْبَابِ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ.
القول الثَّانِي: إِنَّ الْمُرَادَ بِالَّذِينِ اخْتَلَفُوا هُمُ الْيَهُودُ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ لَمَّا قَتَلُوا الشَّخْصَ الْمُشَبَّهَ بِهِ كَانَ الشَّبَهُ قَدْ أُلْقِيَ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يُلْقَ عَلَيْهِ شَبَهُ جَسَدِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمَّا قَتَلُوهُ وَنَظَرُوا إِلَى بَدَنِهِ قَالُوا:
الْوَجْهُ وَجْهُ عِيسَى وَالْجَسَدُ جَسَدُ غَيْرِهِ. الثَّانِي: قَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّ الْيَهُودَ حَبَسُوا عِيسَى مع عشرة مِنْ الْحَوَارِيِّينَ فِي

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 261
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست