نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 4 صفحه : 720
لأنّ الحديث واقع في الفعل لا في المباشر، والتعلق في إيطاله بخط المصحف، وأنّ الألف التي تكتب بعد واو الجمع غير ثابتة فيه: ركيك، لأنّ خط المصحف لم يراع في كثير منه حدّ المصطلح عليه في علم الخط، على أنى رأيت في الكتب المخطوطة بأيدى الأئمة المتقنين هذه الألف مرفوضة لكونها غير ثابتة في اللفظ والمعنى جميعا، لأن الواو وحدها معطية معنى الجمع، وإنما كتبت هذه الألف تفرقة بين واو الجمع وغيرها في نحو قولك: هم لم يدعوا، وهو يدعو، فمن لم يثبتها قال: المعنى كاف في التفرقة بينهما. وعن عيسى بن عمر وحمزة: أنهما كانا يرتكبان ذلك، أى يجعلان الضميرين للمطففين، ويقفان عند الواوين وقيفة يبينان بها ما أرادا. فإن قلت:
هلا قيل: أو اتزنوا، كما قيل أَوْ وَزَنُوهُمْ؟ قلت: كأن المطففين كانوا لا يأخذون ما يكال ويوزن إلا بالمكاييل دون الموازين لتمكنهم بالاكتيال من الاستيفاء والسرقة، لأنهم يدعدعون [1] ويحتالون في الملء، وإذا أعطوا كالوا أو وزنوا لتمكنهم من البخس في النوعين جميعا يُخْسِرُونَ ينقصون. يقال: خسر الميزان [2] وأخسره أَلا يَظُنُّ إنكار وتعجيب عظيم من حالهم في الاجتراء على التطفيف، كأنهم لا يخطرون ببالهم ولا يخمنون تخمينا أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ومحاسبون على مقدار الذرّة والخردلة. وعن قتادة: أوف يا ابن آدم كما تحب أن يوفى لك، واعدل كما تحب أن يعدل لك. وعن الفضيل: بخس الميزان سواد الوجه يوم القيامة.
وعن عبد الملك بن مروان: أن أعرابيا قال له: قد سمعت ما قال الله في المطففين: أراد بذلك أن المطفف قد توجه عليه الوعيد العظيم الذي سمعت به، فما ظنك بنفسك وأنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل ولا وزن. وفي هذا الإنكار والتعجيب وكلمة الظن، ووصف اليوم بالعظم، وقيام الناس فيه لله خاضعين، ووصفه ذاته برب العالمين: بيان بليغ لعظم الذنب وتفاقم الإثم في التطفيف وفيما كان في مثل حاله من الحيف وترك القيام بالقسط، والعمل على السوية والعدل في كل أخذ وإعطاء، بل في كل قول وعمل. وقيل: الظنّ بمعنى اليقين، والوجه ما ذكر، ونصب يَوْمَ يَقُومُ بمبعوثون. وقرئ بالجر بدلا من لِيَوْمٍ عَظِيمٍ وعن ابن عمر أنه قرأ هذه السورة فلما بلغ قوله يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ بكى نحيبا وامتنع من قراءة ما بعده.