responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 50
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: قَالُوا الْحَرْفُ مَا جَاءَ لِمَعْنًى في غيره، وهذه لَفْظٌ مُبْهَمٌ، لِأَنَّهُمْ إِنْ أَرَادُوا مَعْنَى الْحَرْفِ أَنَّ الْحَرْفَ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى يَكُونُ المعنى حاصلا في غيره وحاصلا فِي غَيْرِهِ لَزِمَهُمْ أَنْ تَكُونَ أَسْمَاءُ الْأَعْرَاضِ وَالصِّفَاتِ كُلُّهَا حُرُوفًا، وَإِنْ أَرَادُوا بِهِ أَنَّهُ الَّذِي دَلَّ عَلَى مَعْنًى يَكُونُ مَدْلُولُ ذَلِكَ اللَّفْظِ غَيْرَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فَهَذَا ظَاهِرُ الْفَسَادِ، وَإِنْ أَرَادُوا بِهِ مَعْنًى ثَالِثًا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: التَّرْكِيبَاتُ الْمُمْكِنَةُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ سِتَّةٌ: الِاسْمُ مَعَ الِاسْمِ، وَهُوَ الْجُمْلَةُ الْحَاصِلَةُ مِنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ، وَالِاسْمُ مَعَ الْفِعْلِ، وَهُوَ الْجُمْلَةُ الْحَاصِلَةُ مِنَ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَهَاتَانِ الْجُمْلَتَانِ مُفِيدَتَانِ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ- وَهُوَ الِاسْمُ مَعَ الْحَرْفِ- فَقِيلَ: إِنَّهُ يُفِيدُ فِي صُورَتَيْنِ.
الصُّورَةُ الْأُولَى: قَوْلُكَ: «يَا زَيْدُ» فَقِيلَ: ذَلِكَ إِنَّمَا أَفَادَ لِأَنَّ قَوْلَنَا يَا زَيْدُ فِي تَقْدِيرِ أُنَادِي وَاحْتَجُّوا عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِمْ بِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ لَفْظَ يَا تَدْخُلُهُ الْإِمَالَةُ وَدُخُولُ الْإِمَالَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الِاسْمِ أَوِ الْفِعْلِ، وَالثَّانِي أَنَّ لَامَ الْجَرِّ تَتَعَلَّقُ بِهَا فَيُقَالُ: «يَا لِزَيْدٍ» فَإِنَّ هَذِهِ اللَّامَ لَامُ الِاسْتِغَاثَةِ وَهِيَ حَرْفُ جَرٍّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَوْلُنَا يَا قَائِمَةً مَقَامَ الْفِعْلِ وَإِلَّا لَمَا جَازَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا حَرْفُ الْجَرِّ، لِأَنَّ الْحَرْفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْحَرْفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ يَا بِمَعْنَى أُنَادِي وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ قَوْلَهُ أُنَادِي إِخْبَارٌ عَنِ النِّدَاءِ، وَالْإِخْبَارُ عَنِ الشَّيْءِ مُغَايِرٌ لِلْمُخْبَرِ عَنْهُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُنَا أُنَادِي زَيْدًا مُغَايِرًا لِقَوْلِنَا يَا زَيْدُ، الثَّانِي أَنَّ قَوْلَنَا أُنَادِي زَيْدًا كَلَامٌ مُحْتَمِلٌ لِلتَّصْدِيقِ والتكذيب وقولنا يا زيد لا يحتملهما، الثَّالِثُ أَنَّ قَوْلَنَا يَا زَيْدُ لَيْسَ خِطَابًا إِلَّا مَعَ الْمُنَادَى، وَقَوْلَنَا أُنَادِي زَيْدًا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْمُنَادَى. الرَّابِعُ أَنَّ قَوْلَنَا يَا زَيْدُ يَدُلُّ عَلَى حُصُولِ النِّدَاءِ فِي الْحَالِ، وَقَوْلَنَا أُنَادِي زَيْدًا لَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْحَالِ، الْخَامِسُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ أُنَادِي زَيْدًا قَائِمًا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ يَا زَيْدُ قَائِمًا، فَدَلَّتْ هَذِهِ الْوُجُوهُ الْخَمْسَةُ عَلَى حُصُولِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُنَا: «زَيْدٌ فِي الدَّارِ» فَقَوْلُنَا زَيْدٌ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ هُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُنَا فِي إِلَّا أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ مَعْنَى الظَّرْفِيَّةِ قَدْ يَكُونُ فِي الدَّارِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، فَأُضِيفَتْ هَذِهِ الظَّرْفِيَّةُ إِلَى الدَّارِ لِتَتَمَيَّزَ هَذِهِ الظَّرْفِيَّةُ عَنْ سَائِرِ أَنْوَاعِهَا، فَإِنْ قَالُوا: هَذَا الْكَلَامُ إِنَّمَا أَفَادَ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ زَيْدٌ اسْتَقَرَّ فِي الدَّارِ وَزَيْدٌ مُسْتَقِرٌّ فِي الدَّارِ، فَنَقُولُ: هَذَا بَاطِلٌ، لِأَنَّ قَوْلَنَا اسْتَقَرَّ مَعْنَاهُ حَصَلَ فِي الِاسْتِقْرَارِ فَكَانَ قَوْلُنَا فِيهِ يُفِيدُ حُصُولًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ حَصَلَ فِيهِ حُصُولُ ذَلِكَ الِاسْتِقْرَارِ وَذَلِكَ يفضي إلى التسلسل وهو محال، ثبت أَنَّ قَوْلَنَا زَيْدٌ فِي الدَّارِ كَلَامٌ تَامٌّ وَلَا يُمْكِنُ تَعْلِيقُهُ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ مُضْمَرٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: الْجُمْلَةُ الْمُرَكَّبَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُرَكَّبَةً تَرْكِيبًا أَوَّلِيًّا أَوْ ثَانَوِيًّا، أَمَّا الْمُرَكَّبَةُ تَرْكِيبًا أَوَّلِيًّا فَهِيَ الْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ أَوِ الْفِعْلِيَّةُ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْجُمْلَةَ الِاسْمِيَّةَ أَقْدَمُ فِي الرُّتْبَةِ مِنَ الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ لِأَنَّ الِاسْمَ بَسِيطٌ وَالْفِعْلَ مُرَكَّبٌ، وَالْبَسِيطُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُرَكَّبِ، فَالْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ أَقْدَمَ مِنَ الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: بَلِ الْفِعْلِيَّةُ أَقْدَمُ، لِأَنَّ الِاسْمَ غَيْرُ أَصِيلٍ فِي أَنْ يُسْنَدَ إِلَى غَيْرِهِ، فَكَانَتِ الْجُمْلَةُ الْفِعْلِيَّةُ أَقْدَمَ مِنَ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ، وَأَمَّا الْمُرَكَّبَةُ تَرْكِيبًا ثَانَوِيًّا فَهِيَ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ كَقَوْلِكَ: «إِنْ كَانَتِ الشَّمْسُ طَالِعَةً فَالنَّهَارُ مَوْجُودٌ» لِأَنَّ قَوْلَكَ: «الشَّمْسُ طَالِعَةٌ» جُمْلَةٌ وَقَوْلَكَ: «النَّهَارُ مَوْجُودٌ» جُمْلَةٌ أُخْرَى، ثُمَّ أَدْخَلْتَ حَرْفَ الشَّرْطِ فِي إِحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ، وَحَرْفَ الْجَزَاءِ فِي الجملة الأخرى، فحصل من مجموعهما جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست