responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 82
مِنْ عِقَابِ شُرْبِ هَذِهِ الْقَطْرَةِ، فَإِسْقَاطُ ذَلِكَ الثَّوَابِ الْعَظِيمِ بِعِقَابِ هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ ظُلْمٌ، وَإِنَّهُ مَنْفِيٌّ بِهَذِهِ الْآيَةِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَالَ الْجُبَّائِيُّ: إِنَّ عِقَابَ الْكَبِيرَةِ يُحْبِطُ ثَوَابَ جُمْلَةِ الطَّاعَاتِ، وَلَا يَنْحَبِطُ مِنْ ذَلِكَ الْعِقَابِ شَيْءٌ. وَقَالَ ابْنُهُ أَبُو هَاشِمٍ: بَلْ يَنْحَبِطُ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمَشْرُوعَ صَارَ حُجَّةً قَوِيَّةً لِأَصْحَابِنَا فِي بُطْلَانِ الْقَوْلِ بِالْإِحْبَاطِ فَإِنَّا نَقُولُ: لَوِ انْحَبَطَ ذَلِكَ الثَّوَابُ لَكَانَ إِمَّا أَنْ يحبط مثله من العقاب أولا يُحْبَطُ، وَالْقِسْمَانِ بَاطِلَانِ. فَالْقَوْلُ بِالْإِحْبَاطِ بَاطِلٌ. إِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُ لَا يَجُوزُ انْحِبَاطُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ سَبَبُ عَدَمِ كل واحد منهما وجود الآخر، فلو حصل العدمان معا لحصل الوجودان مَعًا، ضَرُورَةَ أَنَّ الْعِلَّةَ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ حَاصِلَةً مَعَ الْمَعْلُولِ، وَذَلِكَ مُحَالٌ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ انْحِبَاطُ الطَّاعَةِ بِالْمَعْصِيَةِ مَعَ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تَنْحَبِطُ بِالطَّاعَةِ، لِأَنَّ تِلْكَ الطَّاعَاتِ لَمْ يَنْتَفِعِ الْعَبْدُ بِهَا الْبَتَّةَ، لَا فِي جَلْبِ ثَوَابٍ، وَلَا فِي دَفْعِ عِقَابٍ وَذَلِكَ ظُلْمٌ، وَهُوَ يُنَافِي قَوْلَهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَلَمَّا بَطَلَ الْقِسْمَانِ ثَبَتَ الْقَوْلُ بِفَسَادِ الْإِحْبَاطِ عَلَى مَا تَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ إِلَى الْجَنَّةِ، فَقَالُوا: لَا شَكَّ أَنَّ ثَوَابَ الْإِيمَانِ، وَالْمُدَاوَمَةَ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَالْإِقْرَارَ بِأَنَّهُ هُوَ الْمَوْصُولُ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَالْمُوَاظَبَةَ عَلَى وَضْعِ الْجَبِينِ عَلَى تُرَابِ الْعُبُودِيَّةِ مِائَةَ سَنَةٍ: أَعْظَمُ ثَوَابًا مِنْ عِقَابِ شُرْبِ الْجُرْعَةِ مِنَ الْخَمْرِ، فَإِذَا حَضَرَ هَذَا الشَّارِبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأُسْقِطَ عَنْهُ قَدْرُ عِقَابِ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ مِنْ ذَلِكَ الثَّوَابِ الْعَظِيمِ فَضَلَ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ قَدْرٌ عَظِيمٌ، فَإِذَا أُدْخِلَ النَّارَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنَ الْعِقَابِ، فَلَوْ بَقِيَ هُنَاكَ لَكَانَ ذَلِكَ ظُلْمًا وَهُوَ بَاطِلٌ، فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ يَخْرُجُ إِلَى الْجَنَّةِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا هَذِهِ الْآيَةُ:
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ حَسَنَةٌ بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِهِ «كَانَ» التَّامَّةَ، وَالْمَعْنَى: وَإِنْ حَدَثَتْ حَسَنَةٌ، أَوْ وَقَعَتْ حَسَنَةٌ، وَالْبَاقُونَ بِالنَّصْبِ عَلَى تَقْدِيرِ «كَانَ» النَّاقِصَةِ وَالتَّقْدِيرِ: وَإِنْ تَكْ زِنَةُ الذَّرَّةِ حَسَنَةً. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ (يُضَعِّفْهَا) بِالتَّشْدِيدِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ مِنَ التَّضْعِيفِ، وَالْبَاقُونَ يُضاعِفْها بِالْأَلِفِ وَالتَّخْفِيفِ مِنَ الْمُضَاعَفَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تَكُ: أَصْلُهُ مِنْ «كَانَ يَكُونُ» وَأَصْلُهُ «تَكُونُ» سَقَطَتِ الضَّمَّةُ لِلْجَزْمِ، وَسَقَطَتِ الْوَاوُ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ النُّونِ فَصَارَ «تَكُنْ» ثُمَّ حَذَفُوا النُّونَ أَيْضًا لِأَنَّهَا سَاكِنَةٌ. وَهِيَ/ تُشْبِهُ حُرُوفَ اللِّينِ، وَحُرُوفُ اللِّينِ إِذَا وَقَعَتْ طَرَفًا سَقَطَتْ لِلْجَزْمِ، كَقَوْلِكَ: لَمْ أَدْرِ، أَيْ لَا أَدْرِي وَجَاءَ الْقُرْآنُ بِالْحَذْفِ وَالْإِثْبَاتِ، أَمَّا الْحَذْفُ فَهَهُنَا، وَأَمَّا الْإِثْبَاتُ، فَكَقَوْلِهِ: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً [النِّسَاءِ: 135] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ اللَّه تَعَالَى بَيَّنَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ أَنَّهُ لَا يَبْخَسُهُمْ حَقَّهُمْ أَصْلًا، وَبَيَّنَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَزِيدُهُمْ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِمْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الْمُضَاعَفَةِ لَيْسَ هُوَ الْمُضَاعَفَةُ فِي الْمُدَّةِ، لِأَنَّ مُدَّةَ الثَّوَابِ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ، وَتَضْعِيفُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست