responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 203
الْغَزْوِ، فَلَمَّا كَانَتْ رُخَصُ السَّفَرِ مَخْصُوصَةً بِسَفَرٍ مُقَدَّرٍ، كَانَتِ الْحَاجَةُ إِلَى مِقْدَارِ السَّفَرِ الْمُفِيدِ لِلرُّخْصِ حَاجَةً عَامَّةً فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِينَ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَعَرَفُوهَا وَلَنَقْلُوهَا نَقْلًا مُتَوَاتِرًا، لَا سِيَّمَا وَهُوَ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّ هَذِهِ أَخْبَارٌ ضَعِيفَةٌ مَرْدُودَةٌ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَجُوزُ تَرْكُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ بِسَبَبِهَا. الثَّالِثُ: أَنَّ دَلَائِلَ الشَّافِعِيَّةِ وَدَلَائِلَ الْحَنَفِيَّةِ صَارَتْ مُتَقَابِلَةً مُتَدَافِعَةً، وَإِذَا تَعَارَضَتْ تَسَاقَطَتْ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى ظَاهِرِ الْقُرْآنِ، هَذَا تَمَامُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالَّذِي عِنْدِي فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ كَلِمَةَ (إِذَا) وَكَلِمَةَ (إِنْ) لَا يُفِيدَانِ إِلَّا كَوْنَ الشَّرْطِ مُسْتَعْقِبًا لِلْجَزَاءِ فَأَمَّا كَوْنُهُ مُسْتَعْقِبًا لِذَلِكَ الْجَزَاءِ فِي جَمِيعِ الأوقات فهذا غير لا زم، بدليل أنه إذا قال لا مرأته: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، أَوْ إِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَدَخَلَتْ مَرَّةً وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِذَا دَخَلَتِ الدَّارَ ثَانِيًا لَا يَقَعُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَلِمَةَ (إِذَا) وَكَلِمَةَ (إِنْ) لَا يفيدان الْعُمُومِ الْبَتَّةَ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا سَقَطَ اسْتِدْلَالُ أَهْلِ الظَّاهِرِ بِالْآيَةِ، فَإِنَّ الْآيَةَ لَا تُفِيدُ إِلَّا أَنَّ الضَّرْبَ فِي الْأَرْضِ يَسْتَعْقِبُ مَرَّةً وَاحِدَةً هَذِهِ الرُّخَصَ وَعِنْدَنَا الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِيمَا إِذَا كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا، فَأَمَّا السَّفَرُ الْقَصِيرُ فَإِنَّمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْآيَةِ لَوْ قُلْنَا إِنَّ كَلِمَةَ (إِذَا) لِلْعُمُومِ، وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ الأمر كذلك فقد سقط هذا الِاسْتِدْلَالُ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا ظَهَرَ أَنَّ الدَّلَائِلَ الَّتِي تَمَسَّكَ بِهَا الْمُجْتَهِدُونَ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ لَيْسَتْ وَاقِعَةً عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ فَكَانَتْ مَقْبُولَةً صَحِيحَةً، واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: زَعَمَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ أَنَّ جَوَازَ الْقَصْرِ مَخْصُوصٌ بِحَالِ الْخَوْفِ. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَ هَذَا الْحُكْمَ مَشْرُوطًا بِالْخَوْفِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَالْمَشْرُوطُ بِالشَّيْءِ عَدَمٌ عِنْدَ عَدَمِ ذَلِكَ الشَّرْطِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَحْصُلَ جَوَازُ الْقَصْرِ عِنْدَ الْأَمْنِ.
قَالُوا: وَلَا يَجُوزُ رَفْعُ هَذَا الشَّرْطِ بِخَبَرٍ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي نَسْخَ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَلَقَدْ صَعُبَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى قوله ذَكَرُوا فِيهِ/ وُجُوهًا مُتَكَلَّفَةً فِي الْآيَةِ لِيَتَخَلَّصُوا عَنْ هَذَا الْكَلَامِ. وَعِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا غُمُوضٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّا بَيَّنَّا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ [النِّسَاءِ: 31] أَنَّ كَلِمَةَ (إِنْ) وَكَلِمَةَ (إِذَا) يُفِيدَانِ أَنَّ عِنْدَ حُصُولِ الشَّرْطِ يَحْصُلُ الْمَشْرُوطُ، وَلَا يُفِيدَانِ أَنَّ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ يَلْزَمُ عدم المشروط، واستدللنا على صحة هذا الْكَلَامِ بِآيَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ خِفْتُمْ يَقْتَضِي أَنَّ عِنْدَ حصول الخوف تحصل الرخصة، ويقتضي أَنَّ عِنْدَ عَدَمِ الْخَوْفِ لَا تَحْصُلُ الرُّخْصَةُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَتِ الْآيَةُ سَاكِتَةً عَنْ حَالِ الْأَمْنِ بِالنَّفْيِ وَبِالْإِثْبَاتِ، وَإِثْبَاتُ الرُّخْصَةِ حَالَ الْأَمْنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ يَكُونُ إِثْبَاتًا لِحُكْمٍ سَكَتَ عَنْهُ الْقُرْآنُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، إِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ إِثْبَاتُ الْحُكْمِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَلَى خِلَافِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا لَمَّا كَانَ هَذَا الْحُكْمُ ثَابِتًا حَالَ الْأَمْنِ وَحَالَ الْخَوْفِ، فَمَا الْفَائِدَةُ فِي تَقْيِيدِهِ بِحَالِ الْخَوْفِ؟
قُلْنَا: إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي غَالِبِ أَسْفَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَكْثَرُهَا لَمْ يَخْلُ عَنْ خَوْفِ الْعَدُوِّ، فَذَكَرَ اللَّه هَذَا الشَّرْطَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ هُوَ الْأَغْلَبُ فِي الْوُقُوعِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْقَصْرَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ الْمُرَادُ مِنْهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِيمَاءِ وَالْإِشَارَةِ بَدَلًا عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَذَلِكَ هُوَ الصَّلَاةُ حَالَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ مَخْصُوصَةٌ بِحَالِ الْخَوْفِ، فَإِنَّ وَقْتَ الْأَمْنِ لَا يَجُوزُ الْإِتْيَانُ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، وَلَا تَكُونُ مُحَرَّمَةً وَلَا صَحِيحَةً، واللَّه

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست