responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 66
الْآخِرَةِ حَسَنَةً
[الْبَقَرَةِ: 201] وَرَوَى قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَتَمَنَّ أَحَدٌ الْمَالَ فَلَعَلَّ هَلَاكَهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ، كَمَا فِي حَقِّ ثَعْلَبَةَ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الآية: وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ.
المسألة الرابعة: ذَكَرُوا فِي سَبَبِ النُّزُولِ وُجُوهًا: الْأَوَّلُ:
قَالَ مُجَاهِدٌ قَالَتْ أَمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّه يَغْزُو الرِّجَالُ وَلَا نَغْزُو، وَلَهُمْ مِنَ الْمِيرَاثِ ضِعْفُ مَا لَنَا، فَلَيْتَنَا كُنَّا رِجَالًا فَنَزَلَتِ الْآيَةُ،
الثَّانِي: قَالَ السُّدِّيُّ: لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْمَوَارِيثِ قَالَ الرِّجَالُ: نَرْجُو أَنْ نُفَضَّلَ عَلَى النِّسَاءِ فِي الْآخِرَةِ كَمَا فُضِّلْنَا فِي الْمِيرَاثِ وَقَالَ النِّسَاءُ: نَرْجُو أَنْ يَكُونَ الْوِزْرُ عَلَيْنَا نِصْفَ مَا عَلَى الرِّجَالِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ: الثَّالِثُ: لَمَّا جَعَلَ اللَّه الْمِيرَاثَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ قَالَتِ النِّسَاءُ: نَحْنُ أَحْوَجُ لِأَنَّا ضُعَفَاءُ، وَهُمْ أَقْدَرُ عَلَى طَلَبِ الْمَعَاشِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ. الرَّابِعُ:
أَتَتْ وَاحِدَةٌ مِنَ النِّسَاءِ إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ: رَبُّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَاحِدٌ، وَأَنْتَ الرَّسُولُ إِلَيْنَا وَإِلَيْهِمْ، وَأَبُونَا آدَمُ وَأُمُّنَا حَوَّاءُ. فَمَا السَّبَبُ فِي أَنَّ اللَّه يَذْكُرُ الرِّجَالَ وَلَا يَذْكُرُنَا، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ. فَقَالَتْ: وَقَدْ سَبَقَنَا الرِّجَالُ بِالْجِهَادِ فَمَا لَنَا؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلْحَامِلِ مِنْكُنَّ أَجْرَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ فَإِذَا ضَرَبَهَا الطَّلْقُ لَمْ يَدْرِ أَحَدٌ مَا لَهَا مِنَ الْأَجْرِ، فَإِذَا أَرْضَعَتْ كَانَ لَهَا بِكُلِّ مَصَّةٍ أَجْرُ إِحْيَاءِ نَفْسٍ» .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْوَالِ الدُّنْيَا، وَأَنْ يَكُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْوَالِ الْآخِرَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا.
أَمَّا الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: فَفِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لِكُلِّ فَرِيقٍ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبَ مِنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْضَى بِمَا قَسَمَ اللَّه لَهُ. الثَّانِي: كُلُّ نَصِيبٍ مُقَدَّرُ مِنَ الْمِيرَاثِ عَلَى مَا حَكَمَ اللَّه بِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَرْضَى بِهِ، وَأَنْ يَتْرُكَ الِاعْتِرَاضَ، وَالِاكْتِسَابُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِمَعْنَى الْإِصَابَةِ وَالْإِحْرَازِ. الثَّالِثُ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ، فَأَبْطَلَ اللَّه ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَبَيَّنَ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَصِيبًا، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا.
وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: مَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْوَالِ الْآخِرَةِ فَفِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ لِكُلِّ أَحَدٍ قَدْرٌ مِنَ الثَّوَابِ يَسْتَحِقُّهُ بِكَرَمِ اللَّه وَلُطْفِهِ، فَلَا تَتَمَنَّوْا خِلَافَ/ ذَلِكَ. الثَّانِي: لِكُلِّ أَحَدٍ جَزَاءٌ مِمَّا اكْتَسَبَ مِنَ الطَّاعَاتِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُضَيِّعَهُ بِسَبَبِ الْحَسَدِ الْمَذْمُومِ وَتَقْدِيرُهُ: لَا تُضَيِّعْ مَالَكَ وَتَتَمَنَّ مَا لغيرك.
الثالث: للرجال نصيب مما اكتسبوا سبب قِيَامِهِمْ بِالنَّفَقَةِ عَلَى النِّسَاءِ، وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ، يُرِيدُ حِفْظَ فُرُوجِهِنَّ وَطَاعَةَ أَزْوَاجِهِنَّ، وَقِيَامَهَا بِمَصَالِحِ الْبَيْتِ مِنَ الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ وَحِفْظِ الثِّيَابِ وَمَصَالِحِ الْمَعَاشِ، فَالنَّصِيبُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ هُوَ الثَّوَابُ.
وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ: فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ: كُلَّ هَذِهِ الْوُجُوهِ، لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ، وَلَا مُنَافَاةَ.
ثُمَّ قَالَ تعالى: وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَالْكِسَائِيُّ: (وَسَلُوا اللَّه مِنْ فَضْلِهِ) بِغَيْرِ هَمْزٍ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا مِنَ السُّؤَالِ، وَبِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُ وَاوٌ أَوْ فَاءٌ، وَالْبَاقُونَ بِالْهَمْزِ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست