responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 44
اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا أَنْهَى عَنْهُمَا: مُتْعَةُ الْحَجِّ، وَمُتْعَةُ النِّكَاحِ،
وَهَذَا مِنْهُ تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ مُتْعَةَ النِّكَاحِ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي عَهْدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَوْلُهُ: وَأَنَا أَنْهَى عَنْهُمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا نَسَخَهُ، وَإِنَّمَا عُمَرُ هُوَ الَّذِي نَسَخَهُ. وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: هَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حِلَّ الْمُتْعَةِ كَانَ ثَابِتًا فِي عَهْدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا نَسَخَهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ نَاسِخٌ إِلَّا نَسْخَ عُمَرَ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا وَجَبَ أَنْ لَا يَصِيرَ مَنْسُوخًا لِأَنَّ مَا كَانَ ثَابِتًا فِي زَمَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا نَسَخَهُ الرَّسُولُ، يَمْتَنِعُ أَنْ يَصِيرَ مَنْسُوخًا بِنَسْخِ عُمَرَ، وَهَذَا هُوَ الْحُجَّةُ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ حَيْثُ قَالَ: إِنَّ اللَّه أَنْزَلَ فِي الْمُتْعَةِ آيَةً وَمَا نَسَخَهَا بِآيَةٍ أُخْرَى، وَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُتْعَةِ وَمَا نَهَانَا عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ، يُرِيدُ أَنَّ عُمَرَ نَهَى عَنْهَا، فَهَذَا جُمْلَةُ وُجُوهِ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ الْمُتْعَةِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنْ نَقُولَ: هَذِهِ الْآيَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَبَيَانُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الْمُحَرَّمَاتِ بِالنِّكَاحِ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْآيَةِ:
وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ فَكَانَ الْمُرَادُ بِهَذَا التَّحْلِيلِ مَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَاكَ بِهَذَا التَّحْرِيمِ، لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَاكَ بِالتَّحْرِيمِ هو النكاح، فالمراد بالتحليل هاهنا أَيْضًا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ النِّكَاحَ. الثَّانِي: أَنَّهُ قَالَ: مُحْصِنِينَ وَالْإِحْصَانُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ. وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ: غَيْرَ مُسافِحِينَ سَمَّى الزِّنَا سِفَاحًا لِأَنَّهُ لَا مَقْصُودَ فِيهِ إِلَّا سَفْحُ الْمَاءِ، وَلَا يُطْلَبُ فِيهِ الْوَلَدُ وَسَائِرُ مَصَالِحِ النِّكَاحِ، وَالْمُتْعَةُ لَا يُرَادُ مِنْهَا إِلَّا سَفْحُ الْمَاءِ فَكَانَ سِفَاحًا، هَذَا مَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ. أَمَّا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: فَكَأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ أَصْنَافَ مَنْ يَحْرُمُ عَلَى الْإِنْسَانِ وَطْؤُهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ أَيْ وَأُحِلَّ لَكُمْ وَطْءُ مَا وَرَاءَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ، فَأَيُّ فَسَادٍ فِي هَذَا الْكَلَامِ؟ وَأَمَّا قَوْلُهُ ثَانِيًا: الْإِحْصَانُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَلَمْ يَذْكُرْ عَلَيْهِ دَلِيلًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ ثَالِثًا: الزِّنَا إِنَّمَا سُمِّيَ سِفَاحًا، لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ مِنْهُ إِلَّا سَفْحُ الْمَاءِ، وَالْمُتْعَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا سَفْحُ الْمَاءِ بِطَرِيقٍ مَشْرُوعٍ مَأْذُونٍ فِيهِ مِنْ قِبَلِ اللَّه، فَإِنْ قُلْتُمُ: الْمُتْعَةُ مُحَرَّمَةٌ، فَنَقُولُ: هَذَا أَوَّلُ الْبَحْثِ، فَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ، فَظَهَرَ أَنَّ الْكَلَامَ رِخْوٌ، وَالَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ نَقُولَ: إِنَّا لَا نُنْكِرُ أَنَّ الْمُتْعَةَ كَانَتْ مُبَاحَةً، إِنَّمَا الَّذِي نَقُولُهُ: إِنَّهَا صَارَتْ مَنْسُوخَةً، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ دَالَّةً عَلَى أَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَادِحًا فِي غَرَضِنَا، وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ أَيْضًا عَنْ تَمَسُّكِهِمْ بِقِرَاءَةِ أُبَيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنَّ تِلْكَ الْقِرَاءَةَ بِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهَا لَا تَدُلُّ إِلَّا عَلَى أَنَّ الْمُتْعَةَ كَانَتْ مَشْرُوعَةً، وَنَحْنُ لَا نُنَازِعُ فِيهِ، إِنَّمَا الَّذِي نَقُولُهُ: إِنَّ النَّسْخَ طَرَأَ عَلَيْهِ، وَمَا ذَكَرْتُمْ مِنَ الدَّلَائِلِ/ لَا يَدْفَعُ قَوْلَنَا، وَقَوْلُهُمُ: النَّاسِخُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَوَاتِرًا أَوْ آحَادًا.
قُلْنَا: لَعَلَّ بَعْضَهُمْ سَمِعَهُ ثُمَّ نَسِيَهُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْجَمْعِ الْعَظِيمِ تَذَكَّرُوهُ وَعَرَفُوا صِدْقَهُ فِيهِ فَسَلَّمُوا الْأَمْرَ لَهُ.
قَوْلُهُ: إِنَّ عُمَرَ أَضَافَ النَّهْيَ عَنِ الْمُتْعَةِ إِلَى نَفْسِهِ.
قُلْنَا: قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ الْمُتْعَةَ كَانَتْ مُبَاحَةً فِي شَرْعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَنْهَى عَنْهُ لَزِمَ تَكْفِيرُهُ وَتَكْفِيرُ كُلِّ مَنْ لَمْ يُحَارِبْهُ وَيُنَازِعْهُ، وَيُفْضِي ذَلِكَ إِلَى تَكْفِيرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ لَمْ يُحَارِبْهُ وَلَمْ يَرُدَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ الْمُتْعَةَ كَانَتْ مُبَاحَةً فِي زَمَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا أَنْهَى عَنْهَا لِمَا ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسَخَهَا، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَصِيرُ هَذَا الْكَلَامُ حُجَّةً لَنَا فِي مَطْلُوبِنَا واللَّه أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَالْمَعْنَى أَنَّ إِيتَاءَهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَمُهُورَهُنَّ فَرِيضَةٌ لازمة وواجبة،

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 44
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست