responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 58
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ نَسْخًا لِلشَّرِيعَةِ بَطَلَ كَوْنُهُ مُفِيدًا لِلْحُكْمِ واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللَّه عَلَيْهِ، خِيَارُ الْمَجْلِسِ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحْمَةُ اللَّه عَلَيْهِ: ثَابِتٌ، احْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِالنُّصُوصِ: أَوَّلُهَا: هَذِهِ الْآيَةُ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي الْحِلَّ عِنْدَ حُصُولِ التَّرَاضِي، سَوَاءٌ حَصَلَ التَّفَرُّقُ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ. وَثَانِيهَا:
قَوْلُهُ: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فَأَلْزَمَ كُلَّ عَاقِدٍ الْوَفَاءَ بِمَا عَقَدَ عَنْ نَفْسِهِ. وَثَالِثُهَا:
قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبَةٍ مِنْ نفسه»
وقد حصلت الطيبة هاهنا بِعَقْدِ الْبَيْعِ، فَوَجَبَ أَنْ يَحْصُلَ الْحِلُّ. وَرَابِعُهَا:
قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فلا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ»
جَوَّزَ بَيْعَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَخَامِسُهَا: مَا
رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصِّيعَانُ، وَأَبَاحَ بَيْعَهُ إِذَا جَرَى فِيهِ الصِّيعَانُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ الِافْتِرَاقَ.
وَسَادِسُهَا:
قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ»
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ كَمَا اشْتَرَى حَصَلَ الْعِتْقُ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَحْصُلُ الْمِلْكُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يُسَلِّمُ عُمُومَ هَذِهِ النُّصُوصِ، لَكِنَّهُ يَقُولُ: أَنْتُمْ أَثْبَتُّمْ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ فِي شِرَاءِ مَا لَمْ يَرَهُ الْمُشْتَرِي بِحَدِيثٍ اتَّفَقَ الْمُحَدِّثُونَ عَلَى ضَعْفِهِ، فَنَحْنُ أَيْضًا نُثْبِتُ خِيَارَ الْمَجْلِسِ بِحَدِيثٍ اتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ عَلَى قَبُولِهِ، وَهُوَ
قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا»
وَتَأْوِيلَاتُ أَصْحَابِ/ أَبِي حَنِيفَةَ لِهَذَا الْخَبَرِ وَأَجْوِبَتُهَا مَذْكُورَةٌ فِي الْخِلَافِيَّاتِ واللَّه أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذَا نَهْيٌ عَنْ أَنْ يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَإِنَّمَا قَالَ: أَنْفُسَكُمْ
لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الْمُؤْمِنُونَ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ»
وَلِأَنَّ الْعَرَبَ يَقُولُونَ: قُتِلْنَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ إِذَا قُتِلَ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ قَتْلَ بَعْضِهِمْ يَجْرِي مَجْرَى قَتْلِهِمْ. وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ هَذَا الْخِطَابَ هَلْ هُوَ نَهْيٌ لَهُمْ عَنْ قَتْلِهِمْ أَنْفُسَهُمْ؟ فَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ مَعَ إِيمَانِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْهَى عَنْ قَتْلِ نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ مُلْجَأٌ إِلَى أَنْ لَا يَقْتُلَ نَفْسَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّارِفَ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا قَائِمٌ، وَهُوَ الْأَلَمُ الشَّدِيدُ وَالذَّمُّ الْعَظِيمُ، وَالصَّارِفُ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْآخِرَةِ قَائِمٌ، وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْعَذَابِ الْعَظِيمِ، وَإِذَا كَانَ الصَّارِفُ خَالِصًا امْتَنَعَ مِنْهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا يُمْكِنُ أَنْ يُذْكَرَ هَذَا النَّهْيُ فِيمَنْ يَعْتَقِدُ فِي قَتْلِ نَفْسِهِ مَا يَعْتَقِدُهُ أَهْلُ الْهِنْدِ، وَذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى مِنَ الْمُؤْمِنِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ مَعَ كَوْنِهِ مُؤْمِنًا باللَّه وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، قَدْ يَلْحَقُهُ مِنَ الْغَمِّ وَالْأَذِيَّةِ مَا يَكُونُ الْقَتْلُ عَلَيْهِ أَسْهَلَ مِنْ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ نَرَى كَثِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ يَقْتُلُونَ أَنْفُسَهُمْ بِمِثْلِ السَّبَبِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ فِي النَّهْيِ عَنْهُ فَائِدَةٌ، وَأَيْضًا فَفِيهِ احْتِمَالٌ آخَرُ، كَأَنَّهُ قِيلَ: لَا تَفْعَلُوا مَا تَسْتَحِقُّونَ بِهِ الْقَتْلَ: مِنَ الْقَتْلِ وَالرِّدَّةِ وَالزِّنَا بَعْدَ الْإِحْصَانِ، ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ وَلِأَجْلِ رَحْمَتِهِ نَهَاهُمْ عَنْ كُلِّ مَا يَسْتَوْجِبُونَ بِهِ مَشَقَّةً أَوْ مِحْنَةً، وَقِيلَ: إِنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِقَتْلِهِمْ أَنْفُسَهُمْ لِيَكُونَ تَوْبَةً لَهُمْ وَتَمْحِيصًا لِخَطَايَاهُمْ وَكَانَ بِكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ رَحِيمًا، حَيْثُ لَمْ يُكَلِّفْكُمْ تِلْكَ التَّكَالِيفَ الصَّعْبَةَ.
ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِيهِ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ قَوْلَهُ: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ إِلَى مَاذَا يَعُودُ؟ عَلَى وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: قال عطاء:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست