responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 53
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اعْلَمْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ صَيَّرُوا هَذِهِ الْآيَةَ أَصْلًا فِي نُقْصَانِ حُكْمِ الْعَبْدِ عَنْ حُكْمِ الْحُرِّ/ فِي غَيْرِ الْحَدِّ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأُمُورِ مَا لَا يَجِبُ ذَلِكَ فِيهِ واللَّه أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى نِكَاحِ الْإِمَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ، وَالْعَنَتُ هُوَ الضَّرَرُ الشَّدِيدُ الشاق قال تعالى فيما رخص فيه من مُخَالَطَةَ الْيَتَامَى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ [الْبَقَرَةِ: 220] أَيْ لَشَدَّدَ الْأَمْرَ عَلَيْكُمْ فَأَلْزَمَكُمْ تَمْيِيزَ طَعَامِكُمْ مِنْ طَعَامِهِمْ فَلَحِقَكُمْ بِذَلِكَ ضَرَرٌ شَدِيدٌ وَقَالَ:
وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ [آلِ عِمْرَانَ: 118] ، أَيْ أَحَبُّوا أَنْ تَقَعُوا فِي الضَّرَرِ الشَّدِيدِ.
وَلِلْمُفَسِّرِينَ فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشَّبَقَ الشَّدِيدَ وَالْغُلْمَةَ الْعَظِيمَةَ رُبَّمَا تَحْمِلُ عَلَى الزِّنَا فَيَقَعُ فِي الْحَدِّ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْعَذَابِ الْعَظِيمِ فِي الْآخِرَةِ، فَهَذَا هُوَ الْعَنَتُ. وَالثَّانِي: أَنَّ الشَّبَقَ الشَّدِيدَ وَالْغُلْمَةَ الْعَظِيمَةَ قَدْ تُؤَدِّي بِالْإِنْسَانِ إِلَى الْأَمْرَاضِ الشَّدِيدَةِ، أَمَّا فِي حَقِّ النِّسَاءِ فَقَدْ تُؤَدِّي إِلَى اخْتِنَاقِ الرَّحِمِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الرِّجَالِ فَقَدْ تُؤَدِّي إِلَى أَوْجَاعِ الْوَرِكَيْنِ وَالظَّهْرِ. وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ هُوَ اللَّائِقُ بِبَيَانِ الْقُرْآنِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْمُرَادُ أَنَّ نِكَاحَ الْإِمَاءِ بَعْدَ رِعَايَةِ شَرَائِطِهِ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّزَوُّجِ بِالْحُرَّةِ، وَوُجُودَ الْعَنَتِ، وَكَوْنَ الْأَمَةِ مُؤْمِنَةً: الْأَوْلَى تَرْكُهُ لِمَا بَيَّنَّا مِنَ الْمَفَاسِدِ الْحَاصِلَةِ فِي هَذَا النِّكَاحِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالنِّكَاحِ أَفْضَلُ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِالنَّوَافِلِ، فَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُمْ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالنِّكَاحِ مُطْلَقًا أَفْضَلُ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِالنَّوَافِلِ، سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ نِكَاحَ الْحُرَّةِ أَوْ نِكَاحَ الْأَمَةِ، فَهَذِهِ الْآيَةُ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي بُطْلَانِ قَوْلِهِمْ، وَإِنْ قَالُوا: إِنَّا لَا نُرَجِّحُ نِكَاحَ الْأَمَةِ عَلَى النَّافِلَةِ، فَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ، إِلَّا أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ مَا رَأَيْتُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِهِمْ واللَّه أَعْلَمُ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ: وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَهَذَا كَالْمُؤَكِّدِ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ هَذَا النِّكَاحِ، يَعْنِي أَنَّهُ وَإِنْ حَصَلَ مَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ إِلَّا أَنَّهُ تَعَالَى أَبَاحَهُ لَكُمْ لِاحْتِيَاجِكُمْ إِلَيْهِ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ واللَّه أعلم.

[سورة النساء (4) : آية 26]
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)
[في قوله تعالى يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ] فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِيُبَيِّنَ لَكُمْ فِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: قَالُوا: إِنَّهُ قَدْ تُقَامُ اللَّامُ مَقَامَ «أَنْ» فِي أَرَدْتَ وَأَمَرْتَ، فَيُقَالُ: أَرَدْتَ أَنْ تَذْهَبَ، وَأَرَدْتَ لِتَذْهَبَ، وَأَمَرْتُكَ أَنْ تَقُومَ، وَأَمَرْتُكَ لِتَقُومَ، قَالَ تَعَالَى:
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ [الصف: 8] يعني يريدون أن يطفؤا، وَقَالَ: وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [الْأَنْعَامِ: 71] .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ نَقُولَ: إِنَّ فِي الْآيَةِ إِضْمَارًا، وَالتَّقْدِيرُ: يُرِيدُ اللَّه إِنْزَالَ هَذِهِ الْآيَاتِ لِيُبَيِّنَ لكم دينكم

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست