responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 254
الْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ، وَالْمَعْنَى لَا يُحِبُّ اللَّه الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ، لَكِنَّ الْمَظْلُومَ لَهُ أَنْ يَجْهَرَ بِظُلَامَتِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: الْمَظْلُومُ مَاذَا يَفْعَلُ؟ فِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: قَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يُحِبُّ/ اللَّه رَفْعَ الصَّوْتِ بِمَا يَسُوءُ غَيْرَهُ إِلَّا الْمَظْلُومَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالدُّعَاءِ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ. الثَّانِي: قَالَ مُجَاهِدٌ: إِلَّا أَنْ يُخْبِرَ بِظُلْمِ ظَالِمِهِ لَهُ. الثَّالِثُ: لَا يَجُوزُ إِظْهَارُ الْأَحْوَالِ الْمَسْتُورَةِ الْمَكْتُومَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَصِيرُ سَبَبًا لِوُقُوعِ النَّاسِ فِي الْغِيبَةِ وَوُقُوعِ ذَلِكَ الْإِنْسَانِ فِي الرِّيبَةِ، لَكِنْ مَنْ ظُلِمَ فَيَجُوزُ إِظْهَارُ ظُلْمِهِ بِأَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ سُرِقَ أَوْ غُصِبَ، وَهَذَا قَوْلُ الْأَصَمِّ. الرَّابِعُ: قَالَ الْحَسَنُ: إِلَّا أَنْ يَنْتَصِرَ مِنْ ظَالِمِهِ.
قِيلَ نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فَإِنَّ رَجُلًا شَتَمَهُ فَسَكَتَ مِرَارًا، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: شَتَمَنِي وَأَنْتَ جَالِسٌ، فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ قُمْتَ، قَالَ: إِنَّ مَلَكًا كَانَ يُجِيبُ عَنْكَ، فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ ذَهَبَ ذَلِكَ الْمَلَكُ وَجَاءَ الشَّيْطَانُ، فَلَمْ أَجْلِسْ عِنْدَ مَجِيءِ الشَّيْطَانِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَرَأَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْكِبَارِ: الضَّحَّاكُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ بِفَتْحِ الظَّاءِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ كَلَامٌ تَامٌّ، وَقَوْلُهُ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ كَلَامٌ مُنْقَطِعٌ عَمَّا قَبْلَهُ، وَالتَّقْدِيرُ: لَكِنْ مَنْ ظَلَمَ فَدَعُوهُ وَخَلُّوهُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: يَعْنِي لَكِنْ مَنْ ظَلَمَ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ ظُلْمًا وَاعْتِدَاءً. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا وَالتَّقْدِيرُ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْجَهْرُ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ مَعَهُ.
ثُمَّ قَالَ: وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً وَهُوَ تَحْذِيرٌ مِنَ التَّعَدِّي فِي الْجَهْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، يَعْنِي فَلْيَتَّقِ اللَّه وَلَا يَقُلْ إِلَّا الْحَقَّ وَلَا يَقْذِفْ مَسْتُورًا بِسُوءٍ فَإِنَّهُ يَصِيرُ عَاصِيًا للَّه بِذَلِكَ، وَهُوَ تَعَالَى سُمَيْعٌ لِمَا يَقُولُهُ عَلِيمٌ بِمَا يُضْمِرُهُ.

[سورة النساء (4) : آية 149]
إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً (149)
اعْلَمْ أَنَّ مَعَاقِدَ الْخَيْرَاتِ عَلَى كَثْرَتِهَا مَحْصُورَةٌ فِي أَمْرَيْنِ: صِدْقٌ مَعَ الْحَقِّ، وَخُلُقٌ مَعَ الْخَلْقِ، وَالَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْخَلْقِ مَحْصُورٌ فِي قِسْمَيْنِ إِيصَالُ نَفْعٍ إِلَيْهِمْ وَدَفْعُ ضَرَرٍ عَنْهُمْ، فَقَوْلُهُ إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ إِشَارَةٌ إِلَى إِيصَالِ النَّفْعِ إِلَيْهِمْ، وَقَوْلُهُ أَوْ تَعْفُوا إِشَارَةٌ إِلَى دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ، فَدَخَلَ فِي هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ وَأَعْمَالِ الْبِرِّ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً وَفِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى يَعْفُو عَنِ الْجَانِبَيْنِ/ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الِانْتِقَامِ، فَعَلَيْكُمْ أَنْ تَقْتَدُوا بِسُنَّةِ اللَّه تَعَالَى وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ. الثَّانِي: إِنَّ اللَّه كَانَ عَفُوًّا لِمَنْ عَفَا، قَدِيرًا عَلَى إِيصَالِ الثَّوَابِ إِلَيْهِ. الثَّالِثُ: قَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنَّ اللَّه تَعَالَى أَقْدَرُ عَلَى عَفْوِ ذنوبك منك على عفو صاحبك.

[سورة النساء (4) : الآيات 150 الى 151]
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (150) أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (151)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُنَافِقِينَ عَادَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَذَاهِبِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمُنَاقَضَاتِهِمْ وَذَكَرَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست