responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 172
المسألة الأولى: قوله تعالى: أَوْ جاؤُكُمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى صِلَةِ الَّذِينَ وَالتَّقْدِيرُ: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ بِالْمُعَاهَدِينَ أَوِ الَّذِينَ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ فَلَا يُقَاتِلُونَكُمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى صِفَةِ «قَوْمٍ» وَالتَّقْدِيرُ: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ، أَوْ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ فَلَا يُقَاتِلُونَكُمْ، والأوّل أولى لوجهين: أحدهما: قوله تعالى: فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [النساء: 89] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِتَرْكِ التَّعَرُّضِ لَهُمْ هُوَ تَرْكُهُمْ لِلْقِتَالِ، وَهَذَا إِنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا عَلَى الِاحْتِمَالِ الثاني فالسبب الموجب لترك التعرض لهم وهو الِاتِّصَالُ بِمَنْ تَرَكَ الْقِتَالَ. الثَّانِي: أَنَّ جَعْلَ تَرْكِ الْقِتَالِ مُوجِبًا لِتَرْكِ التَّعَرُّضِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِ الِاتِّصَالِ بِمَنْ تَرَكَ الْقِتَالَ سَبَبًا قَرِيبًا لترك التعرض، لا ن عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ يَكُونُ تَرْكُ الْقِتَالِ سَبَبًا قَرِيبًا لِتَرْكِ التَّعَرُّضِ، وَعَلَى السَّبَبِ الثَّانِي يَصِيرُ سَبَبًا بَعِيدًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ مَعْنَاهُ ضَاقَتْ صُدُورُهُمْ عَنِ الْمُقَاتَلَةِ فَلَا يُرِيدُونَ قتالكم لأنكم مسلمون، ولا يريدون قتالهم لا نهم أَقَارِبُهُمْ. وَاخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ قَوْلِهِ: حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ وَذَكَرُوا وُجُوهًا: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ بِإِضْمَارِ «قَدْ» وَذَلِكَ لِأَنَّ «قَدْ» تُقَرِّبُ/ الْمَاضِيَ مِنَ الْحَالِ، أَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، وَيُقَالُ أَتَانِي فُلَانٌ ذَهَبَ عَقْلُهُ، أَيْ أَتَانِي فُلَانٌ قَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ: وَتَقْدِيرُ الْآيَةِ، أو جاؤكم حال ما قد حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ. الثَّانِي: أَنَّهُ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، كأنه قال: أو جاؤكم ثُمَّ أَخْبَرَ بَعْدَهُ فَقَالَ:
حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ قَوْلُهُ: حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ بَدَلًا من جاؤُكُمْ الثالث: أن يكون التقدير: جاؤكم قوما حصرت صدورهم أو جاؤكم رِجَالًا حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ، فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ قَوْلُهُ:
حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ نُصِبَ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَنْصُوبٍ عَلَى الْحَالِ، إِلَّا أَنَّهُ حَذَفَ الْمَوْصُوفَ الْمُنْتَصِبَ عَلَى الْحَالِ. وَأُقِيمَتْ صِفَتُهُ مَقَامَهُ، وَقَوْلُهُ: أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ مَعْنَاهُ ضَاقَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ قِتَالِكُمْ وَعَنْ قِتَالِ قَوْمِهِمْ فَهُمْ لَا عَلَيْكُمْ وَلَا لَكُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الَّذِينَ اسْتَثْنَاهُمُ اللَّه تَعَالَى أَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ أَوْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ الْجُمْهُورُ:
هُمْ مِنَ الْكُفَّارِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ قَتْلَ الْكَافِرِ إِلَّا إِذَا كَانَ مُعَاهِدًا أَوْ تَارِكًا لِلْقِتَالِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ، وَعَلَى هَذَا التقدير فالقول بالنسخ لا زم لِأَنَّ الْكَافِرَ وَإِنْ تَرَكَ الْقِتَالَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ:
إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَوْجَبَ الْهِجْرَةَ عَلَى كُلِّ مَنْ أَسْلَمَ اسْتَثْنَى مَنْ لَهُ عُذْرٌ فَقَالَ: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ وَهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَصَدُوا الرَّسُولَ لِلْهِجْرَةِ وَالنُّصْرَةِ، إِلَّا أَنَّهُمْ كَانَ فِي طَرِيقِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ مَا لَمْ يَجِدُوا طَرِيقًا إِلَيْهِ خَوْفًا مِنْ أُولَئِكَ الْكُفَّارِ، فَصَارُوا إِلَى قَوْمٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ وَأَقَامُوا عِنْدَهُمْ إِلَى أَنْ يُمْكِنَهُمُ الْخَلَاصَ، وَاسْتَثْنَى بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ صَارَ إِلَى الرَّسُولِ وَلَا يُقَاتِلُ الرَّسُولَ وَلَا أَصْحَابَهُ، لِأَنَّهُ يَخَافُ اللَّه تَعَالَى فِيهِ، وَلَا يُقَاتِلُ الْكُفَّارَ أَيْضًا لِأَنَّهُمْ أَقَارِبُهُ، أَوْ لِأَنَّهُ أَبْقَى أَوْلَادَهُ وَأَزْوَاجَهُ بَيْنَهُمْ، فَيَخَافُ لَوْ قَاتَلَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوا أَوْلَادَهُ وَأَصْحَابَهُ، فَهَذَانِ الْفَرِيقَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَحِلُّ قِتَالُهُمْ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمُ الْهِجْرَةُ وَلَا مُقَاتَلَةُ الْكُفَّارِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ التَّسْلِيطُ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ السَّلَاطَةِ وَهِيَ الْحِدَّةُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنَّ اللَّه تَعَالَى مَنَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِكَفِّ بَأْسِ الْمُعَاهَدِينَ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ ضِيقَ صُدُورِهِمْ عَنْ قِتَالِكُمْ إِنَّمَا هُوَ لِأَنَّ اللَّه قَذَفَ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَلَوْ أَنَّهُ تَعَالَى قَوَّى قُلُوبَهُمْ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ لَتَسَلَّطُوا عَلَيْهِمْ.
قَالَ أَصْحَابُنَا: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْبُحُ مِنَ اللَّه تَعَالَى تَسْلِيطُ الكفار عَلَى الْمُؤْمِنِ وَتَقْوِيَتُهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست