responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 39
قُلْنَا: التَّقْدِيرُ: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ لا رادة أَنْ تَبْتَغُوهُنَّ، أَيْ تَبْتَغُوا مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ، فَحُذِفَ ذِكْرُهُ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: لَا مَهْرَ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ:
يَجُوزُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَلَا تَقْدِيرَ فِيهِ. احْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَيَّدَ التَّحْلِيلَ بِقَيْدٍ، وَهُوَ الِابْتِغَاءُ بِأَمْوَالِهِمْ، وَالدِّرْهَمُ وَالدِّرْهَمَانِ لَا يُسَمَّى أَمْوَالًا، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ جَعْلُهَا مَهْرًا.
فَإِنْ قِيلَ: وَمَنْ عِنْدَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لَا يُقَالُ عِنْدَهُ أَمْوَالٌ، مَعَ أَنَّكُمْ تُجَوِّزُونَ كَوْنَهَا مَهْرًا.
قُلْنَا: ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنْ لَا تَكُونَ الْعَشَرَةُ كَافِيَةً، إِلَّا أَنَّا تَرَكْنَا الْعَمَلَ بِظَاهِرِ الْآيَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِهِ، فَتَمَسَّكَ فِي الْأَقَلِّ مِنَ الْعَشَرَةِ بِظَاهِرِ الْآيَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الِابْتِغَاءَ بِالْأَمْوَالِ جَائِزٌ، وَلَيْسَ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الِابْتِغَاءَ بِغَيْرِ الْأَمْوَالِ لَا يَجُوزُ، إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْمَفْهُومِ، وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهِ. ثُمَّ نَقُولُ: الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِي الْمَهْرِ وُجُوهٌ:
الْحُجَّةُ الْأُولَى: التَّمَسُّكُ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: بِأَمْوالِكُمْ مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ، فَيَقْتَضِي تَوَزُّعَ الْفَرْدِ عَلَى الْفَرْدِ، فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَتَمَكَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنِ ابْتِغَاءِ النِّكَاحِ بِمَا يُسَمَّى مَالًا، وَالْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ فِي هَذِهِ الْحَقِيقَةِ وَفِي هَذَا الِاسْمِ سَوَاءٌ، فَيَلْزَمُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ جَوَازُ ابْتِغَاءِ النِّكَاحِ بِأَيِّ شَيْءٍ يُسَمَّى مَالًا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ.
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: التَّمَسُّكُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ [الْبَقَرَةِ: 237] دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى سُقُوطِ النِّصْفِ عَنِ الْمَذْكُورِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بِدِرْهَمٍ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ إِلَّا نِصْفُ دِرْهَمٍ، وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهِ.
الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ: الْأَحَادِيثُ: مِنْهَا مَا
رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً جِيءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَزَوَّجَ بِهَا رَجُلٌ عَلَى نَعْلَيْنِ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «رَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ بِنَعْلَيْنِ» فَقَالَتْ: نَعَمْ فَأَجَازَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قِيمَةَ النَّعْلَيْنِ تَكُونُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ اللَّذَيْنِ لَا يَكُونُ تَزَوُّجُهُمَا إِلَّا عَلَى النَّعْلَيْنِ يَكُونَانِ فِي غَايَةِ الْفَقْرِ، وَنَعْلُ هَذَا الْإِنْسَانِ يَكُونُ قَلِيلَ الْقِيمَةِ جِدًّا. وَمِنْهَا مَا
رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَعْطَى امْرَأَةً فِي نِكَاحٍ كَفَّ دَقِيقٍ أَوْ سَوِيقٍ أَوْ طَعَامٍ فَقَدِ اسْتَحَلَّ»
وَمِنْهَا مَا
رُوِيَ فِي قِصَّةِ الْوَاهِبَةِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ لِمَنْ أَرَادَ التَّزَوُّجَ بِهَا: «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ»
وَذَلِكَ لَا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: لَوْ تَزَوَّجَ بِهَا عَلَى تَعْلِيمِ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَهْرًا وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، ثُمَّ قَالَ: إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى خِدْمَتِهِ سَنَةً، فَإِنْ كَانَ حُرًّا لها مَهْرُ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَلَهَا خِدْمَةُ سَنَةٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحْمَةُ اللَّه عَلَيْهِ: يَجُوزُ جَعْلُ ذَلِكَ مَهْرًا، احْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى قَوْلِهِ بِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: هَذِهِ الْآيَةُ وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى شَرَطَ فِي حُصُولِ الْحِلِّ أَنْ يَكُونَ الِابْتِغَاءُ بِالْمَالِ، وَالْمَالُ اسْمٌ لِلْأَعْيَانِ لَا لِلْمَنَافِعِ، الثَّانِي: قَالَ تَعَالَى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النِّسَاءِ: 4] وَذَلِكَ صِفَةُ الْأَعْيَانِ.
أَجَابَ الشَّافِعِيُّ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِابْتِغَاءَ بِالْمَالِ جَائِزٌ، وَلَيْسَ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ الِابْتِغَاءَ بِغَيْرِ الْمَالِ جَائِزٌ أَمْ لَا، وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ لَفْظَ الْإِيتَاءِ كَمَا يَتَنَاوَلُ الْأَعْيَانَ يَتَنَاوَلُ الْمَنَافِعَ الْمُلْتَزَمَةَ، وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّهُ خَرَجَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست