responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 179
الزَّكَوَاتِ، وَكَمَا قُلْنَا فِي أَخْذِ الضَّمَانَاتِ. وَأَمَّا فِي إِيجَابِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ، وَتَخْصِيصُ عُمُومِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ مَعْلُومٌ، وخبر الواحد مظنون، وتقديم المظنون على المعلوم غَيْرُ جَائِزٍ، وَلِأَنَّ هَذَا خَبَرٌ وَاحِدٌ وَرَدَ/ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَيُرَدُّ، وَلِأَنَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ وَرَدَ عَلَى مُخَالَفَةِ جَمِيعِ أُصُولِ الشَّرَائِعِ، فَوَجَبَ رَدُّهُ، وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَقَدْ تَمَسَّكُوا فِيهِ بِالْخَبَرِ وَالْأَثَرِ وَالْآيَةِ: أَمَّا الْخَبَرُ: فَمَا
رَوَى الْمُغِيرَةُ أَنَّ امْرَأَةً ضَرَبَتْ بَطْنَ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، فَقَضَى رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَاقِلَةِ الضَّارِبَةِ بِالْغِرَّةِ، فَقَامَ حَمَلُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ: كَيْفَ نَدِي مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ، وَلَا صَاحَ ولا استهل، ومثل ذلك بطل، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا مِنْ سَجْعِ الْجَاهِلِيَّةِ،
وَأَمَّا الْأَثَرُ: فَهُوَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَضَى عَلَى عَلِيٍّ بِأَنْ يَعْقِلَ عَنْ مَوْلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حِينَ جَنَى مَوْلَاهَا، وَعَلِيٌّ كَانَ ابْنَ أَخِي صَفِيَّةَ، وَقَضَى لِلزُّبَيْرِ بِمِيرَاثِهَا، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ. وَقَالَ الْأَصَمُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ: دِيَتُهَا مِثْلُ دِيَةِ الرَّجُلِ. حُجَّةُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ عَلِيًّا وَعُمَرَ وَابْنَ مَسْعُودٍ قَضَوْا بِذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْمِيرَاثِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الرَّجُلِ، فَكَذَلِكَ فِي الدِّيَةِ. وَحُجَّةُ الْأَصَمِّ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَخَلَ فِيهَا حُكْمُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِيهَا ثَابِتًا بِالسَّوِيَّةِ واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ مُخَفَّفَةٌ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ: الثُّلُثُ فِي السَّنَةِ، وَالثُّلُثَانِ فِي السَّنَتَيْنِ، وَالْكُلُّ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ. اسْتَفَاضَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ فَكَانَ إِجْمَاعًا.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: لَا فرق في هذه الدية بين أين يُقْضَى مِنْهَا الدَّيْنُ وَتُنَفَّذَ مِنْهَا الْوَصِيَّةُ، وَيُقَسَّمَ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّه تَعَالَى.
رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ تَطْلُبُ نَصِيبَهَا مِنْ دِيَةِ الزَّوْجِ فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَعْلَمُ لَكِ شَيْئًا، إِنَّمَا الدِّيَةُ لِلْعُصْبَةِ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ عَنْهُ، فَشَهِدَ بَعْضٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُورِثَ الزَّوْجَةَ من دية زوجها، فقضى عمر بذلك،
وإذا قَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسَائِلَ فَلْنَرْجِعْ إِلَى تَفْسِيرِ الْآيَةِ فَنَقُولُ: قَوْلُهُ: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ مَعْنَاهُ فَعَلَيْهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، وَالتَّحْرِيرُ عِبَارَةٌ عَنْ جَعْلِهِ حُرًّا، وَالْحُرُّ هُوَ الْخَالِصُ، وَلَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ خُلِقَ لِيَكُونَ مَالِكًا لِلْأَشْيَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً [الْبَقَرَةِ: 29] فَكَوْنُهُ مَمْلُوكًا يَكُونُ صِفَةَ تَكَدُّرِ مُقْتَضَى الْإِنْسَانِيَّةِ وَتَشَوُّشِهَا، فَلَا جَرَمَ سُمِّيَتْ إِزَالَةُ الْمُلْكِ تَحْرِيرًا، أَيْ تَخْلِيصًا لِذَلِكَ الْإِنْسَانِ عَمَّا يُكَدِّرُ إِنْسَانِيَّتَهُ، وَالرَّقَبَةُ عِبَارَةٌ عَنِ النَّسَمَةِ كَمَا قَدْ يُجْعَلُ الرَّأْسُ أَيْضًا عِبَارَةً عَنْ نَسَمَةٍ فِي قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ يَمْلِكُ كَذَا رَأْسًا مِنَ الرَّقِيقِ، وَالْمُرَادُ بِرَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ كُلُّ رَقَبَةٍ كَانَتْ عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا تُجْزِي إِلَّا رَقَبَةٌ قَدْ صَلَّتْ وَصَامَتْ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ. وَقَوْلُهُ: وَدِيَةٌ/ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: الدِّيَةُ مِنَ الْوَدْيِ كَالشِّيَةِ مِنَ الْوَشْيِ، وَالْأَصْلُ وَدِيَةٌ فَحُذِفَتِ الْوَاوُ يُقَالُ: وَدَى فُلَانٌ فُلَانًا، أَيْ أَدَّى دِيَتَهُ إِلَى وَلِيِّهِ، ثُمَّ إِنَّ الشَّرْعَ خَصَّصَ هَذَا اللَّفْظَ بِمَا يُؤَدَّى فِي بَدَلِ النَّفْسِ دُونَ مَا يُؤَدَّى فِي بَدَلِ الْمُتْلَفَاتِ، وَدُونَ مَا يُؤَدَّى فِي بَدَلِ الْأَطْرَافِ وَالْأَعْضَاءِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا أَصْلُهُ يَتَصَدَّقُوا فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الصَّادِ، وَمَعْنَى التَّصَدُّقِ الْإِعْطَاءُ قَالَ اللَّه تَعَالَى: وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ [يُوسُفَ: 88] وَالْمَعْنَى: إِلَّا أَنْ يَتَصَدَّقُوا بِالدِّيَةِ فَيَعْفُوا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست