responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 36
إِلَّا أَنَّهُ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى تَحْرِيمِ أَصْنَافٍ أُخَرَ سِوَى هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ وَنَحْنُ نَذْكُرُهَا.
الصِّنْفُ الْأَوَّلُ: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا،
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا»
وَهَذَا خَبَرٌ مَشْهُورٌ مُسْتَفِيضٌ، وَرُبَّمَا قِيلَ: إِنَّهُ بَلَغَ مَبْلَغَ التَّوَاتُرِ، وَزَعَمَ الْخَوَارِجُ أَنَّ هَذَا خَبَرٌ وَاحِدٌ، وَتَخْصِيصُ عُمُومِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لَا يَجُوزُ، وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ عُمُومَ الْكِتَابِ مَقْطُوعُ الْمَتْنِ ظَاهِرُ الدَّلَالَةِ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ مَظْنُونُ الْمَتْنِ ظَاهِرُ الدَّلَالَةِ، فَكَانَ خَبَرُ الْوَاحِدِ أَضْعَفَ مِنْ عُمُومِ الْقُرْآنِ، فَتَرْجِيحُهُ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى تَقْدِيمِ الْأَضْعَفِ عَلَى الْأَقْوَى وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ. الثَّانِي: مِنْ جُمْلَةِ الْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ خَبَرُ مُعَاذٍ، وَإِنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ تَقْدِيمِ خَبَرِ الْوَاحِدِ عَلَى عُمُومِ الْقُرْآنِ مِنْ وَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ قَالَ: بِمَ تَحْكُمُ؟ قَالَ بِكِتَابِ اللَّه، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَالَ: بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدَّمَ التَّمَسُّكَ بِكِتَابِ اللَّه عَلَى التَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ، وَهَذَا يَمْنَعُ مِنْ تَقْدِيمِ السُّنَّةِ عَلَى الْكِتَابِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَالَ: بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَّقَ جَوَازَ التَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ عَلَى عَدَمِ الْكِتَابِ بِكَلِمَةِ «إِنْ» وَهِيَ لِلِاشْتِرَاطِ، وَالْمُعَلَّقُ عَلَى الشَّرْطِ عَدَمٌ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ. الثَّالِثُ: أَنَّ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ
قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِذَا رُوِيَ لَكُمْ عَنِّي حَدِيثٌ فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّه فَإِنْ وَافَقَهُ فَاقْبَلُوهُ وَإِلَّا فَرُدُّوهُ»
فهذا الخبر نقتضي أَنْ لَا يُقْبَلَ خَبَرُ الْوَاحِدِ/ إِلَّا عِنْدَ مُوَافَقَةِ الْكِتَابِ، فَإِذَا كَانَ خَبَرُ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ مُخَالِفًا لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَجَبَ رَدُّهُ. الرَّابِعُ: أَنَّ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ
مَعَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا لَا يَخْلُو الْحَالُ فِيهِمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إِمَّا أَنْ يُقَالَ: الْآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ الْخَبَرِ، فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْآيَةُ نَاسِخَةً لِلْخَبَرِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الْعَامَّ إِذَا وَرَدَ بَعْدَ الْخَاصِّ كَانَ الْعَامُّ نَاسِخًا لِلْخَاصِّ، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: الْخَبَرُ وَرَدَ بَعْدَ الْكِتَابِ، فَهَذَا يَقْتَضِي نسخ القرآن بخبر الواحد وإنه لا يجوز، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: وَرَدَا مَعًا، وَهَذَا أَيْضًا بَاطِلٌ لِأَنَّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَكُونُ الْآيَةُ وَحْدَهَا مُشْتَبِهَةً، وَيَكُونُ مَوْضِعُ الْحُجَّةِ مَجْمُوعَ الْآيَةِ مَعَ الْخَبَرِ، وَلَا يَجُوزُ لِلرَّسُولِ الْمَعْصُومِ أَنْ يَسْعَى فِي تَشْهِيرِ الشُّبْهَةِ وَلَا يَسْعَى فِي تَشْهِيرِ الْحُجَّةِ، فَكَانَ يَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُسْمِعَ أَحَدًا هَذِهِ الْآيَةَ إِلَّا مَعَ هَذَا الْخَبَرِ، وَأَنْ يُوجِبَ إِيجَابًا ظَاهِرًا عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ أَنْ لا يبلغوا هذه الآية أَحَدٍ إِلَّا مَعَ هَذَا الْخَبَرِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ اشْتِهَارُ هَذَا الْخَبَرِ مُسَاوِيًا لِاشْتِهَارِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ عَلِمْنَا فَسَادَ هَذَا الْقِسْمِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ بِتَقْدِيرِ أَنْ تَثْبُتَ صِحَّةُ هَذَا الْخَبَرِ قَطْعًا، إِلَّا أَنَّ التَّمَسُّكَ بِالْآيَةِ رَاجِحٌ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالْخَبَرِ. وَبَيَانُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي التَّحْلِيلِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ:
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ. وَأَمَّا
قَوْلُهُ: «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا»
فَلَيْسَ نَصًّا صَرِيحًا لِأَنَّ ظَاهِرَهُ إِخْبَارٌ، وَحَمْلُ الْإِخْبَارِ عَلَى النَّهْيِ مَجَازٌ، ثُمَّ بِهَذَا التَّقْدِيرِ فَدَلَالَةُ لَفْظِ النَّهْيِ عَلَى التَّحْرِيمِ أَضْعَفُ مِنْ دَلَالَةِ لَفْظِ الْإِحْلَالِ عَلَى مَعْنَى الْإِبَاحَةِ. الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ صَرِيحٌ فِي تَحْلِيلِ كُلِّ مَا سِوَى الْمَذْكُورَاتِ، وَقَوْلُهُ: «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا» لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْعُمُومِ، بَلِ احْتِمَالُهُ لِلْمَعْهُودِ السَّابِقِ أَظْهَرُ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّهُ تَعَالَى اسْتَقْصَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ شَرْحَ أَصْنَافِ الْمُحَرَّمَاتِ فَعَدَّ مِنْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صِنْفًا، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا التَّفْصِيلِ التَّامِّ وَالِاسْتِقْصَاءِ الشَّدِيدِ قَالَ: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ فَلَوْ لَمْ يَثْبُتِ الْحِلُّ فِي كُلِّ مَنْ سِوَى هَذِهِ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ لَصَارَ هَذَا الِاسْتِقْصَاءُ عَبَثًا لغوا، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِكَلَامِ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، فَهَذَا تَقْرِيرُ وُجُوهِ السُّؤَالِ فِي هَذَا الْبَابِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست